الغبزوري السكناوي
تناقلت، منذ أيام، العديد من الجرائد والمحطات الإخبارية العالمية معاناة وفد سياحي برتغالي، يتكون من 48 شخصا، كان قد حل بالمغرب، حيث تعرض خلال إقامته بالمنتجع السياحي “راديسون بلو” بالحسيمة لإلتهابات، وصفت، بالحادة على مستوى المعدة والأمعاء جراء ظروف الإقامة وغياب شروط النظافة بهذا المنتجع.
نعم “القذارة” كانت عنوان قصاصات إخبارية تداولتها وسائل إعلام دولية حول منتجع سياحي من فئة خمسة نجوم وتابع لمجموعة عالمية، ورغم ذلك لم نسمع من الجهات المسؤولة توضيحا أو بلاغا رسميا، لا أحد من المعنيين تحدث عن هذه الحادثة التي وصفاتها شبكة CNN العالمية ب ”أسبوع الموت أو الإستشهاد”
الجميع انحاز إلى الصمت، إدارة المنتجع، وزارة السياحة، وزارة الصحة، المكتب الوطني المغربي للسياحة، شركة “مضايف” والمكتب الوطني للمطارات… نعم كل هؤلاء تحصَّنوا بالسُّكوت وإن كانت سمعة الوطن هي المتضررة، الكل ضاق به البيان إزاء حملة إعلامية أتت من دول بدأت تنزعج من الريادة العالمية للسياحة المغربية
هكذا تصرف الجميع إزاء حادثة سيكون لها، ربما، بالغ الأثر على جاذبية المغرب والمنطقة، خاصة وأن الإعلام الدولي اكتفى بنقل سردية الضحايا وانحاز لها، كما فعلت الصحيفة الجزائرية L’Algérie Aujourd’hut التي التقطت الواقعة وأوردت أنه “بدلاً من الرفاهية التي دفع السياح ثمنها، كانت هناك قذارة ومشاكل متعددة”.
ففي الوقت الذي يتعاظم فيه استعمال الدول والشركات للقوة الناعمة لتصحيح الصورة السلبية التي اكتسبتها بعض الوجهات السياحية عبر العالم، اختار المغرب أن يتصرف بلا اهتمام اتجاه هذه “الحملة” الإعلامية التي قادتها الشبكة الإخبارية CNN وانخرط فيها الإعلام الإسباني، الجزائري، والبرتغالي بالدرجة الأولى
إذا كانت الکثير من الدول السياحية أدركت فاعلية “القوة الناعمة” في الترويج لمقاصدها السياحية عبر التراث الثقافي، الفنون والحرف اليدوية، المواقع الأثرية، المعالم التاريخية، والإعلام نظير التأثير الإيجابي الذي تحدثه هذه العناصر في جمهور المستهلکين، فإننا نجد أن المؤسسات المغربية التي تتولى الشأن السياحي، قد اختارت الصمت القاتل منهجا وشعارا.
فوصف منتجع سياحي مصنف تصنيف عالي، وتابع ل” مجموعة فنادق راديسون” التي تملك وتدير حوالي 1500 فندق في 120 دولة حول العالم، ب “القذارة” وأن لياليه تحولت إلى “أسبوع الإستشهاد” و”عطلة الأحلام تتحول إلى كايوس” لن تكون تكلفته بالزهيدة، بل ستؤدي مقابله السياحية الوطنية ووجهة الحسيمة ضريبة باهظة.
بقَطْع النَّظر عن ملابسات ما جرى في هذه الحادثة، وحجم إصاية هذا الوفد بالإلتهابات المعوية، ففاتورة الصمت المغربي ستكون فادحة، وذلك بالنظر للأطراف الواقعة ضمنها، كوكالة السياحة والأسفار Abreu التي تمتلك أزيد من 140 فرعا في البرتغال، بما في ذلك “ماديرا” وجزر الأزور إضافة إلى أنجولا، البرازيل، إسبانيا، المملكة المتحدة والولايات المتحدة الأمريكية.
صورة المكتب الوطني المغربي للسياحة بدورها ستكون متضررة وهو الذي وقع يناير 2024، على هامش المعرض الدولي للسياحة بمدريد، على شراكات استراتيجية مع إثنين من أكبر منظمي الرحلات السياحية، وضمنهما وكالة Abreu، بهدف مضاعفة عدد الزبائن إلى الحسيمة، السعيدية وأكادير…
هكذا يبدو أن شَظَايَا هذا اللغم اجتازت “جلد” الوكالة السياحية Abreu و”مجموعة فنادق راديسون” التي أدرجتها مجلة فوربز كرابع أفضل صاحب عمل في مجال السياحة، لتستقر في قلب “مضايف”/ فرع C.D.G التي تراهن على شراكتها مع “راديسون” لإنشاء 15 فندقا في أفق 2025، منها تلك التي افتتحت في يوليوز سنة 2021 بالحسيمة والسعيدية وتغازوت
وإذ ما تحققت الأخبار التي تتحدث عن إلغاء وكالة Abreu لجميع رحلاتها السياحية المقررة إلى الحسيمة وسحب جميع العروض المتعلقة بالمنطقة، فأكيد مطار الشريف الإدريسي سيكون أيضا واحدا من ضحايا هذا “اللغم” خاصة وأن الرحلات البرتغالية ساهمت في رفع عدد المسافرين عبر هذه البوابة بنسبة 27 بالمائة مقارنة بنفس الفترة من السنة الماضية.