عرفت أثمنة الخروف بأسواق مدينة الحسيمة اشتعالا حقيقيا في الأسعار، وذلك راجع في المقام الأول إلى عدم وفرة قطيع الغنم على مستوى منطقة الريف، والذي لا يساهم حسب مسؤول بالمديرية الجهوية للفلاحة سوى ب 50 %، من الأضحية المعروضة، وتعدد الوساطة في البيع والشراء، بسبب غياب تحديد منطقي للأسعار يأخذ بعين الاعتبار القدرة الشرائية للمواطنين بالإضافة إلى غياب المراقبة، مما يفتح المجال لزمرة من سماسرة الأغنام والمواشي للتحكم في سوق العرض والطلب بما يخدم أرباحهم المضاعفة التي يحصلون عليها من جيوب المواطنين المنهكة، الشيء الذي يأثر بقدرتهم الشرائية ويزيد من متاعبهم في الحصول على ” خروف ” يملأ ثغاؤه أرجاء منازلهم ويملأ صدر أطفالهم فرحا في هذه المناسبة الدينية. يقول أحد المواطنين: «لم أتمكن من شراء خروف كبير لأبنائي بسبب الغلاء الذي تعرفه أسوق الحسيمة. فمبلغ 2000 درهم ليس كافيا لشراء خروف في حجم الغرض ».
إن الماشية المعروضة بالسوق تعرف تشابها في ثمنها، كما أن الوسطاء والمحتكرين يعملون على توحيد سعر الأضحية، فلم يعد هناك شيء اسمه الغفلة، فتجار الماشية هم من يتحكمون في درجة حرارة السوق ويبيعون بالأثمنة التي يرونها تناسب أرباحهم ».
من جهة أخرى عرفت مؤسسات القروض الصغرى وباقي المؤسسات البنكية بالحسيمة إقبالا كبيرا من طرف الفئات المعوزة والموظفين الراغبين في الحصول على قروض لشراء أضحيات العيد، كما عرفت أحياء المدينة الشعبية تضامنا غير مسبوق فيما بينها حيث تعمد النساء إلى تقديم طلب الحصول على قرض بشكل جماعي، وذلك للحصول على كبش يفي بالغرض، نفس الطريقة سلكها الموظفون الذين تسابقوا إلى مؤسسات القروض البنكية للحصول على سلف لشراء الأضحية وحسب بعض الموظفين فإنها الطريقة الوحيدة التي توفر أسهل الحلول للحصول على خروف العيد، ويضيف آخر أن أقساط تسديد مصاريف عيد الأضحى الماضي لازالت سارية، إلا أنه لا مفر من هذه الطريقة لشراء كبش العيد لهذه السنة.
ومن خلال الزيارة التي قمنا بها لبعض الأسواق، يظهر فيها بوضوح مدى افتقار منطقة الريف إلى احتياطات في الأغنام تغطي طلبات المواطنين، وعلى هذا الأساس فإن نصف حاجيات منطقة الريف من الأضاحي يتم جلبها من مناطق مغربية مختلفة (الأطلس، تمحضيت، أزرو، كرسيف، خريبكة، خنيفرة، الشاوية )، وتتحكم شبكات تجارية متخصصة في الماشية في استيراد رؤوس الأغنام إلى المنطقة، وقد عاينت الجريدة أكثر من مرة كيف يتم شراء شاحنات مملوءة عن آخرها بالأغنام تكون قد قدمت من إحدى المناطق المذكورة بأثمنة رخيصة، ويتم بيعها للمواطنين باثمنة مضاعفة، ففي غياب قانون ينظم سوق تجارة الماشية يبقى الباب مفتوحا على مصراعيه للسماسرة والوسطاء التجاريين للإغتناء في هذه المناسبة الدينية، وقفز سعر الخروف هذه السنة من 2000 درهم في المتوسط إلى 3000 درهم و 4200 درهم في الأقصى وهو ما شكل هاجسا كبيرا للمواطنين.
وحسب مصادر من وزارة الفلاحة، فإن رؤوس الماشية متوفرة على غرار السنوات التي مضت حيث تتعدى 33475 رأسا من الخراف، وأضاف ذات المصدر في تصريح ل ” الأحداث المغربية ” أن قطاع تربية الماشية يبقى دون توفير حاجيات المنطقة من الأغنام، خاصة أثناء فترة عيد الأضحى الذي يعرف ارتفاعا للطلب، وذلك رغم المجهودات التي تقوم بها ذات الوزارة لإعانة الفلاحين وتشجيعهم على كسب وتربية الأصناف المحلية من الخرفان، حيث تقوم بمنح الفلاحين الشعير المدعم، مع المساهمة في نقل هذه المساعدات إلى الدواوير، إلا أن مصادر من الفلاحين أفادت الجريدة بكون الوزارة المذكورة لم توفر أدنى دعم للكسابين بالريف منذ البرنامج الوطني لمحاربة الجفاف الذي كان قد استهدف توزيع 3500 طن من الشعير المدعم.