نص التقرير: نتابع في جمعية ثافرا بقلق شديد تدهور الحالة الصحية للمعتقل السياسي ناصر الزفزافي نتيجة الإهمال الطبي داخل سجن عكاشة وإخفاء إدارة السجن مرضه عنه وعن عائلته، ورفض منح عائلته نسخة من الملف الطبي الخاص به. وذلك ضدا على المادة 44 من القواعد النموذجية الدنيا لمعاملة السجناء التي تنص على ضرورة إخبار أحد أفراد عائلة المعتقل أو المقربين منه بالحالة والوضعية الصحية إن كانت حرجة. وبدل ذلك، انغمست إدارة سجن عكاشة والمندوبية العامة لإدارة السجون وإعادة الإدماج، في تزييف الحقائق ونشر المغالطات واتهام المعتقلين وعائلاتهم ودفاعهم والإعلام الحر بالكذب والارتزاق بسبب إصرارهم على معرفة الحقيقة وفضح المعاملات اللاقانونية واللاإنسانية والانتقامية التي يتعرض لها معتقلو حراك الريف حتى وهم مرضى.
وتنويرا للرأي العام وفضحا لادعاءات المندوبية العامة لإدارة السجون المتناقضة والكاذبة، وتعرية لمظاهر الإهمال الطبي الذي يتعرض له معتقلو حراك الريف، نستعرض أسفله قائمة بأسماء عينة من المعتقلين السياسيين لحراك الريف المرضى ممن وصلتنا معطيات عن حالتهم المرضية من طرف عائلاتهم، ومن بعد أن أذنت لنا بذلك.
• على مستوى سجن عكاشة:
-ناصر الزفزافي: يشكو من ألم في رأسه وقدميه منذ التعذيب الذي تعرض له أثناء اعتقاله بلطم رأسه بقوة على جدار البيت و ضربه بالأصفاد الحديدية على رأسه، كما أنه يعاني من مرض الحساسية جراء وضعه في زنزانة إنفرادية لأكثر من عام. وفِي فاتح مارس 2018، وبعد تدهور حالته الصحية لدرجة إصابته بالإغماء والعجز عن الحركة، تم نقل ناصر الزفزافي إلى المستشفى على كرسي متحرك، وأجريت له فحوصات دون أن يتم إخباره بنتيجتها. وفِي يوم 26 يناير 2019، وعلى إثر تدهور وضعه الصحي وشعوره بعجز عن تحريك أعضاء جسده، ستضطر إدارة السجن بعد تماطل مريب لنقله إلى مستشفى ابن رشد. وبعد إخضاعه لعدة فحوصات، سيكتشف ناصر الزفزافي بأن إدارة السجن حجبت عنه معلومات تخص وضعيته الصحية منذ ما يناهز سنة، حين أخبره أحد الأطباء بأنه مصاب بتقلص شرياني على الجهة اليمنى من الرأس، وبأن الشريان ازداد تقلصا، وهو ما يؤثر على تدفق الدم للدماغ. وأكد له بأن حالته دقيقة تستوجب نقله على وجه السرعة للرباط، ملمحا بإمكانية نقله للمستشفى العسكري، وهو ما لم يحدث، إذ تمت إعادته إلى السجن. والأفظع من ذلك، وفي تطاول مفضوح على حقوق المعتقل، أخفت الإدارة عن ناصر وعائلته مرضه، وأقدمت، في لحظة حرجة، وفي بيان موجه للرأي العام، على إفشاء معطيات عن الحالة المرضية لناصر الزفزافي تندرج ضمن الأسرار الطبية ، بدون إذن منه أو من عائلته، لتوظفها في نسج روايتها المتهافتة والمغرضة. وذهب خيال المندوبية العامة للسجون إلى الادعاء بأن ناصر الزفزافي “يحمل خللا خلقيا”، مع أن المعني بالأمر يؤكد بأنه لم يسبق له أن عانى من مثل هذه الأعراض المرضية قبل اعتقاله. وقد سارعت المنابر الإعلامية المخابراتية والمأجورة لالتقاط تلك العبارة الملغومة لتشويه صورة ناصر الزفزافي وحراك الريف.
-محمد حاكي: يعاني من آلام على مستوى عموده الفقري ورقبته منذ اعتقاله بسبب التعذيب الرهيب الذي تعرض له لحد صعقه بآلة كهربائية. وقد ظل يطالب إدارة السجن لمدة شهور بعرضه على الطبيب، لكنها لم تستجب لطلبه إلا بعد طلبه من القاضي في أول جلسة من جلسات محاكمته الأمر بعرضه للفحص الطبي، فتم فعلا فحصه بالراديو. ثم أُعطي له موعد للفحص بالسكانير، فكان رد إدارة السجن، مرة أخرى، التماطل لشهور، حتى يتم فحصه بعد إلحاح المعتقل وعائلته. وإلى يومنا هذا لم يخبروه هو ولا عائلته بنتيجة ذلك الفحص. ومازال المعتقل السياسي محمد حاكي يعاني من مضاعفات مرضه.
– محمد المجاوي: بعد معاناته ومنذ شهور من آلام غامضة، وبعد تماطل إدارة السجن في عرضه على الطبيب، وبعد مراسلات وإضرابات عن الطعام وتدخل جهات عدة، تم فحصه بجهاز السكانير. أبان ذلك الفحص بأن المجاوي لديه مشاكل بالجهاز التنفسي وأعراض مرضية على مستوى الكبد. وبعد انتظار دام لأكثر من شهرين وبعد مطالبته هو وعائلته من إدارة السجن مباشرة وعبر المجلس الوطني لحقوق الإنسان تم عرضه على أخصائية بمستشفى ابن رشد، وبعد اطلاعها على ملفه الطبي وبدون إجراء أي فحوصات دقيقة له أخبرته الطبيبة بأن حالته الصحية سليمة!!!، وهو ما شكك فيه المعني بالأمر وعائلته التي طالبت إدارة السجن بإعطائها نسخة من التقرير الطبي الخاص به، والسماح لها بعرضه على أخصائي آخر تختاره هي. وقد تقدمت بهذا الطلب، منذ شهور، لمدير السجن وللجنة الجهوية لحقوق الإنسان بالحسيمة. وإلى يومنا هذا لم تتم الاستجابة له، علما أن محمد المجاوي يعاني من أعراض مرضية مخيفة تقوي الشكوك باحتمال إصابته بمرض خطير.
-أمغار كريم: يعاني من آلام على مستوى ظهره ومن نقص في النظر. ورغم مطالبته المتكرر لم يتم عرضه على الطبيب لتشخيص مرضه ووصف الدواء له.
– جمال بوحدو: يعاني من اضطراب نفسي لم تقدم له الإسعافات اللازمة ولا العناية التي تستوجبها حالته المرضية.
• على مستوى سجن عين عيشة بتاونات:
-كريم أزلاوي: يعاني من مرض في الأسنان، ومنذ شهور وهو يطالب إدارة السجن بعرضه على الطبيب. ورغم وعد مدير السجن اللجنة الجهوية لحقوق الإنسان بفاس بعرض المعتقل السياسي على الطبيب، فإن وعود مدير السجن ظلت مجرد كلام حيث ما يزال كريم أزلاوي يعاني من نفس الآلام.
– عبد الحكيم بنعيسى: يشكو من آلام في عينيه، منذ شهور وهو يطالب بعرضه على طبيب مختص في طب العيون. ورغم الوعود التي قطعها مدير السجن للمعتقل وللجنة الجهوية لحقوق الإنسان بالحسيمة لتحديد موعد له لعرضه على الطبيب، فإن آجال ذاك الموعد لا يزال في عالم الغيب.
– كريم بنعياد: يوجد في وضعية حرجة بعد تدهور حالته الصحية على إثر عملية جراحية أجريت له على مستوى الوجه لعلاجه من ألم الأسنان. يعاني حاليا من انفتاخ وألم في العنق والأمعاء. منذ شهور وهو يطالب إدارة السجن بعرضه على الطبيب، ورغم تدخل اللجنة الجهوية لحقوق الإنسان بفاس، فإنه لا يزال يعاني من الإهمال الطبي داخل السجن وحالته تزداد سوءا بسبب افتراشه الأرض لحدود الآن.
• على مستوى سجن تولال2 بمكناس:
-حسن حجي: يعاني من ألم حاد في العينين، وغالبا له علاقة بالتعذيب الرهيب الذي تعرض له أثناء اعتقاله والتحقيق معه بمفوضية الأمن الوطني بإمزورن، خاصة تداعيات الضربة الخطيرة التي تلقاها على رأسه والتي تسببت له في جرح غائر على حاجبه الأيسر. ورغم نداءاته المتكررة فإن إدارة السجن لم تعرضه على الطبيب ولم تقدم له أي علاج. وكانت اللجنة الجهوية لحقوق الإنسان بفاس قد زارته وحصلت على وعد من طرف مدير السجن بعرضه على الطبيب، ولا شيء من ذلك تحقق.
أمام هذا الوضع الكارثي، الذي هو غيض من فيض معاناة معتقلينا، فإننا نعيد التأكيد على أن معتقلي حراك الريف مهددون في سلامتهم الصحية وحياتهم، نتيجة الإهمال الطبي ومضاعفات التعذيب النفسي والجسدي الذي تعرضوا له أثناء الاعتقال والتحقيق، ونتيجة الظروف الكارثية التي يتواجدون عليها داخل السجون. وكم مرة اضطر معتقلونا للدخول في إضرابات عن الطعام أو التهديد بالدخول فيها من أجل عرضهم على الطبيب وإسعافهم. ورغم بعض الحالات النادرة التي تم خلالها عرض بعض معتقلينا على أطباء أخصائيين خارج السجن. ورغم الوعود المقدمة لهم وللمجلس الوطني لحقوق الإنسان مركزيا وللجنه الجهوية بكل من الحسيمة وفاس والدار البيضاء بخصوص تحديد مواعيد زيارة الأطباء لهم أو نقلهم إلى المستشفيات لتشخيص أمراضهم ووصف العلاج المناسب لهم، فإن الحالة الصحية لمعتقلي حراك الريف المرضى تزداد سوءا، وكل مرة ينضاف مريض جديد إليهم.
وعليه، فإننا نتهم إدارات السجون التي يتواجد بها معتقلو حراك الريف والمندوبية العامة لإدارة السجون بتعمد إهمال معتقلينا المرضى مع ما يترتب عن ذلك من استفحال الأمراض التي يعانون منها، ونحملها مسؤولية ما يهدد صحة معتقلينا وحياتهم جراء السياسة الانتقامية التي يتعرضون لها. وندعو المندوبية العامة لإدارة السجون إلى احترام المواثيق الدولية لحقوق الإنسان التي تؤكد على أن الحق في الحياة والسلامة الصحية هو حق مقدس لأي إنسان، وتمتيع معتقلينا بحقوقهم الكاملة وفق ما تقتضيه قواعد معاملة السجناء وبخاصة المعتقلين السياسيين.
كما ندعو المجلس الوطني لحقوق الإنسان إلى متابعة جدية وفاعلة لوضعية معتقلي حراك الريف والعمل على تمكين المعتقلين المرضى من التطبيب والعلاج اللائقين. وإذا ما كان البيان الذي أصدره المجلس الوطني لحقوق الإنسان مؤخرا يعتبر بأن “الحالة الصحية للسيد ناصر الزفزافي لا تثير أي قلق”، فإننا نؤكد بأن هذا التصريح، في حد ذاته، يذكي ذلك القلق أكثر مما يطفئه، من حيث أنه يرسخ تضارب تصريحات المؤسسات الرسمية للدولة بشأن الوضعية الصحية لناصر الزفزافي وباقي معتقلي حراك الريف، ويتناقض مع تصريحات المعني بالأمر ووالده. ونعتبر من جهتنا أن بلاغ المجلس الوطني بداية غير موفقة تماما للرئاسة الجديدة في التعامل الجدي مع ملف المعتقلين السياسيين لحراك الريف.
ومن ثم، نطالبه بالتدخل عاجلا لتمكين والد ناصر الزفزافي من الملف الطبي لابنه والسهر على توفير العلاج اللائق له، ونفس الشيء بالنسبة لباقي المعتقلين. كما نطالبه الضغط على إدارات السجون التي يتواجد فيها معتقلونا للوفاء بالتزاماتها معه ومع لجنه الجهوية ومع معتقلينا وعائلاتهم بشأن عرضهم على الأطباء الأخصائيين وعلاجهم، وكذا ضرورة تسليم الملفات الطبية للمعتقلين، سواء الذين مازالوا رهن الاعتقال أو الذين عانقوا الحرية. وما دون ذلك فإن الوضع يدعو إلى ما هو أخطر من القلق.
وإننا إذ ندين الحملة الإعلامية الوقحة واللاأخلاقية التي تتشفى بمعاناة معتقلينا وتفتري عليهم وعلى عائلاتهم، فإننا نحيي الإعلام الحر والنزيه على انشغاله الصادق بمآسي معتقلي حراك الريف وعائلاتهم ونشكره على ما يقوم به من مجهودات للتعريف بقضية حراك الريف ومعتقليه. ونحيي كل الداعمين لمعتقلي حراك الريف على تضامنهم معهم ومع عائلاتهم في محنتهم، ونثمن كل المبادرات النضالية الوطنية والدولية الهادفة إلى إطلاق سراح معتقلينا وتحقيق مطالبهم.
جمعية ثافرا للوفاء والتضامن لعائلات معتقلي الحراك الشعبي بالريف
بتاريخ 1 فبراير 2019