تستغل الوكالة في توفير مستخدمين برواتب أقل من الحد الأدنى للأجور
وجدت الوكالة الوطنية لإنعاش الشغل والكفاءات، نفسها في قلب فضيحة الوساطة لشركات مهمتها استغلال الشباب المغاربة، في العمل مقابل أجور هزيلة لا تصل حتى الحد الأدنى للأجور.
وأعلنت الوكالة قبل أيام عن طلب تشغيل مطورين معلوماتيين، متخصصين في تطوير التطبيقات وصيانتها بتطوان، براتب لا يتعدى 1600 درهم، وهو أجر يقل عن الحد الأدنى للأجر، رغم أن الكفاءات المطلوبة تستوجب الحصول على شهادة مهندس معلوميات.
وأثار إعلان الوكالة غضبا كبيرا في مواقع التوظيف، ما جعل الباحثين عن الشغل يصفون الوكالة بـ “الكفيل”، تزامنا مع الضجة التي أثارها فيلم “حياة الماعز”، الذي يناقش نظام الكفيل الشبيه بالعبودية.
وعلمت “الصباح” أن الوكالة لا تتحمل القدر الأكبر من المسؤولية في استغلال الباحثين عن الشغل، وإنما تواجه تحديات بدورها مع شركات متلاعبة، تستغل اتفاقياتها مع الوكالة من أجل الاستفادة من العمالة الرخيصة، مقابل الحصول على خدمات تفوق بكثير الأجر المقترح.
وتقوم هذه الشركات بلعبة ماكرة، تتمثل في تقديم عروض عمل للوكالة من أجل عرضها على الباحثين عن الشغل، وتشترط أن يكون التشغيل بعد فترة تجريب تمتد لثلاثة أشهر قابلة للتمديد مرة واحدة، مقابل منحة مالية هزيلة، وإذا استجاب المستخدم لرغبات الشركة، سيتم تشغيله وإعادة مناقشة الراتب.
وفي الواقع تستفيد هذه الشركات من عمالة رخيصة مدة 6 أشهر، ما يوفر عليها كلفة أجور مهمة، وعند نهاية المدة تقترح على المستخدم راتبا هزيلا في حدود 4 آلاف درهم أو أقل، علما أنه يكون مهندسا أو حاملا لشهادة عليا.
وإذا رفض المستخدم الراتب الهزيل يتم تسريحه، وإرسال طلب توظيف جديد للوكالة، ما يوفر لهذه الشركات عمالة مجانية.
وتتوارى هذه الشركات وراء عبارة “التدريب قبل التوظيف” من أجل التهرب من المتابعة القانونية، بتوظيف مستخدمين برواتب أقل من الحد الأدنى للأجر، مستغلة اتفاقياتها مع “أنابيك” التي تجد نفسها غير قادرة على رفض عروض الشركات، بدعوى أنها تستجيب لبنود الاتفاقات التي تجمعها بها، رغم علم القائمين على الوكالة بألاعيب الشركات.
وما يكشف بشكل جلي هذه التلاعبات، أن هذه الشركات لا تبحث فقط، عن حديثي التخرج، بل إنها تشترط في عروضها، ضرورة التوفر على ما بين 6 أشهر وسنة من الخبرة في المجال، كما هو الأمر بالنسبة إلى الإعلان الأخير المتعلق بتوظيف مطورين معلوماتيين بتطوان.
ويطرح السؤال كيف لشخص يملك سنة من الخبرة، أن يعمل براتب 1600 درهم، وفي نهاية فترة التدريب يعرض عليه راتب هزيل، وفي حال رفضه يتم إنهاء التعاقد معه ؟.
عصام الناصيري