بقلم : خالد البوهالي
إعلان وزير المخابرات الإسرائيلي إيلي كوهين أن الاتفاقيات المزمع عقدها مع الدول العربية لن تكون بناء على مبد أالأرض مقابل السلام، و إنما السلام مقابل السلام. حسب موقع تايمز أوف إسرائيل العبري.
مبدأ السلام مقابل السلام ليس مبدأ جديدا تفتقت عنه عبقرية رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو كما قد يتخيل البعض، بل هو مبدأ ليكودي أصيل تبناه رئيس الوزراء الإسرائيلي الراحل الليكودي إسحاق شامير في تسعينيات القرن الماضي، اتساقا مع التحولات التي عرفها العالم بعد نهاية حرب الخليج الثانية وانفراط عقد الاتحاد السوفياتي،
رئيس الوزراء الإسرائيلي الراحل إسحاق شامير المعروف بتطرفه و تاريخه الدموي عندما كان زعيما لعصابة شتيرن– ليحي – أي المقاتلون من أجل حرية إسرائيل – الإرهابية، قال في إحدى أحاديثه أنه كان سيظل يفاوض و يفاوض العرب لعشرات السنين دون أن يمنحهم شيئا، و هو ما سار عليه خلفاؤه من زعماء الأحزاب السياسية بمختلف أطيافهم، سواء اكانوا من الليكود أو العمل أو حزب كاديما.
الحديث عن السلام مقابل السلام، يعني عمليا سقوط مبدأ الأرض مقابل السلام من الأجندة الإسرائيلية، الذي يستند إلى القرارين الأمميين 242 و 338، الذي انبنت عليهما معاهدة السلام العربية الإسرائيلية عام 1992،و تبنته إدارة الرئيس الأمريكي الراحل جورج بوش الأب، كأرضية للمفاوضات بين الدول العربية وإسرائيل. و على هذا الأساس فالحديث الآن عن اتفاقيات أسلو أصبحت غير ذي موضوع على الأقل بالنسبة لإسرائيل.
ندرك تمام الإدراك، أن تبني هذا المبدأ لا يصب سوى في اتجاه قضم ما تبقى من الأراضي الفلسطينية المحتلة و ما خطة تجميد عملية ضم أجزاء من الضفة الغربية، إضافة لهضبة الجولان السورية المحتلة، إلى الكيان العبري ليست سوى تكتيك مرحلي في انتظار أن يتم التطبيع مع جميع الدول العربية، و بعدها ستتملص إسرائيل كعادتها من تعهداتها، و تنفذ عملية الضم فهي تجيد مثل هاته الألاعيب. عندئذ لن يكون في وسع العرب سوى رفع عقيرتهم بالتنديد فقط.
إسرائيل تستغل القرار 242 بطريقة خسيسة معتمدة على التفسيرات المختلفة له، فإذا كان النص الفرنسي يقول على إسرائيل الانسحاب من الأراضي العربية … ،فإن النص الإنجليزي ينص على أن تنسحب إسرائيل من أراض عربية و لكم ان تتمعنوا في العبارتين. و هو ما ستفعله مستقبلا هو ضم المزيد من أراضي الضفة الغربية و رمي الفتات للفلسطينيين، ليبنوا دولة بشروط إسرائيلية تتوافق مع صفقة القرن التي تبناها ترامب.
الفلسطينيون و خاصة السلطة الوطنية الفلسطينية برئاسة محمود عباس أو مازن، يعيشون مرحلة مفصلية من تاريخهم الوطني، و لم يعد لهم من شيء يخسرونه، فأولى الأولويات هي التحلل من اتفاقات أوسلو، وكل ما يرتبط بها من اتفاقات، و كذلك الغاء كافة أشكال التنسيق الأمني مع إسرائيل، مع العمل على تعزيز الجبهة الداخلية عبر الدخول في حوار مع كافة الفصائل الفلسطينية كحركتي الجهاد الإسلامي وحماس بهدف توحيد جهودهما ،و تنسيق مواقفهما لأن الوضع لم يعد يسمح بمزيد من الخلافات التي لا تصب سوى في مصلحة إسرائيل.
ختاما، يمكن القول أن شعار الأرض مقابل السلام بالنسبة لإسرائيل أصبح متجاوزا، و ها هي إسرائيل تطبق استراتيجية إسحاق شامير، فقد ظل العرب يفاوضون و يفاوضون إسرائيل لمدة ثلاثة عقود دون أن يظفروا بشيء، بل إسرائيل الآن تأخذ منهم دون ان تعطيهم شيئا.و كلما قدم العرب تنازلات لها طالبت هي بالمزيد، و كلما وقع زعيم إسرائيلي اتفاقا معهم يأتي آخر يلغيه، فإسرائيل لا تحفظ وعودا و لا مواثيق، مصداقا لقول الله عز و جل ” او كلما عاهدوا عهدا نبذه فريق منهم بل أكثرهم لا يؤمنون” صدق الله العظيم،فهل يستفيق الفلسطينيون من سباتهم قبل فوات الأوان أم أن الوضع سيبقى كما هو؟ على أية حال موعدنا الصبح اليس الصبح ببعيد؟