مشاكل مالية ولاعبون بدون مستحقات وجمعيات تطالب بتصحيح الوضع
التأسيس
مع نهاية الخمسينيات، وبعد حصول المغرب على استقلاله، تطوعت عدة فعاليات رياضية لإنشاء فريق شباب الريف الحسيمي. وشهد أحد النوادي بمدينة الحسيمة ميلاد الفريق. وكان لكل من أحمد العسراوي وبوخيار بانشو ومحمد العرصي ” شيبولا ” والبشريوي ” توحيت “، دور مهم في التوقيع على شهادة الميلاد، وذلك بإيعاز من العديد من اللاعبين والفعاليات الرياضية بالمدينة التي كانت تطمح إلى تأسيس فريق يمثل منطقة الريف. وكان المدعو المكناسي هو من اقترح تسمية الفريق باسم شباب الريف. وحرص المؤسسون على اختيار بذلة بيضاء اللون للأخير تشبيها بفريق ريال مدريد الإسباني الذي كان له عشاق كثيرون بالمنطقة. ولعب الفريق في القسم الشرفي لمدة تجاوزت عشر سنوات، شارك خلالها في مباريات السد المؤدية للقسم الثاني، غير أنه أخفق فيها بعد انهزامه سنة 1966 أمام نجوم القنيطرة ذهابا وإيابا. وقبل أيام من انطلاق بطولة موسم 1971 ـ 1972 وأمام تفاقم أزمة الفريق وخطر اختفاء النادي، قرر المرحوم ميمون العرصي ” شيبولا ” كرئيس ومدرب للفريق، بعدما تخلى عنه الجميع، وفي ظل انعدام الإمكانيات المادية، التخلي عن تسيير شباب الريف، وتوصل مع مصالح الصحة العمومية بالحسيمة إلى اتفاق لتسليمه إلى هذه المصالح وتغيير اسم الفريق ليحمل اسما جديدا هو الصحة العمومية، قبل العودة إلى اسمه السابق شباب الريف الحسيمي يوليوز من سنة 1981 بفضل المجهودات التي بذلها الأب الروحي للفريق المرحوم أحمد الخطابي المعروف في الأوساط الرياضية ب” حمشان “
بقاء رغم الإكراهات
يتخبط فريق شباب الريف الحسيمي لكرة القدم، أحد أندية القسم الأول هواة منذ بداية الموسم الجاري في مشاكل لاحصر لها، بسبب الضائقة المالية التي يعانيها، أثرت عليه بشكل كبير، ودفعت لاعبيه إلى الإضراب والاحتجاج والاعتصام. ويعتزم العديد من لاعبي الفريق البحث عن آفاق أخرى الموسم المقبل، جراء المشاكل التي تراكمت على النادي، بل أن بعضهم رفض التنقل رفقة الفريق لخوض بعض المباريات، بسبب عدم توصله بمستحقاته المالية العالقة منذ شهر شتنبر. ويعاني شباب الحسيمة أيضا ارتباكا كبيرا في التسيير، الشيء الذي جر عليه الكثير من المشاكل، منها تخريب تجهيزات غرفتي تغيير الملابس بملعب ” شيبولا ” وإتلافها بعد نهاية إحدى المباريات. وضمن الفريق الحسيمي رغم كل هذه الإكراهات البقاء في القسم الأول هواة رغم تعادله في مباراته الأخيرة أمام وفاء فاس. ويوجد الفريق الحسيمي بعد الدورة 27، في المركز 13 برصيد 28 نقطة جمعها من سبعة انتصارات على مولودية ميسور وحسنية بنسليمان ودفاع حمرية خنيفرة وقدس تازة وجمعية التكوين المهني وفتح ويسلان ووفاء فاس، وسبعة تعادلات أمام قدس تازة ووفاء دريوش واتحاد سلا ودفاع حمرية وحسنية بنسليمان ومولودية ميسور ووفاء فاس، فيما انهزم أمام عمل بلقصيري واتحاد يعقوب المنصور والنسمة السطاتية ذهابا وإيابا، ووفاء دريوش بالحسيمة والتكوين المهني والاتحاد الرياضي السلاوي. وعانى الفريق في فترات متقطعة من البطولة ذاتها أزمة نتائج تسببت في تراجعه في سلم الترتيب قبل أن يتدارك الموقف ويحقق نتائج إيجابية ساهمت في تسلق المراكز والابتعاد عن الخطر.
انتدابات وديون
رحل العديد من اللاعبين الأساسيين عن شباب الحسيمة بداية الموسم الجاري، وانتقلوا إلى أندية أخرى، ضمنهم خمسة محليين كانوا يشكلون الدعائم الأساسية للفريق الموسم المنصرم. واضطرت إدارة الفريق إلى البحث عن عناصر جديدة لتعويض المغادرين، واكتفت في بداية البطولة بالاعتماد على اللاعبين المحليين، قبل أن تلجأ من جديد إلى انتداب آخرين من خارج الإقليم، بعدما فشلت في استقطاب لاعبين من أندية محلية كاتحاد إمزورن وبني بوعياش والنادي الحسيمي، وكذا حين تبين لها صعوبة تأقلم اللاعب المحلي مع أجواء البطولة بعد التعادل الذي انتهت به أولى مباريات الفريق أمام حسنية بنسليمان بالحسيمة. وانتدب الفريق مباشرة بعد السماح له باستئناف نشاطه 11 لاعبا هم، كريم العماري معارا من النادي القنيطري، وأسامة الهواري والمعطي العنبري من أولمبيك اليوسفية، وأيوب أملاح من الاتفاق المراكشي وبدر باعزيز وعزالدين البوري وأسامة آيت عبو من سطاد المغربي، والحارس مروان خيري من وداد تمارة ومحمد باباسي من مولودية ميسور وحمزة الشبة من أمل تزنيت وعبد الدين ياسين من حسنية بنسليمان. واستغرب جمهور الفريق الخطوات التي قام بها شباب الحسيمة، في انتداب اللاعبين، معتبرا إياها لاتترجم حجم انتظاراته، المتمثلة في منح الفرص لأبناء المنطقة بعد نزوله من القسم الوطنى هواة، كما استنكر الجمهور ذاته هذه العملية على خلفية الديون التي تراكمت عليه جراء انتدابات اللاعبين.
لاعبو ن ينتظرون ورواتبهم
ينتظر لاعبو شباب الحسيمة صرف منح 11 مباراة. ووفق معطيات حصلت عليها ” الصباح ” فإن لاعبي الفريق لم يتوصلوا إلى حدود إجرائهم مباراتهم الأخيرة أمام الوفاء الرياضي الفاسي الأحد المنصرم لحساب الجولة 27 من بطولة القسم الأول هواة، بمنح الفوز في خمس مباريات، إضافة إلى منح ست مباريات أخرى حققوا فيها التعادل، ثلاث منها خارج الميدان. وأفادت مصادر أن بعض اللاعبين تسلموا جزءا من منحة وحيدة تخص الفوز الذي حققوه خارج الميدان على حساب حسنية بنسليمان. كما ينتظر اللاعبون أنفسهم إضافة إلى ذلك صرف رواتبهم العالقة مند شتنبر المنصرم. ودخل لاعبو الفريق في إضراب وقاطعوا التداريب في اكثر من مناسبة، مطالبين بصرف مستحقاتهم المالية قبل أن يتم إقناعهم بالعدول عن القرار. وتدخل عامل إقليم الحسيمة في وقت سابق على خط الأزمة المادية التي يعيشها الفريق، حيث استقبل ممثلي اللاعبين بعد الاعتصام الذي دخلوا فيه بمستودعات الملابس ونقلوه بعد ذلك إلى مقر عمالة الإقليم، ووعدهم بمنحهم مبلغا ماليا حدده في 200 ألف درهم، لتوزيعه على اللاعبين والمستخدمين، الشيء الذي تم، حيث توصل اللاعبون براتب شهر واحد.
الديون تخنق الفريق
تشكل الديون أساس جميع المشاكل التي يتخبط فيها الفريق الحسيمي، وجزءا من الارتباك الواضح في تدبير أمور الفريق، الشيء الذي وضع الأخير في موقف لايحسد عليه. ويتهم العديد من المهتمين بشؤون النادي بعض المكاتب السابقة بإغراق الفريق في الديون والمشاكل بسبب انتداباتها العشوائية، خاصة قبل بداية الموسم الرياضي 2018 ـ 2019 وهو الموسم الذي نزل فيه الفريق للقسم الوطني الثاني. وأشار المهتمون إلى أن الفريق الحسيمي يتخبط في عدة مشاكل، تركتها المكاتب التي تعاقبت على تسييره في المواسم الخمسة الأخيرة. وأوضحت بعض المصادر أن الديون التي تركتها المكاتب سالفة الذكر فاقت ملياري سنتيم، بسبب نزاعات مع لاعبين ومدربين سابقين ضمنهم أجانب، فصلت فيها الجامعة الملكية المغربية لكرة القدم والاتحاد الدولي للعبة ذاتها، إضافة إلى مستحقات لاعبين ومدربين مغاربة فاقت مليار سنتيم، ماأغرق الفريق في مشاكل مع لجنة النزاعات، ووضعته في موقف حرج يصعب الخروج منه دون تدخل من المؤسسات الإنتاجية وأفراد الجالية المغربية المقيمة بالخارج من أبناء المنطقة.
فريق بلاهوية
فقد شباب الحسيمة هويته التي كسبها طيلة مساره الكروي، الذي عرف فيه بقهر العديد من الأندية والاستقرار المالي والإداري واللوجيستيكي بمساعدة العديد من المؤسسات والمجالس المنتخبة. ورفع محتضنو الفريق أيديهم عن النادي بعد رحيل إلياس العماري عن الأخير، وولوج أشخاص لاعلاقة لهم بكرة القدم التسيير في الفريق، وإبعاد عدد من الأطر والمدربين الذين صنعوا استقراره. وفرط شباب الحسيمة في التكوين الذي كان إحدى نقاط قوته، من خلال تهميش أطر وأساتذة التربية البدنية، وانتقال لاعبين سابقين للاشتغال في فرق أخرى كاتحاد إمزورن واتحاد الخميسات واتحاد ابن الطيب. وتراجع مستوى التنقيب الذي كان يقوم به بعض المدربين السابقين المحليين. كما ابتعد الفريق أيضا عن لاعبي الحسيمة، وانتدب في كل موسم عشرات اللاعبين من أندية أخرى، كما تراجع مستوى التسيير بشكل لافت في المواسم الثلاثة المنصرمة، الأمر الذي انعكس على نتائج الفريق. ولن يتخلص شباب الحسيمة من مشاكله التي ورثها من الماضي، فضلا عن تسيير فاشل خلق مشاكل عدة للفريق، حالت دون بناء فريق قوي يصارع من أجل العودة إلى قسم النخبة، إلا باعتماد سياسة التكوين والاعتناء بالفئات الصغرى، وتعيين مدربين أكفاء ينقبون عن المواهب الصاعدة، ويتعدهم بالرعاية الشاملة، وبرمجة تظاهرات رياضية على الصعيد الإقليمي لاكتشاف اللاعبين الموهوبين، إضافة إلى اختيار مسيرين يملكون رؤى ثاقبة ويضعون برامج عمل محددة الأهداف وفق ميزانية تراعي خصوصيات الفريق، مع البحث عن بناء مشاريع للفريق تضمن موارد مالية قارة، باستغلال البقعتين الأرضيتين اللتين منحهما الملك محمد السادس للفريق.
جمهور الفريق ينتفض
انتفض فصيل ” ريف بويز ” و” لوس ريفينيوس ” المساند لشباب الريف الحسيمي في وجه اللجنة المؤقتة برئاسة رضوان المسناوي في مباريات الفريق الأخيرة. ورفع الفصيلان اللذان حرصا على الحضور بأعداد غفيرة في مباريات الفريق بملعب ميمون العرصي بمدينة الحسيمة، منذ الإعلان عن عودة الجماهير إلى المدرجات، شعارات ولافتات طالبوا من خلالها اللجنة المؤقتة بالرحي، وبصرف مستحقات اللاعبين العالقة. وتعتزم جمعيات محبي الفريق إطلاق عريضة للمطالبة بإبعاد ماأسمتهم بالمتحكمين في دواليب الفريق ومن يقف وراءهم. وندد العديد من المواطنين بالحسيمة في لقاءات مع ” الصباح ” بالوضعية الكارثية للنادي، ولحجم الديون الكبيرة التي في ذمة الفريق، وطالبوا بالإعلان عن نتائج عملية افتحاص مالية الفريق من قبل لجنة أسندت لها العملية من قبل عامل إقليم الحسيمة، وكذا بفتح باب الانخراط أمام مختلف الفاعلين. كما ندد مهتمون بالوضعية المالية الكارثية للفريق واعتبروا لجنة تصريف أمور الفريق المسؤولة عنها وذلك من خلال تراكم المستحقات المالية للاعبين وأفراد الطاقم التقني والمستخدمين، إضافة إلى بعض الديون، وطالبوا بفتح باب الانخراط أمام الفعاليات الرياضية من أجل انتخاب مكتب مسير للفريق.
متابعة
.