تناولت جريدة “العالم الأمازيغي” في عددها الجديد 177 الصادر في شتنبر 2016، ملف “الكيف بين إفقار الفلاح وإغناء البارونات”، حيث ضمن حوارا مطولا مع الناشط المدني شريف ادرداك يشرح فيه وضعية بلاد الكيف الحقيقية بعيدا عن الخطاب السياسي المغلوط، هذا نصه:
– أزول، أولا نريد منكم نبذة مقتضبة عن شريف أدرداك.
شريف أدرداك من مواليد 1986 بالحسيمة، من أب صنهاجي ( مدشر إعطارن بقبيلة آي بونصر) و أم ريفية (إزمورن قبيلة إبقوين). حاليا أشتغل إطارا بوزارة المالية، و أنا خريج المدرسة الوطنية للتجارة و التسيير (فوج 2011)، و طالب باحث في سلك الدكتوراة.
على المستوى الجمعوي أشغل حاليا مهمة رئيس جمعية “أمازيغ صنهاجة الريف” (أول جمعية أمازيغية بمنطقة صنهاجة سراير)، نائب رئيس كنفدرالية جمعيات صنهاجة الريف للتنمية و رئيس الجمعية الأمازيغية لمساندة الشعب الفلسطيني.
و على المستوى الاعلامي فإني أشغل مهمة مدير نشر مجلة تيدغين للابحاث الأمازيغية و التنمية، ومدير نشر جريدة صنهاجة الورقية و الالكترونية.
– خلال السنوات الاخيرة بدأنا نسمع كثيرا عن منطقة “صنهاجة سراير”، هل يمكن لك ان توضح لنا اكثر عن ماهية المنطقة و ما هي المشاكل التي تعاني منها؟
“صنهاجة سراير” هي عبارة عن كنفدرالية قبائل امازيغية صنهاجية الاصل تتواجد بالريف الاوسط الأعلى و بها يتواجد جبل تيدغين أعلى قمم جبال الريف ب 2465 متر. تضم هذه الكنفدرالية 11 قبيلة: آيث مزذوي، زرقث، آيث خنوس، آي بونصر، آيث احمد، آيث سداث، آي بشير، تاغزوت، تركيست، آي بوشيبت و إكوثامن (كتامة).
لغويا، تتحدث أغلب هذه القبائل امازيغية صنهاجة سراير المسماة “الشلحة”، باستثناء قبيلتا تركيست و آي بوشيبت المعربتين تماما، و قبيلة إكوثامن (كتامة) التي يتحدث قرابة ثلث سكانها الامازيغية فيما يتحدث الباقي الدارجة. كما اننا نجد بعض المداشر المعربة في باقي القبائل الصنهاجية التي تتحدث الامازيغية.
تعاني منطقة “صنهاجة سراير” من عدة مشاكل، أولها زراعة الكيف و الاشكاليات المرتبطة به، حيث ساهم الكيف في تهميش المنطقة و جعلها حديقة خلفية لبارونات المخدرات و تجار الانتخابات الذين يستغلون المزارعين للتصويت لصالحهم، و التكالب على اجتثاث غابات الأرز و استنزاف الموارد المائية مما يهدد المنطقة بالجفاف و حرب المياه و كذا انجراف التربة. كما أن امازيغية و ثقافة “صنهاجة سراير” مهددة بالاندثار، و قد أشار لذلك تقرير اليونسكو سنة 2009. فنحن في نظر الريفيين “جبالة” و في نظر جبالة “روافة”، الشيء الذي جعل اغلب الصنهاجيين يتوجهون صوب طنجة-تطوان او المدن الأخرى عوض الحسيمة، و يتخلون عن هويتهم الأمازيغية الصنهاجية لصالح هويات زائفة (ريفي، جبلي أو جبلي د الريف)، و منهم من اختار التعريب الذاتي خصوصا الجيل الصاعد أو تعريب أبناءه ما دامت أمازيغيتهم (الشلحة) غير معترف بها في الشمال خصوصا و في المغرب عموما.
– العديد من الفلاحين يزرعون الكيف منذ عقود بمنطقة صنهاجة سراير، هل هي ثقافة متجذرة ؟
اختلفت الروايات بشأن تاريخ دخول زراعة الكيف للمغرب، فمنهم من ذهب إلى القول بأن العرب هم من استقدموها معهم عند نزوحهم للمغرب خلال القرن 7م، فيما يذهب البعض إلى القول بأن السلطان السعدي المنصور الذهبي هو من أدخلها خلال القرن 16م.
غير ان المؤكد هو أن الكيف كان متواجدا بقبيلة إكوثامن (كتامة) و آيت سداث و آيت بونصار بمنطقة “صنهاجة سراير” و قبيلة بني خالد بمنطقة “غمارا” بشمال المغرب عند نهاية القرن 19م بحسب ما جاء في كتاب “المغرب المجهول” للباحث الفرنسي أوغست مولييراس.
– حاليا و ارتباطا بالقنب الهندي، ما الذي تسمح به الدولة فيما يخص زراعة و حيازة و استهلاك الكيف؟
حاليا، القانون المغربي يجرم زراعة و استهلاك الكيف، و ذلك بناء على :
– ظهير صادر بتاريخ 24 أبريل 1954 يمنع زراعة و تحويل و استهلاك الكيف بمنطقة الحماية الفرنسية.
– قرار لوزير الصحة العمومية بتاريخ 11 يناير 1958 في تغيير قائمة الجدول المقيدة فيه المواد السامة المخصصة للطب الانساني و البيطري، حيث تم وضع القنب الهندي أو الكيف إلى جانب كل من الافيون و أوراق الكوكا و غيرهما ضمن لائحة المخدرات.
– بعد الاستقلال (1956)، تم ضم منطقة الحماية الاسبانية و منطقة طنجة الدولية لحظيرة المغرب، حيث كانت زراعة الكيف مسموحة بناء على القوانين الاسبانية، الشيء الذي جعل المغرب يتسامح في البداية مع هذه الزراعة إلى غاية 1960 التي تم فيها اصدار ظهير يقضي بمنع زراعة الكيف و استهلاكه بهذه المناطق، مشجعا المزارعين على تسليم منتوجاتهم من الكيف للدولة مقابل 4 دراهم للكيلوغرام، حيث كانت السلطات تعمل على اتلاف تلك المحاصيل فيما بعد.
– ظهير 21 ماي 1974 الذي نسخ القوانين السابقة، و هو المتعلق بزجر الإدمان على المخدرات، و بمقتضى هذا القانون تم اعتبار استيراد أو صنع أو نقل أو إصدار أو إمساك النباتات المخدرة بصفة غير مشروعة بمثابة جنحة يعاقب عليها القانون بعقوبة سجنية تتراوح ما بين 5 إلى 10 سنوات و بغرامة مالية تتراوح ما بين 5000 إلى 500000 درهم. كما نص على أنه يعاقب بالحبس من شهرين إلى سنة وبغرامة يتراوح قدرها بين 500 و 5000 درهم أو بإحدى هاتين العقوبتين فقط كل من استعمل بصفة غير مشروعة إحدى المواد أو النباتات المعتبرة مخدرات.
– ما الذين يطالب به حاليا النشطاء في المغرب، و ما هو موقفكم؟
لقد كانت بلاد الكيف على مدى عقود من الاستقلال تشبه علبة سوداء لا يعرف المتواجد خارجها سوى أنها منبع للمال الذي تدره زراعة الكيف و بأن المنحدرين منها كلهم أغنياء. كما ان حالة الخوف و الرعب التي يعيشوها مزارعو الكيف بسبب “المخزن” و قوانينه جعلتهم يكتمون أسرار معاناتهم خوفا من الاعتقال بتهمة زراعة القنب الهندي، الشيء الذي جعل أشخاصا لا ينحدرون من بلاد الكيف و لا يمتون بصلة لمزارعي القنب الهندي يستغلون الفرصة و يتحدثون عن مشكل الكيف و يسوقون حلولا لا علاقة لها بتطلعات المزارعين البسطاء مثل مسألة “تقنين زراعة الكيف” التي يرفضها كل مزارعي الكيف لأنها لا تخدم مصالحهم، فالتقنين يعني معه السماح لباقي مناطق المغرب بزراعة الكيف الشيء الذي سيؤثر على مداخيل المزارعين و سيجعل وضعيتهم المادية تتأزم علما ان بلاد الكيف تعيش في التهميش و لا تتوفر على مشاريع تنموية إسوة بباقي المناطق المجاورة، فالفلاح يزرع الكيف لكي يعيش فقط و المستفيد منه هو بارون المخدرات الذي تدر عليه تجارة المخدرات الملايين.
مشكلتنا نحن هي غياب التنمية و ليس الكيف، يوم تقوم الدولة بتوفير بنية تحتية و فرص شغل للسكان تضمن لهم مدخولا محترما آنذاك لن يزرع أحد الكيف باستثناء كبار المزارعين الذين تربطهم علاقات ببعض رجال السلطة و المنتخبين و رجال المياه و الغابات الذين يساعدونهم لزرع الكيف على حساب المجال الغابوي. لهذا فنحن من داخل جمعية “أمازيغ صنهاجة الريف” كنا السباقين لرفض مقترح التقنين و المطالبة بإنشاء وكالة لتنمية بلاد الكيف يكون هدفها وضع برنامج تنموي شامل على المدى البعيد يستهدف الفلاح البسيط.
– هل يمكنك توضيح المواقف السياسية بالمغرب بخصوص مشكل القنب الهندي؟ و ما هي الاحزاب التي تطالب بالتقنين و وفق أي منظور؟
الجميع يعلم أن أغلب الأحزاب السياسية بالمغرب مستفيدة بطريقة مباشرة من الكيف، فلعقود عدة استغلت الأحزاب المقربة من النظام المغربي “المخزن” مزارعي الكيف لكسب أصواتهم الانتخابية تحت طائلة التهديد من الاعتقال بتهمة زراعة الكيف، فمزارعو الكيف يعتبرون خزانا كبيرا للأصوات الانتخابية و المنطقة تشهد أعلى نسب المشاركة في الانتخابات، لهذا فالدولة تعتمد على مزارعي الكيف لترجيح كافة مرشحيها و أيضا خلال الاستفتاءات على الدستور. من جهة اخرى، فإن أغلب الحملات الانتخابية لبعض البرلمانيين يتم تمويلها من عائدات بيع المخدرات المزروعة شمال المغرب.
أما حديث حزب الاستقلال و حزب الاصالة و العاصرة عن مسعاهما لاخراج مزارعي الكيف من وضعيتهم المزرية عن طريق اقتراحهما لتقنين الكيف، فهو يندرج ضمن مخطط دولي لشركات تصنيع الأدوية انطلاقا من مستخرجات القنب الهندي، حيث تريد هذه الشركات بمساعدة هذين الحزبين استغلال وضعية المغرب كبلد منتج للقنب الهندي بطريقة غير قانونية من اجل تمرير قانون يسمح بزراعته قانونيا الشيء الذي سيدر عليها ملايير من العائدات في حين سيتفاقم وضع مزارعي الكيف البسطاء لعدة أسباب منها أن:
– الاحزاب السياسية تتحدث عن تقنين الكيف من أجل الاستعمال الطبي و الصناعي، مما يعني أن نبتة الكيف لن يتم زراعتها لأنها تصلح للاستهلاك فقط، في حين سيتم جلب بذور معدلة جينيا لا تحتوي على مادة THC المخدرة، و هذه البذور تحتاج لمساحات كبيرة و موارد مائية هائلة لسقيها و هو أمر غير متوفر بشمال المغرب المتميز بتضاريسه الجبلية الوعرة و ندرة المياه. إذن سيتم نقل زراعة القنب الهندي للسهول الخصبة مما يعني فقدان قرابة مليون نسمة لمورد عيشهم، لنصبح بدون مورد عيش و بدون تنمية في المنطقة التي مازالت مهمشة أمام رغبة الدولة التي تريدها أن تبقى ضيعة تدر ملايين بطريقة غير مباشرة على الدولة و تمتص البطالة المتفشية بالمنطقة و نواحيها حيث تشغل يدا عاملة هامة خلال موسمي الحرث و الحصاد.
– مشكلة المنطقة ليست هي زراعة الكيف، لأن هذه الزراعة شجعها “المخزن” و انتشرت أمام أعين السلطات لأنها استعملت كورقة ضغط على الاتحاد الأوروبي من اجل التفاوض و من أجل جلب المساعدات المالية التي توجه لمناطق أخرى لا تزرع الكيف، و من اجل امتصاص البطالة و توفير السيولة و العملة الصعبة للدولة و أيضا لأسباب سياسية كما أشرت سابقا. إن مشكلة المنطقة هي غياب المشاريع التنموية، فجل المزارعين مستعدون للتخلي عن حياة البؤس التي يعيشونها بسبب زراعة الكيف التي حولتهم لعبيد لدى تجار المخدرات و السلطات مقابل مدخول شهري يضمن لهم حياة كريمة.
– سنة 2013، تقدمت جمعية بمقترح قانون للبرلمان يهم تقنين القنب الهندي، اين وصلت هذه الخطوة؟
لا يتعلق الأمر بجمعية، بل هم مجموعة من الأشخاص لا ينتمون لبلاد الكيف و يستغلون انتماءهم لمنطقة الريف من أجل الحديث عن الكيف لأن الجميع يعتقد أن الريف (الذين يتحدثون أمازيغية تريفيت) هم من يزرعون الكيف، لكن الحقيقة أن بلاد الكيف هي قبائل صنهاجة سراير(Senhaja Sraîr) و غمارا (Ghomara) اضافة إلى جبالة (Jebala) أما الريف أي الجزء الشرقي لاقليم الحسيمة و اقليمي الدريوش و الناظور فهم لا يزرعون الكيف بل يتاجرون فيه دوليا لأن أغلب بارونات المخدرات ينحدرون من هذه المناطق.
فكما قلت هؤلاء الأشخاص أسسوا ائتلافا (ليس جمعية قانونية) سمي بالائتلاف المغربي من اجل الاستعمال الطبي و الصناعي للكيف سنة 2008 و لا يضم ممثلين عن بلاد الكيف و لا مزارعي الكيف، و يتحدث عن الكيف انطلاقا من اشكالية تهريب المخدرات التي تعتبر مشكلة الدولة في علاقتها مع الدول الأخرى و لا تهم المزارع البسيط الذي يعاني من الفقر و التهميش، كما ان مشروع تقنين القنب الهندي الذي يحاولون تمريره بالتعاون مع حزب الاستقلال و حزب الاصالة و المعاصرة سيساهم في تفاقم الوضعية الاقتصادية الهشة لأغلب مزارعي الكيف و ستستفيد منه الشركات الكبرى و الدولة فقط كما أشرت سابقا. لهذا قمنا نحن أبناء بلاد الكيف بتوحيد الصفوف من أجل قطع الطريق على هؤلاء الأشخاص الذين لا يمتون للمنطقة بصلة و لا يعرفون واقعنا المرير، و أسسنا جمعية “أمازيغ صنهاجة الريف” سنة 2012 بتاركيست (Targuist) و عملنا على فضح واقع المنطقة المرير و ايصال الصورة الحقيقية لبلاد الكيف للمسؤولين عن طريق البيانات و المراسلات و البرامج التلفزية خصوصا ملتمس أبناء مزارعي الكيف الذي خلق ضجة اعلامية. و من أجل تكثيف الضغط على الدولة لرفض مقترح التقنين الذي لا يخدم مصلحة مزارعي الكيف قمنا بتأسيس كنفدرالية جمعيات صنهاجة الريف للتنمية التي تضم أكثر من 30 جمعية بمنطقة صنهاجة، كما نسقنا مع نشطاء من منطقة غمارا الذين أسسوا كنفدرالية جمعيات غمارة للتنمية بباب برد، لنلتئم بعد ذلك في إطار موحد سميناه “تنسيقية أبناء بلاد الكيف (صنهاجة-غمارا)” أصدرت بيانها التأسيس من طنجة عاصمة الجهة التي تضم مناطق زراعة الكيف. هذه الخطوات جعلت الدولة تستشعر خطر تقنين الكيف على الاستقرار الأمني و الاجتماعي بالمنطقة مما جعلها تحافظ على الوضع الراهن statut quo بالمنطقة خصوصا و انها تعلم اننا نستطيع التوغل وسط مزارعي الكيف في حين لا يمكن لأعضاء ذلك الائتلاف استقدام قنوات تلفزية للمنطقة من أجل التصوير كما نفعل لأنهم لا يعبرون عن رأي المزارعين.
– هل تعتقد بانه من الممكن تقنين زراعة القنب الهندي في المغرب؟
لا أعتقد أن الدولة ستوافق على تقنين زراعة القنب الهندي لأنها تعرف أن ذلك سيؤدي إلى توتر ببلاد الكيف في ظل وجود أجيال فتحت عيونها على الكيف و تعتبره مكسبا تاريخيا و جزءا من ثقافتها، و نظرا لكون الدولة عاجزة عن توفير بديل اقتصادي مماثل للكيف يجعل السكان يتخلون طواعية عن زراعة القنب الهندي. كما أن “المخزن” يستفيد من عائدات الكيف بطريقة غير مباشرة وذلك انطلاقا من كون الكيف يمتص البطالة بالشمال و يوفر لقمة عيش مليون نسمة و يدر ما يقارب 13 مليار دولار يتم استثمارها في مشاريع عقارية و فضاءات ترفيهية بمدن طنجة و تطوان و فاس و الرباط… و في ضيعات فلاحية بمكناس و الاطلس، كما انه يسمح للدولة بالتحكم بمصير مليون نسمة يتم استغلالها في الانتخابات و كجيش احتياطي لمواجهة الدعوات الانفصالية التي يطلقها جيران مزارعي الكيف المنتمين للريف الاثني-اللغوي. يمكننا القول بإن الكيف هو البترول الأخضر بالنسبة للمغرب.
– نسبة مهمة من المتواجدين بالسجون المغربية تم اعتقالهم بتهم متعلقة بالقنب الهندي، لكن بالرغم من ذلك فإن المغرب مازال يتبوأ صدارة الدول المنتجة و المصدرة للكيف عالميا. ما قولكم في ذلك؟
لقد كشف التقرير الأخير الذي أصدرته الهيئة الدولية لمراقبة المخدرات أن “المغرب يحتل المرتبة الأولى بين دول العالم في زراعة القنب الهندي وتهريبه – إلى جانب أفغانستان – خصوصاً إلى غرب أوروبا ووسطها. وأورد التقرير الدولي الطرق المختلفة التي يسلكها الحشيش المغربي، والمنافذ التي يدخل من خلالها إلى أوروبا، موضحاً أن إسبانيا تعد نقطة الدخول الرئيسية للقنب المغربي المنشأ إلى غرب ووسط القارة الأوربية. كما أفاد ذات التقرير أن نحو 116 طناً من القنب الهندي، أي حوالي 65 في المئة من الكمية الإجمالية للحشيش التي ضبطتها السلطات الجمركية العالمية، كان مصدرها المغرب.
هذه الأرقام توضح بجلاء أن المغرب يبقى دائما المتربع على عرش الحشيش في العالم، مما يدعونا للتساؤل عن الأشخاص الذين يتم اعتقالهم بتهمة الكيف في المغرب.
عن أغلب المتواجدين في السجون المغربية بتهمة الكيف هم المزارعون البسطاء الذين يتم اعتقالهم بسبب الشكايات الكيدية المجهولة المنتشرة ببلاد الكيف، حيث يكفي أن تكتب شكاية مجهولة تتهم فيها أحد المزارعين بزراعة أو حيازة الكيف أو قطع الغابة لزراعة الكيف حتى تتحرك قوات الدرك الملكي بأمر من وكيل الملك لاعتقال الشخص المعني، في حين لا يتم اعتقال جاره الذي يزرع الكيف لن المنطقة كلها تزرع الكيف. هذه الطريقة الانتقامية تستعمل لتصفية الحسابات بين المزارعين فيما بينهم أو بين المزارعين و تجار المخدرات أو بين المزارعين و المنتخبين (السياسيين)، و يذهب ضحيتها العديد من الاشخاص و تعتبر وسيلة لابتزاز المزارعين من أجل الحصول على رشوة من طرف بعض السلطات.
– خلال الانتخابات الجماعية و الجهوية ل 4 شتنبر 2015، تمكن حزب الاصالة و المعاصرة من اكتساح مناطق زراعة الكيف، بعدما كان المنطقة تعرف تواجد حزبي الاستقلال و التجمع و الوطني للاحرار. ما الذي حصل بالضبط؟
في بلاد الكيف، الناخب لا يصوت على الحزب بل على الشخص. فخلال الانتخابات الاخيرة تم اعادة انتخاب اغلب الوجوه القديمة التي غيرت قميصها الحزبي فقط، حيث كان اغلبهم ينتمي لحزب الاستقلال و التجمع الوطني للاحرار ليلبسوا لباس حزب الاصالة و المعاصرة خلال هذه الانتخابات. كما ان سوسيولوجيا الانتخابات ببلاد الكيف تظهر لنا بأن المزارع يصوت لصالح الشخص الذي يشتري منه محصول الكيف، أي بارون المخدرات أو احد وسطائه. فقبل هذه الانتخابات كان بارونات المخدرات يعملون كسماسرة انتخابات لصالح اشخاص لا علاقة لهم بتجارة المخدرات يتم دفهم للواجهة كي يبقى البارون مختفيا وراء الستار، لكن خلال هذه السنوات الاخيرة خرج العديد من البارونات للواجهة و ترشحوا في الانتخابات الجماعية و منهم من اصبح مستشارا برلمانيا، و بعد هذه الانتخابات هناك من سيصبح منهم رئيسا لجماعة ترابية ببلاد الكيف، الشيء الذي ينذر بخطر كبير بالمنطقة خصوصا و ان البارون يملك المال الذي يستعمل للتحكم في رقاب مزارعي الكيف البسطاء عن طريق شراء محصول الكيف منهم او وعدهم بذلك كما فعلوا خلال الحملة الانتخابية الاخيرة، و انه عندما سيصبح رئيسا لجماعة ترابية فانه سيملك السلطة مما سيجعله يتحكم في المجال الترابي خصوصا اذا علمنا ان المنطقة تشهد ضغطا كبيرا على المجال الغابوي من اجل زراعة الكيف بسبب التزايد السكانية، الشيء الذي سيدفعه لاستعمال سلطاته من اجل التحكم اكثر في الساكنة التي لا تملك لا حول و لا قوة امام عدم وجود مصدر اخر لرزقهم.
– كلمة أخيرة:
في الاخير، اشكر جريدة العالم الامازيغي التي اتاحت لي فرصة نقل الصورة الحقيقية لبلاد الكيف بعيدا عن الصورة المغلوطة التي يرسمها السياسيون و المسؤولون. كما انني استغل هذه الفرصة لادعو اخواننا الامازيغ من اجل الوقوف معنا في صف واحد من اجل اعادة الاعتبار لمنطقة صنهاجة سراير الامازيغية المهددة بالاندثار بحكم تصنيفها ضمن خانة اللغات و الثقافات المهددة بالاندثار.