عبد اللطيف مجدوب
غزة مقبرة القوانين
على مدى قرابة ستة أسابيع من بدء الحرب على قطاع غزة ، عاين العالم أجمع ؛ وبكثير من الألم والذهول ؛ مدى وحشية الآلة العسكرية الإسرائيلية ، وهي تمعن في حصد آلاف الأرواح من المدنيين ، جلهم من الأطفال والنساء ، على مرأى ومسمع كل مكونات المجتمع الدولي ، غير مكترثة ولا عابئة بكل الصرخات والنداءات الإنسانية بإيقاف صواريخها وقنابلها على رؤوس سكان غزة ، حتى ولو لبضع ساعات لفسح المجال أمام دخول المواد الإغاثية !
وبدا للعالم النوايا الحقيقية لهذه الطاحونة العسكرية العمياء ، ومن ورائها “مجلس الحرب” الاسرائيلي حينما عارض بشدة دخول الماء والغذاء والدواء ، ولتتكشف صورته في بشاعة غير مسبوقة ، عمد إلى تطويق كل المستشفيات وجعل نزلائها ؛ من المرضى واللاجئين ؛ هدفا له ، سواء بالقتل المباشر أو نزع شرايين الحياة عنهم !
تزييف الحقائق بأساليب بشعة
ولما تناقلت بعض القنوات الفضائية صور الأهوال والدمار والفتك بالمدنيين واقتحامات المستشفيات وردود الأفعال الدولية والشعبية ، عمدت الحكومة الإسرائيلية إلى شن حرب إعلامية مسعورة وغير مسبوقة ، ذات اتجاهين ؛ إتجاه طرد المراسلين واستهدافهم بالقرب من النقاط الساخنة ، ثم اتجاه ثان بفركة واختلاق روايات تتوافق مع حصارها للمستشفيات ، بدعاوى كاذبة بأنها مراكز عملياتية ؛ تتخذها حركة حماس أذرعا بشرية لها في مقاومتها ، والعمل على تسويقها (الروايات) لغرف الأخبار في قنوات الإعلام الغربي الذي يتنفس حالياً برئة مزدوجة مريضة، لا هو أحياناً منصاع للأطروحة الإسرائيلية ، ولا هو قادر على تبني لغة الواقع الميداني لما يجري في غزة من إبادة جماعية، وهذا يعكس ؛ في الواقع الميداني ؛ نوايا لمقدمة ارتكاب مجازر داخل المستشفيات الأبشع صورا ، ولإخلائها أولاً ثم اتخاذها مقار عسكرية لها.
ملف الرهائن بات تحت القصف !
من خلال الربط بين صور القصف والتدمير والتقتيل التي تعرض لها القطاع منذ السابع من أكتوبر حتى الآن ، لمدة تقارب ستة أسابيع ، لا يبدو أن للآلة العسكرية الجهنمية الإسرائيلية هدف مركزي للتعامل مع ملف الرهائن ، فأخذ ؛ في الأيام الأخيرة ؛ يتوارى تحت طائلة الخسائر التي يوقعها القسام بالجانب الاسرائيلي ، وكأن لسان حالها يقول ” كيف لي أن أفاوض عدوا اقتطع مني أرواحا تعد بالمئات ، على”رهائن/مخطوفين” ؟ كيف لي أن أقابل بين جثث ما يفوق الألف مع مائتين إلى ثلاثمائة من الرهائن ، فليكن مصيرهم مصير القتلى… وإسرائيل فوق كل الحسابات ، مهما تعالت أصوات احتجاجات الشارع الاسرائيلي وأسر المحتجزين والضحايا…” ، هذه هي عقيدتهم.
الشعوب ومفتاح وقف المجزرة
إن أكبر ما تخشاه آلة القتل الهمجية في إسرائيل تنامي وتعاظم وأصوات الاستنكار والتنديد والضغط من قبل المجتمع الدولي ، متجسدا في مؤسساته ومنظماته ، وعلى رأسها الشعوب التي هي بمثابة رأس الحربة في اتجاه الوقف الفوري للحرب على غزة ، أو على الأقل تحويلها إلى هدن إنسانية قابلة للتمديد ، وإلا خرجت آلة القتل عن السيطرة ، وذهبت إلى توسيع رقعتها ، وعلى جبهات عديدة ، ما يشي ؛ في نهاية المطاف ؛ لملامح أولية “بتدويل حرب غزة” ، سيما إذا ما دخلت إيران على الخط الحربي الساخن.