في الطريق إلى مدينة ‘دين بين فو’ ( أقصى غرب فيتنام) عرجت على هذا المكان الذي يعرف بباب المغاربة، المكان يوجد شمال هانوي ويبعد عنها بحوالي 60 كلم، أخذني GPS إلى المنزل الذي يوجد داخله هذا الباب/الآثار، لكن رغم ذلك لا نرى شيئا. نزل مرافقي ليسأل سيدة عن القضية، إنه يوجد داخل هذا المنزل قالت، لكن عليكم إيجاد صاحب المنزل حتى يفتح الباب، لأن الآثار يوجد ضمن ملكه الخاص. السيدة وجهتنا إلى ابنة المعني التي تسكن نفس الحي. اتصلنا بالابنة لتتصل بدورها بوالدها. فتح الباب وبدأنا نبحث عن الباب/الآثار بين الأعشاش الأشجار، وجدنا باب الكولخوز. في هذا المكان (الكولخوز) عاش 300 مقاتل مغربي ومغاربي وألماني ويوغسلافي.. بعد انتهاء ملحمة ‘دين بين فو’ فجر 7 ماي 1954، وتحرير شمال فيتنام من الوجود الفرنسي. هؤلاء اختاروا القتال بجانب قوات ‘فيت منه’ بعد انشقاقهم عن اللفيف الفرنسي بدعوة من عبد الكريم وشخصيات أخرى، لترك هذا اللفيف الدموي والانضمام إلى جيش هوشي منه، صاحب هذا المنزل يقول أن هذا الباب شيده المقاتلين الأجانب بين سنة 1956 و 1958 ليكون الباب الخارجي للكولخوز. وتم إعادة بناءه وإصلاحه مرتين من طرف السفارة المغربية بهانوي بين 2009 و 2018، قال. وأن هذه الأرض ستدخل ضمن ملكية والده منذ سنة 1971. يقول أنه كان بالإمكان هدمه لكن تركناها احتراما للذاكرة المشتركة، وهو يستعيد الذاكرة كطفل، كان يلعب مع أبناء المغاربة الذين بقوا الوحيدين في هذا المكان بعدما عاد الباقي إلى بلدانهم. هوشي منه راسل سنة 1960 محمد الخامس من أجل استعادة قومه لكن هذا الأخير لم يجبه لا بالرفض ولا بالقبول، سألت الأستاذ ساعف ( الذي اشتغل عن الملف) عن سبب هذا التنكر، أجاب :” أن الدولة لم تكن ربما مهيأة بعد لاستقبال مئات المقاتلين كانوا ضمن حركة ثورية..انشقوا بدعوة من عبد الكريم”. إنها فعلا تهمة مزدوجة: ثائر ومنشق بدعوة من العدو الأول لفرنسا، يقول صاحب المنزل أن جزء من المغاربة سيرجع إلى المغرب سنة 1973 ( 1972 حسب ساعف) وجزء آخر سينقل إلى مناطق أخرى من بادية هانوي. وأنه يعرف أين نقلوهم حينها لكن لا تربطه بهم أية علاقة رغم أنه مازال يتذكر بعض أسماء أطفالهم، في سنة 1972 سيصل جنرال العنكري ( رئيس الاستخبارات) إلى هانوي لدراسة كل حالة على حدا ليقرر من سيرجع إلى المغرب، هؤلاء المقاتلين ( المنشقين والأسرى ) اشتغلوا هنا في زرع الخضر والفواكه لتحقيق الاكتفاء الذاتي لهم ولأطفالهم بعدما تزوجوا من الفيتناميات، قصة المغاربة بفيتنام مرتبطة بشكل قوي بشخصية هامة وهو : الجنرال امحمد بن عمر لحرش أو الجنرال معروف كما كان يطلق عليه رفاقه المغاربة هنا. جنرال معروف كان القائد الميداني للفرقة المغربية ضمن جيش التحرير الوطني الفيتنامي. يقول الكولونيل الطود في حوار خاص مع ساعف أنه بأمر من عبد الكريم سيسافر إلى الصين أواسط الخمسينات على رأس 30 ضابطا انهوا مهامهم التدريبية في عدة تخصصات، وسيلتقي بالقيادة الفتنامية بحضور الجنرال معروف الذي سلمه رسالة لعبد الكريم. يقول ساعف أن علاقة عبد الكريم بهوشي منه ” كانت تتعدى المجاملات، لتصل إلى التعاون الاستخباراتي بين هوشي منه ورجال عبد الكريم:”. بالحرف. حكاية الجنرال معروف ودور عبد الكريم في إعلان ساعة الصفر مغاربيا وفي ملحمة دين بين فو سنة 1954 ستكون ضمن مقال تفصيلي لاحق. للحديث بقية…
جمال الكتابي 9 شتنبر 2023
من مكان ما في الطريق الى دين بين فو