وهبي يفجر ملفا شائكا أيده الحداثيون وهاجمه الإسلاميون
فجر عبد اللطيف وهبي، وزير العدل، قضية شائكة تتعلق بمطالبة أرباب الفنادق بعقود الزواج لإيجار غرفة مشتركة. وعبر الوزير عن قناعته الحداثية، مستغربا تعرض المواطنين للإحراج والضغط النفسي، بل إن بعض الأزواج، وهم مرفقون بأبنائهم، يستغربون إلحاح مستخدمي الاستقبال على الطلب.
وقال وهبي إنه بحث، منذ 20 سنة في القوانين، ولم يجد نصا قانونيا خاصا بالإيواء ينص على طلب عقد الزواج، مضيفا أن الطلب “لا سند قانونيا له”. وأكد المسؤول الحكومي، في جلسة محاسبة الوزراء بمجلس المستشارين، أن من يطلب هذه الوثيقة من المواطنين فهو يخالف القانون، ويمكن متابعته قضائيا، معتبرا طلب وثيقة من أي جهة كيفما كانت، إن لم يكن القانون نص على وجوبها، يعتبر تعديا على خصوصية المواطن، ومسا بحريته، مشيرا في هذا السياق، إلى أن مطالبة الفنادق أيضا للنساء بشهادة تثبت عدم سكنهن في المدينة التي يردن حجز غرفة فيها، يعد أيضا مخالفا للقانون.
وأكد وهبي أن هذه الممارسات تشكل عبئا إضافيا على المواطنين، وتمس بحياتهم الخاصة، لأنها تتضمن أسرارا لا يمكن الكشف عنها. وانتصر وهبي للحريات الفردية، وساندته فرق الأغلبية بمجلس المستشارين، التي استدعته لمناقشة شطط الفنادق في طلب عقود الزواج لحجز غرفة مشتركة لرجل وامرأة، إذ ثمن أرباب الفنادق وأصحاب المهن الحرة تصريحات وهبي، ودعوه إلى ترجمة ذلك في إطار قرار وزاري أو قانون، علما أن الفنادق نفسها تبيع الخمور لغير المسلمين، وهي بذلك تخرق القانون دون إحراج.
وأثارت هذه التصريحات نقاشا واسعا بين المواطنين، خاصة على مواقع التواصل الاجتماعي، بين من انتقد جواب الوزير في البرلمان، باعتبارها مخالفة للشريعة الإسلامية، وتشجيعا على الفساد والانحلال، وبين من رأى أنها تندرج في إطار الدفاع عن الحريات الفردية، وعدم المس بخصوصية الناس. وأضاف المسؤول الحكومي أن مصالح وزارته تلقت شكاوى حول مطالبة بعض المؤسسات، بما فيها الفنادق، لزبنائها بتقديم وثائق غير ضرورية، مثل عقد الزواج أو شهادة السكنى، دون أي سند قانوني.
ونفى مصدر مقرب من وزير العدل أن يكون كلامه تسبب في متابعة صاحبة فندق بالدعارة، وتوفير وكر لها، مؤكدا أن متابعة المعنية بالأمر تمت قبل أن يجهر الوزير برأيه في مجلس المستشارين. وتنص المادتان 36 و37 من القانون المتعلق بالمؤسسات السياحية أنه “يجب على كل مستغل لمؤسسة الإيواء السياحي، أو شكل من أشكال الإيواء الأخرى، أن يصرح يوميا لدى الإدارة، عبر معالجة إلكترونية تسمى التصريح الإلكتروني بالمعطيات المتعلقة بزبنائه العابرين، أو المقيمين يوم وصولهم لمؤسسته، مع احترام المقتضيات التشريعية والتنظيمية المتعلقة بحماية الأشخاص الذاتيين تجاه معالجة المعطيات ذات الطابع الشخصي”، و”أن يطلب من زبنائه تقديم وثائق التعريف، وملء وتوقيع استمارة فردية للإيواء يحدد نموذجها بنص تنظيمي”.
من جهتهم، أرجع مسيرو الفنادق مسألة طلب عقود الزواج، إلى مصالح الأمن والدرك، لتجنب تهم واردة في القانون الجنائي حول تشجيع الدعارة وجعل الفندق وكرا لها، من خلال المشاركة فيها، وفق ما ينص عليه الفصل 498 من القانون الجنائي، الذي يعاقب بالحبس من سنة إلى 5 سنوات، وبالغرامة من 5 آلاف درهم إلى مليون درهم، كل من أعان أو ساعد أو حمى ممارسة البغاء، بأي وسيلة كانت”.
ودفعت تصريحات وزير العدل حول عدم قانونية مطالبة الفنادق المواطنين بعقود الزواج، فرق الأغلبية بمجلس المستشارين إلى الدعوة لانعقاد لجنة العدل والتشريع وحقوق الإنسان بالغرفة الثانية، بحضور الوزير المعني، لمناقشة الموضوع، فيما وصفت منظمة نساء العدالة والتنمية تصريحات وهبي بغير المسؤولة، وتصب في منحى واحد، تفكيك المجتمع المغربي، وتجريده من قيمه وأخلاقه، وهو رأي الأمين العام عبد الإله بنكيران، الذي دعا إلى إقالة الوزير من منصبه لأنه “راديكالي حداثي يريد تخريب الأسر المغربية وتشجيع الانحلال الأخلاقي”.
أحمد الأرقام