عبر حلقات مضت ، تتبعنا ـ على صفحات موقعنا آلتبريس ـ المسار الفني لعبد العزيز بنحدو (طنجوي) أحد مؤسسي مجموعة تواتون الغنائية بحسيمة الريف : وفي ذات المنحى ، نستأنف اليوم حديثنا عن مسار آخر لزميل له وعضو مؤسس لذات المجموعة سكنته الموهبة الغنائية حد الحلول الصوفي بما عُرف عنه، منذ مطلع سبعينات القرن الماضي، من تفان وتفرغ كامل ومتواصل لإتمام تشييد صرح هذه الأغنية الأمازيغية الملتزمة بالريف، ولا يزال إلى اليوم على ذات الدرب الطويل العسير، بنفس القناعة والثقة وما بدل تبديلا .. إنه الفنان الأمازيغي المغترب الذي اقترن اسمه بمجموعته : أزحاف بوجمعة تواتون
الحـلقة (2): بوجمعة يتذكر محنة عمه مصطفى أزحاف:
عم بوجمعة هذا هو : مصطفى ازحاف الذي ـ حسب ما استقيته شخصيا من أحد معارفه: المرحوم سلام بنطاطو ـ اشتغل موظفا بإحدى مؤسسات الدولة ، دون أن يمنعه ذلك من الانخراط ضمن صفوف المعارضة الاتحادية التي قادها المهدي بن بركة أواسط ستينات القرن الماضي، وهو ما عرضه للاختطاف والتنكيل ولقساوة التعذيب ، الذي يستعيد بوجمعة شريط أبشع صوره استنادا إلى شهادة والده رحمة الله عليه، قائلا : ” بعد عملية الاختطاف التي تعرض لها عمي مصطفى من منزله بشارع قاضي عياض بالحسيمة، زج به في أحدى الأقبية التي نال فيها من أصناف التعذيب ما جعله على مرمى حجر من الموت المحقق، نقل على إثره، تحت حراسة مشددة ، إلى المستشفى العسكري ( HOSPITAL MILITAR).. ومع ذيوع الخبر ، قام جدي المختار بزيارة ابنه للاطمئنان على حياته مستعينا في ذلك بالطبيب المشرف: دون فيدريكو مولينا El Don federico Molina الذي جمعته به معرفة سابقة ..وبينما الرجلان يتفقدان الجناح المعلوم ، إذ بهما يصابان بدهشة وذعر شديدين وهما يلمحان سرير عمي مصطفى خاليا من صاحبه! وهنا انفجر الطبيب واستشاط غضبا للمصير المجهول الذي اكتنف نزيلا ظل تحت مسؤوليته ، لينطلق البحث المحموم في كل مرافق وأجنحة المستشفى دون جدوى ، إلى ان عُثر عليه أخيرا بمستودع الأموات محشوا وسط الجثث وهو يلملم زفرات موته البطيء الذي أنقذته منه هذه الالتفاتة الطائشة !وهنا تأكد للجميع بأن الأمر لا يعدو أن يكون “مؤامرة تصفية” موقوفة التنفيذ بفضل الشخص الذي كُلف بها ، مع ترجيح فرضية علاقة ومعرفة هذا الأخير المسبقة بعمي مصطفى الناجي بأعجوبة! ليتم إخراجه من المستودع ويحال مباشرة على بيته الذي قضى به مدة طويلة حتى أضحى مزارا يوميا لمختلف الوفود التي تقصده من كل حدب وصوب …وهو كذلك، حتى فوجئت عائلته ذات صباح باختفائه عن الأنظار دون سابق إخطار، فعمدت إلى البحث عنه في مختلف أنحاء المدينة و نواحيها دون جدوى..! وبعد مضي مدة غير قصيرة، بدأت أخباره تتوارد من فرنسا ، حيث فضل الاستقرار الدائم ، إلى آن فارق الحياة مع بداية الألفية الثالثة وينقل جثمانه ليوارى الثرى بمقبرة الحسيمة، بعد أن سبق له أن رفض كل التطمينات والوعود التي قدمت له من أجل العودة لوطنه، مصرا على عدم نسيان ما ألحق به من تعذيب نفسي وجسدي ونفي قصري”.
والجدير بالذكر أن مصطفى آزحاف هذا ، هو من بين الشخصيات التي يتذكرها جيدا الزعيم السياسي بنسعيد أيث يدر ( الأمين العام لمنظمة العمل الديمقراطي الشعبي المأسوف عليها ) الذي أسر بذلك شخصيا لبوجمعة لحظة استقباله من طرف هذا الأخير ضمن لجنة خاصة بمطار الشريف الإدريسي يوم حلوله ضيفا على الحسيمة ، ثم أكد ذلك بتفصيل لأحد أشقاء بوجمعة الذي تذاكر وإياه حول المسار النضالي لهذا الرجل الذي تعرف عنه بنسعيد ضمن خلايا جيش التحرير بالجنوب المغربي فترة استقرار عائلة أزحاف بمدينة سيدي إفني كما سبقت الإشارة إلى ذلك . قبل أن يستأنف الرجلان علاقتهما بفرنسا / المنفى .
ومن أبناء الفقيد مصطفى، الذين واصلوا حياتهم الطبيعية بالحسيمة في حضن والدتهم وجدتهم رحمة الله عليهما نذكر: المرحوم عبد الكريم (مولاي احمد) الذي تم اغتياله بكولومبيا ثمانينات القرن الماضي، وعبد الخالق المعروف ب (تيمبا Temba )وأخته (ن) اللذان توفيا مؤخرا بالوباء اللعين (كوفيد 19) رحمة الله عليهما ، ثم السيدة (م) الوحيدة التي ظلت على قيد الحياة أطال الله في عمرها……(يتبع)
محمد الزياني.