استعدادات لاستقبال المصطافين وإجراءات صارمة لتدبير موسم الاصطياف بالشواطئ
ترتبط مدينة الحسيمة بفصل الصيف، حيث تشكل هذه الوجهة الساحلية قبلة للآلاف من الباحثين عن الاستجمام والتمتع بمياه البحر هربا من حرارة الجو. وتعرف الحسيمة المطلة على الساحل المتوسطي، لدى المصطافين المغاربة والأجانب، بأنها مدينة سياحية، تستقطب صيف كل سنة الآلاف من الباحثين عن الاستجمام على رمال شواطئها. وينتظر أن تحط وفود المصطافين والزوار من المدن الداخلية الرحال بإقليم الحسيمة، مباشرة بعد عيد الأضحى، باعتباره يغري الباحثين عن متعة معانقة المياه الزرقاء، حيث توجد على طول الساحل الممتد من شاطئ”السواني ” إلى شاطئ ” بادس “. وتمنح العديد من شواطئ الاصطياف بالمنطقة، فضاء واسعا لكل الراغبين في ذلك، وهي أمكنة اعتاد السواح المغاربة وسكان الحسيمة وأفراد الجالية المغربية المقيمة بالخارج قضاء أوقات جميلة بها. وتجري الاستعدادات التي تسبق موسم الصيف كل عام بمناطق الشريط الساحلي، من أجل استقبال المصطافين ممن يختارون هذه المنطقة كل صيف لقضاء عطلتهم. وتركزت الاستعدادات على الاعتناء بالفضاءات الخضراء وتجديد أغراسها كما حدث بكورنيش ” صباديا “، وكذا تبليط الأزقة وبعض الممرات وصباغة المنازل باللونين الأبيض والأزرق. وصار موسم الصيف الفترة الأنسب لتحريك عجلة الرواج بالحسيمة والضواحي، ما جعل انتظاره والاستعداد له من قبل عدد من المشتغلين بالقطاعات الخدماتية سمة لكثير من الفضاءات سواء السياحية أوالتجارية بهذه المناطق.
الميناء الترفيهي
تعززت البنية التحتية بالحسيمة، بفتح أبواب الميناء الترفيهي، بعد تأهيل وتطوير مرافقه، وتنويع أنشطته، وإنشاء أرصفة عائمة وتجهيزات للرسو، وتهيئة المناظر الطبيعية والمعمارية لهذه المنشأة الترفيهية التي عملت على دعم قطاع السياحة. واسهم الميناء بفعالية في تعزيز مكانة الحسيمة كوجهة بحرية سياحية بارزة على مستوى حوض البحر الأبيض المتوسط. وفتحت المنطقة أمام السياح والوافدين الذين يمتلكون مراكب وقوارب النزهة والدرجات المائية. ويعرف الميناء الترفيهي الذي يضم مجموعة متنوعة من المطاعم والمقاهي التي تقدم تجارب طعام فاخرة، إقبالا متزايدا نظرا لجودة الخدمات المتوفرة المقدمة فيه، والأثمنة المناسبة التي تظل في المتناول، ما يترجم الدينامية التي بات يعرفها هذا المرفق السياحي الهام. ويتوفر الميناء الترفيهي بالحسيمة على مختلف المرافق الأساسية التي يحتاجها العابرون والمرابطون داخله، كنقط تعبئة المياه ونقط المراقبة الأمنية، علاوة على المرافق الصحية والماء والكهرباء، كما يتميز هذا الميناء الترفيهي بوجوده داخل مدينة الحسيمة، كما تمنح مرافقه وخدماته للزوار فرصة استثنائية للتمتع بالرحلات البحرية بأسلوب رفيع. وتظل أثمنة هذا الميناء الترفيهي الأرخص على مستوى الموانئ الترفيهية المغربية الممتدة على طول الواجهة المتوسطية، بل وحتى الأطلسية، وتبقى في المتناول، وقد تم تحديدها بدون مغالاة لتشجيع النشاط السياحي بالمنطقة، ومنذ افتتاحه استقبل ولازال العديد من طلبات الاستغلال، مما يؤشر على أهمية سير الخدمات داخله وجودة المرافق التي يتوفر عليها.
إقبال متزايد على المدينة
أصبح عدد زائري الحسيمة يزداد شيئا فشيئا، ويختار العديد من المصطافين القادمين من المدن الداخلية للمملكة ، كفاس وتازة ووجدة ومكناس، شواطئ الحسيمة لقضاء عطلتهم الصيفية، خاصة في ظل موجة الحر التي تجتاح المناطق الداخلية خلال فصل الصيف. وتجذب الحسيمة خلال السنوات الأخيرة عددا كبيرا من المصطافين، يعد بالآلاف، ماشكل تطورا حقيقيا، وهوماجعلها تجذب إليها مزيدا من المغاربة حتى من المدن التي تتوفر على شواطئ كتطوان وطنجة والرباط. ويلجأ معظم زوار مدينة الحسيمة، من هؤلاء السياح، إلى الدور المعدة للكراء، ويتسابق هؤلاء قبل حلول فترة الصيف على حجز هذه المنازل من مالكيها، والمحظوظون وحدهم من يتمكنون من العثور على شقق قريبة من الشواطئ، فيما تتجه نسبة ضئيلة من السياح الوطنيين، إلى الفنادق المصنفة في فئة 3 أو4 نجوم. وتتراوح أسعار كراء الشقق المفروشة بالحسيمة بين 500 و1000 درهم، ويفضل السياح المغاربة هذا النوع من الخدمات بسبب عدم قدرتهم على تحمل التكاليف المرتفعة التي تتطلبها الإقامة في الفنادق، خاصة أن العائلات المغربية في الغالب مكونة من عدد كبير من الأفراد.
النار في الأسعار
تعرف الحسيمة خلال يوليوز وغشت هجوما كاسحا للزوار والسياح، من المدن الداخلية هربا من الحرارة المفرطة، فيتضاعف سكانها، في غياب وضع إستراتيجية واضحة من قبل المجلس الجماعي، تهم الحرص على مراقبة وتتبع كل كبيرة وصغيرة من حيث مايقدم لهؤلاء الضيوف خاصة مايتعلق بالمواد الغذائية وأسعارها. ويواجه زوار المنطقة ارتفاع الأسعار، أسعار الكراء والمواد الغذائية، التي تفوق مايقدم للسياح ببعض المدن كمارتيل والفنيدق وحتى في إسبانيا، حيث لايمكن كراء شقة ب300 أو400 درهم لليلة الواحدة، ولايمكن أن يتناول الزائر مشواة سردين ب20 درهما، علما أن الحسيمة معروفة بإنتاجها لكمية كبيرة من السردين. ووقفت ” الصباح ” خلال جولة قامت بها، على كثير من الحقائق منها ارتفاع الأسعار التي يعزوها أصحاب المطاعم والمحلات التجارية والمقاهي، إلى الزيادة في كثير من المواد الغذائية والخضر والفواكه. وانتقد عدد من الزوار والسياح تحرير الأسعار، وقال أحدهم ” غير معقول بعض الأسعار، لاتوجد حتى بالخارج، لايمكن أن يصل سعر قنينة من الماء صغيرة الحجم إلى 5دراهم، ووجبة فطور إلى 35 درهما، أما بالنسبة إلى المأكولات، فإن الأمر مبالغ فيها، حيث طبق السمك يبلغ ثمنه أزيد من 300 درهم.”
ارتفاع التسول
تعرف شوارع الحسيمة منذ الآن انتشارا كبيرا لأفواج من المتسولين الذين يتمركزون بالأماكن العمومية التي تعرف رواجا للمارة، خاصة أمام الأسواق الممتازة والمحلات التجارية وشارع محمد الخامس، إذ يغزون رجالا ونساء دواليب جوهرة البحر الأبيض المتوسط، مايثير انزعاج السكان والزوار، نظرا للمضايقة التي يتعرضون لها في كل حين. وينتمي أغلب هؤلاء المتسولين لمناطق خارج الحسيمة، قادمين إلى المدينة للبحث عن لقمة العيش ونيل تعاطف السكان، فيفترشون أزقة الحسيمة ويتخذون من الأماكن المهجورة مسكنا لهم، بينما يختار آخرون ارتياد أبواب المساجد، فيستميلون المصلين أثناء خروجهم من بيوت الله، كما يقصدون المقاهي الي تعرف إقبالا كبيرا من قبل زوار القطب السياحي للريف، لافتين الأنظار بهيئتهم وإصابة بعضهم بعاهات وكدمات يستغلونها من أجل نيل عطف المواطنين.
سوق السمك ..معاناة وفوضى
يفتقد سوق السمك، المحدث بسوق الثلاثاء بالمدينة، للمواصفات العصرية التي تتميز بها أسواق السمك في العديد من المدن المغربية. وعبر زوار المدينة عن معاناتهم داخل هذا الفضاء التجاري وقالوا إن المنطقة لايشرفها ان يكون لها سوق للسمك مثل هذا. وأكدوا أن هذا السوق لايروم تنمية المدينة اقتصاديا كما هو الشأن بالنسبة إلى باقي الأسواق، رغم أنه يعمل على تقريب المنتوجات البحرية للمواطن، لكن في ظروف وصفت بغير المناسبة. وأكد أحد التجار أنهم يعانون كثيرا داخل هذا السوق، بعدما تم طردهم من الفضاءات المجاورة وترحيلهم إلى الأخير، معتبرين هذا الفضاء التجاري غير مناسب لممارسة تجارتهم، مضيفا أن تجار السمك لايرغبون في الاستمرار في البيع العشوائي للسمك، لكنهم يريدون سوقا شاسعا يستجيب لتطلعاتهم وتطلعات المواطنين. ويعاني المتبضعون ضيق المساحة المخصصة لكل تاجر حيث لايستطيع التحرك داخلها، وكذا الفضاء المخصص للمواطنين، مايجعل النساء لايحبذن التسوق من هذا الفضاء للازدحام الذي يشهده ممره الوحيد. كما تنتشر داخل السوق المياه الراكدة، إلى جانب معاناة المواطنين مع المجاري المخصصة لصرف هذه المياه. وقال أحد التجار إن السوق تحول إلى مرحاض عمومي حيث يستغله البعض للتبول داخل قارورات ووضعها في زوايا هذا الفضاء. وبجولة داخل السوق يتبين بالملموس ماعبر عنه التجار والمتبضعين، حيث عاينت ” الصباح ” معاناة الباعة وكذا المتبضعين، حيث أن مساحة السوق تبدو مستطيلة، لاتستطيع استيعاب المواطنين الذي يفدون على الأخير لاقتناء هذه المادة، ماتبين أن السوق تم اقتحامه في هذا المكان الذي كان عبارة عن فضاء لبيع اللحوم. وتساءل العديد من المهتمين عن كيف للحسيمة المعروفة بوفرة سمكها أن يكون لها سوق مثل هذا، في الوقت الذي نجد مدنا لاتتوفر على سواحل كوجدة وفاس ومكناس تحتضن أسواقا للسمك بمواصفات محترمة.
إجراءات لتدبير موسم الاصطياف بالشواطئ
نص قرار أصدره عامل إقليم الحسيمة، حسن زيتوني، أخيرا على أن الحراسة تبتدئ بالشواطئ المسموح بها السباحة من الساعة الثامنة صباحا وتنتهي في الساعة الثامنة مساء، وتمنع السباحة خارج أوقات الحراسة. وحدد القرار مناطق الاصطياف، حيث تعين حدود منطقة السياحة بالشواطئ المذكورة أعلاه بالحبال الملونة وعلامة مسموح بالسباحة، وبالنسبة للشواطئ غيرالمحروسة يتعين وضع لوحات تشويرية تحمل العبارتين التاليتين “شاطئ غير محروس، ممنوع السباحة “، من قبل الجماعات الترابية المعنية وبتنسيق مع السلطات المختصة. وبحسب القرار العاملي، فإنه يتعين على الجماعات الترابية المعنية وضع لوحات التشوير تحمل أسماء الشواطئ الموجودة بترابها، مع تحديد موقعها وخصائصها والأماكن المحددة لمزاولة أو منع السباحة بها، مع إضافة علامة المنع لمستعملي الدراجات المائية ذات محرك “جيت سكي ” بالنسبة إلى الخواص. وتتخذ الجماعات التابعة لنفوذ عمالة إقليم الحسيمة كافة الإجراءات اللازمة للحفاظ على النظافة وصحة وسلامة المصطافين داخل الشواطئ وبجوانبها، وحمايتها من خلال منع الممارسات والظواهر الممنوعة والسيئة مع تعزيز آليات المراقبة والنظافة وضبط ومراقبة عملية تفويت المرافق للخواص ومنع الاستغلال العشوائي للأماكن والمحلات، وذلك بتنسيق مع السلطات المحلية والمصالح المختصة، ويجب وضع صناديق أكياس القمامة موزعة بشكل متناغم على الشاطئ.
تدابير لوضع حد لاحتلال الملك البحر
اتخذت مجموعة من التدابير والإجراءات للحد من احتلال الملك البحري الذي استفحل بشواطئ الحسيمة خلال السنوات المنصرمة. ومن هذه الإجراءات، تخصيص نسبة 80 % من المساحة الكلية من الشاطئ للاستعمالات العمومية من قبل المصطافين بالمجان، ونسبة 20% الباقية للأنشطة التجارية والاقتصادية المرخصة، مع إلزام المستفيدين من هاته التراخيص باستخدام تجهيزات ومعدات ذات جودة وذات جمالية موحدة على طول الشاطئ وتحترم القوانين والأنظمة الجاري بها العمل في ميدان المحافظة على البيئة والتنمية المستدامة. وتعرض جميع طلبات الرخص التجارية الممكن مزاولتها بالشواطئ على اللجنة الإقليمية للشواطئ المحدثة بموجب القرار العاملي عدد 207 الصادر بتاريخ 14 أبريل 2022 لتدبير الشواطئ. وتم تحديد الشواطئ المسموح فيها بالسباحة والاستجمام وهي الشواطئ المحروسة، ويتعلق الأمر بشاطئ السواني والطابة واصفيحة وإسلي وكلابونيطاء ومطاديرو وكيمادو وتمشظين وإزضي والمود وتلایوسف وکلاپرس وبادس وطوريس وتغزوت.
تدابير أمنية
نص القرار العاملي سالف الذكر، على أنه يجب على كل من السلطات المحلية والمصالح الأمنية والقوات المساعدة والوقاية المدنية والجماعات الترابية والإدارات المختصة السهر على توفير الموارد البشرية والوسائل الضرورية للحفاظ على أمن وسلامة وصحة المصطافين، وذلك باتخاذ التدابير الوقائية، وجاء في القرار العاملي أيضا إحداث مراكز أمنية شاطئية للحفاظ على أمن وسكينة المصطافين، والسهر على تنبيه المصطافين باستمرار بحالة البحر في الوقت المناسب وبالوسائل المعتادة بتنسيق مع مصالح الوقاية المدنية، وتعزيز فرق الإنقاذ الموسمية (معلمي السباحة) بعناصر مدربة وتزويدها بكل وسائل التدخل الضرورية. كما شدّد القرار على أنه يمنع التخييم بالشواطئ والمخيمات التي لا تتوفر على الترخيص لهذا الغرض وعلى شروط الصحة والسلامة، ومنع ممارسة الألعاب الرياضية سواء فردية أو جماعية بالشواطئ، باستثناء المرخصة منها، ومنع اصطحاب الكلاب والحيوانات الأليفة إلى الشواطئ المذكورة، وكذا استهلاك مادة الشيشا والمواد المحظورة على الشواطئ، ومنع سير المركبات وتوقفها على الشاطئ وعلى الشرائط الكثبانية الساحلية وعلى طول شط البحر، ولا يطبق هذا المنع على مركبات الإسعاف والأمن الوطني والدرك الملكي والقوات المساعدة والقوات المسلحة الملكية وكل مركبة خاصة بالمراقبة مرخص لها من قبل الإدارات المعنية وكذا تلك المستعملة لأغراض الأنشطة التي تتطلب القرب المباشر من الماء والمرخص لها لهذا الغرض.
جمال الفكيكي