عبد اللطيف مجدوب
من خلال إلقاء نظرة كرونولوجية حول القمم العربية والشعارات التي واكبتها ، ألفينا أنفسنا أمام كمّ هائل من التقارير والتوصيات التي انبثقت عنها ، والتي تضيق بها رفوف “جامعة الدول العربية” ، وقد ظلت جامدة ولا تلتها محاولات لتتبع تنفيذها ، سواء على مستوى اللجان العربية المشتركة أو على مستوى الأجهزة التابعة لجامعة الدول العربية ، فقط يكفي اندلاع خلاف بسيط بين هذه الدولة أو تلك ، حتى “ينسخ” الاتفاق العربي ويجعله لاغيا ، وينزع عنه صفة “الشراكة العربية” أو “العمل العربي المشترك”؛ كما يحلو للعديدين توصيفه والتغني به.
من قمة الأمل إلى قمة “لم الشمل” مرورا بدول ” الاتحاد المغاربي ” ، كانت شعارات طنانة لكنها لا تلبث أن تصاب بالخرس ، وكأن جامعة الدول العربية ؛ منذ أن أنشئت 1945 ؛ كانت مهامها وما زالت تغذية أرشيفها بخطب رنانة وتقارير دسمة وتوصيات حالمة ، ويبقى التساؤل مطروحا على أشده : كيف لدول تعادل مواردها الاقتصادية اقتصاديات دول وازنة بالمليارات الدولارات ؛ لا تجرؤ على بناء إرادة سياسية مستقلة في النهوض بأوضاعها الاقتصادية والاجتماعية الهشة ؟ أين تذهب مقدراتها الاقتصادية ؛ من نفط وغاز ومعادن وأسماك…؟
والتساؤل المعضلة هذا يحيلنا على طرح سؤال بسيط وبليد:
هل تمتلك الأنظمة العربية إرادة سياسية فعلية بقصد التعاون وعقد شراكات عربية مشتركة فيما بينها ؟
قد لا تذهب بنا التحليلات بعيداً حتى نصطدم بأن “العداء السياسي” هو المستحكم في علاقاتها بالجيران ، لكنها على استعداد تام بأن تضرب شعارات “الأخوة العربية” ؛ “والتاريخ المشترك” بعرض الحائط وتكيل مقابلها العداء للجارلقاء برميل زيت أو قناة غاز أو حفنة دنانير.. علاوة على أن سيادتها مخترقة من جهات دولية عديدة ؛ تأتمر بأمرها وتنتهي بنهيها ، لذا ما زالت آثار الفرنكوفونية والأنجلوساكسونية تلقي بظلالها على مسارات العلاقات الدولية التي تسلكها كل دولة على حدة، وغير وارد إطلاقا توافق سياسي أو اقتصادي بين الجزائر والمملكة العربية السعودية ، على سبيل المثال ، ما دامتا متنافرتين على مستوى القطبية الايديولوجية أو بين روسيا وأمريكا .
تخوفات استراتيجية مستحكمة
الأنظمة الغربية تعي جيداً التاريخ السياسي العربي ودمويته التي بصمته على مدى أربعة عشر قرنا ، كما أن أمامها تجارب استوعبت دروسها ومدلولاتها السياسية ، تعلق الأمر بسلسلة الانقلابات العسكرية التي شهدتها الجغرافية السياسية العربية ، أو أحداث الربيع العربي ، أو ضربة 11 سبتمبر والتي تلتها موجة من العمليات الإرهابية في أنحاء العالم ، أفضت أخيرا إلى ظهور مصطلح “الإسلاموفيا” والذي بقي لصيقا بالجنس العربي أنى أقام أو ارتحل ، هذا ودون أن نغفل عن عنصر أساسي يستحضره الغرب في تعامله مع العرب ، ألا وهو عنصر الأمية الأبجدية والتي تؤول بصاحبها أحياناً إلى عنصر همجي لا يطاق ، سيما إن كان ذا مال ، فسيبذره لا محالة في أعمال المجون .
وفي المحصلة ، الغرب ينظر إلى النظام العربي كمشروع غير قابل للنضج وهو مرادف لسوء التدبير ومن ثم كان مثقلا بمديونة مئات المليارات من الدولارات ، لذا وجب “الحجر” على خيراته ومدخراته !