بعد النجاح الذي لقيه العدد الأول من مجلة الذاكرة اهتماما وقبولا وتشجيعا من أوساط الباحثين والمهتمين والقراء، وفي ظل ضعف المنابر الأكاديمية التي تتصدى لدراسة منطقة الريف تاريخا وتراثا وحضارة بعد أفول العديد من التجارب الرائدة التي صدرت منها بضعة أعداد فقط (حوليات الريف مثلا)، وفي غياب الإمكانيات المادية والثقافية. صدر العدد الثاني من مجلة الذاكرة والتى يشرف عليها مجموعة من الدكاترة والباحثين المتخصصين في التاريخ والحضارة ومختلف حقول العلوم الإنسانية، وهي مبادرة علمية أكاديمية لمركزالريف للتراث والأبحاث والدرسات بالناضور، وتتولى تحكيم أعمالها نخبة من الأساتذة الجامعيين والباحثين الموموقين في هذه التخصصات المتعلقة بمنطقة الريف. وتضمن هذا العدد من المجلة مواضيع مختلفة تناولها الباحثون في شتى التخصصات من زوايا منهجية وعلمية متعددة.
عاد هذا العدد لاستكمال ملف الريف: القبيلة والمجال، حيث تميزت بلاد الريف باعتماد النظام القبلي كإطار اقتصادي وسياسي واجتماعي، إذ يعمل على تنظيم استغلال المجال بشكل يوفر الأمن والاكتفاء للسكان، ومن جهة أخرى يقيم المؤسسات الاجتماعية لضمان التسيير الأمثل لحياة السكان وتنظيم علاقاتهم، ويسن الأعراف والقوانين ويحدد الأدوار توفير الوحدة والانسجام بين مؤسساته.
وعلى هذا الأساس تضمن العدد الجزء الثاني من دراسة الدكتور مراد جدّي المعنونة “الريف: التسمية والهوية والعمران البشري: دراسة في تاريخ المجال والسكان”، وكذلك الجزء الثاني من دراسة الدكتور علي مزيان التي حملت عنوان: “بطوية ودورها في الحياة السياسية المغربية خلال العصر الحديث”، وختم الملف بدراسة الباحث الشاب سعيد الأشعري الذي تطرق فيه لموضوع: “الصناعة التقليدية بالريف الشرقي ودورها في التنمية المحلية”.
أما باب “أبحاث ودراسات” فقد حوى خمس دراسات، استهلت بدراسة للباحث يونس بقيان تهدف للتعريف بمؤلف لأحد علماء الريف البازرين، وهو كتاب “أنوار أولي الألباب في اختصار كتاب الاستيعاب” لأبي علي عمر بن الزهراء الورياغلي، وجاءت بعده دراسة الدكتور رشيد يشوتي بعنوان: “بعثات ميري إي كولوم إلى المغرب في ستينات القرن التاسع عشر وتأثيرها على الأحداث بالريف”، وجاءت الدراسة الثالثة للدكتور الحسين بوضيلب في موضوع: “من مؤسسة أجْماعَثْ إلى الفعل الجمعوي: تحولات في البنيات السوسيومجالية والثقافية بالريف الشرقي”، فيما تناولت الدراسة الرابعة “تيمة الهجرة في الأغنية الريفية بالمغرب” من إعداد الدكتور محمد الرضواني، وختم هذا الباب ببحث للأستاذ عبد الحكيم خلفي بعنوان: “خطاطون من بلاد الريف”.
وانفرد المحور الثالث للمجلة “نصوص مترجمة” بتعريب نص فرنسي حول الريف تحت عنوان: “وضعية المغرب، وسكانه، وقراصنة الريف”، للكاتب H.DET D’ARLACH يعود لسنة 1856، أنجز الترجمة الدكتور عبد الله بوغوتة. في حين تناول المحور الرابع المعنون “نصوص دفينة”، تحقيق ودراسة في تفسير قوله تعالى: “يمحو الله ما يشاء ويثبت وعنده أم الكتاب” لأبي محمد عبد العزيز بن محمد البوفراحي (بني بوفراح)، أعده الدكتور مصطفى أزرياح، وفي باب “معالم وآثار” تطرق الباحث “يوسف السعيدي لموضوع: “قلعة جارة، ثازوظا: مخزن الحبوب ومستودع الجبايات”. فيما خصص الباب السادس “أعلام من الريف” لبحث عنوانه: “الفقيه القاضي عمر بن سي عيسى الزيزاوي السعيدي: مستشار البطل محمد بن عبد الكريم الخطابي” من إنجاز الدكتور الميلود كعواس. وفي فقرة “فسحة” قام الأستاذ رشيد بلهادي بترجمة نص حكاية أمازيغية معنونة “البنت وإخوتها السبعة”، أما فقرة “متابعات” فقد تطرقت لأهم الأنشطة والأعمال العلمية التي قام بها مركز الريف وغيره من المؤسسات البحثية المهتمة بالمنطقة.
متابعة: د. مراد جدي