قضى 40 سنة بالحرس الملكي وحقق إنجازات في القفز على الحواجز
كان المرحوم اليزيد الشراط شخصية عسكرية غير عادية برتبة كولونيل ماجور. قضى حوالي 40 سنة بالحرس الملكي مسؤولا عن الخيالة، نظرا للكفاءة التي أبانها في ميدان الفروسية، خاصة وأن والده الذي كان قائدا نواحي الحسيمة، كان يتوفر على إسطبل خاص لتربية الخيول والجياد بمنطقة أجدير بإقليم الحسيمة. ولد المرحوم اليزيد الشراط بأجدير سنة 1938، تلقى تعليمه الابتدائي والثانوي بمدينتي الحسيمة وتطوان، ثم التحق بعد ذلك بالأكاديمية الملكية العسكرية بمكناس، حيث تخرج منها سنة 1962 برتبة ملازم. ولم تشكل ثقافته ودراسته اللغة الإسبانية في المرحلة الثانوية، عائقا حين كان طالبا عسكريا بالأكاديمية الملكية، حيث جميع المواد كانت تدرس باللغة الفرنسية، بل تمكن من تجاوز ذلك باجتهاده حتى أصبح يتحكم في قواعد هذه اللغة وقاموسها. والتحق مباشرة بعد تخرجه بالحرس الملكي.
بطل فوق العادة في الفروسية
حقق المرحوم اليزيد الشراط إنجازات عدة في مجال القفز بالحواجز منذ التحاقه بالحرس الملكي، حيث حاز على بطولة المغرب خمس مرات في الفترة الممتدة بين 1974 و1978. ونظرا لخبرته وكفاءته، في ميدان الفروسية، فقد كان مسؤولا أول على الخيالة داخل الحرس الملكي، وجرى تكليفه بالإشراف على تدريب جلالة الملك محمد السادس حين كان وليا للعهد، وكذا أفراد العائلة الملكية، حيث تعلموا على يده مبادئ الفروسية وركوب الخيل والقفز على الحواجز. وشارك المرحوم في العديد من المنافسات الدولية في عدة مدن فرنسية وعالمية، حيث مثل المغرب أحسن تمثيل. وأحرز بطولة الألعاب المغاربية سنة 1975، والعالمية العسكرية بطهران، وجائزة كبرى بمدينة خيريس الإسبانية سنة 1982.
مسؤوليات عديدة
كان بطلا عسكريا بامتياز، باعتراف العديد ممن شاركوه في مسابقات عالمية وعربية. وقد تميزت حياته بتقلد عدة مهام ومسؤوليات، حيث أصبح رحمه الله حكما دوليا في القفز على الحواجز، بإيعاز من الأميرة للاأمنة رحمها الله التي كان عينها الملك محمد السادس رئيسة للجامعة الملكية المغربية للفروسية سنة 1999. وكان المرحوم خلال هذه الفترة مكلفا بتقديم التحايا العسكرية لضيوف المملكة المغربية من رؤساء مختلف الدول نظرا لماكان يتمتع به من هيبة وحنكة وشخصية. واعتبارا لما حققه من مكاسب إيجابية للفروسية بالمغرب، تم تعيينه سنة 2002 مفتشا لسلاح الخيالة قبل إحالته على التقاعد سنة 2004. ومما يحكى عن اليزيد الشراط، أنه تعرض لخمس عشرة إصابة في مختلف أنحاء جسمه، طيلة المدة التي مارس فيها رياضة القفز على الحواجز. وكان رحمه الله حسب بعض أصدقائه ومعارفه يتميز بشعبية كبيرة وبشجاعة قل نظيرها. وكسب خبرته في مجال الفروسية من خلال خضوعه لتكوين بفرنسا في الفترة الممتدة بين 1969 و1972.
حجز المرحوم اليزيد الشراط مساحة احترام كبيرة لدى سكان الحسيمة، خاصة منطقة أجدير التي ولد فيها، وقد تعرف عليه العديد منهم من خلال متابعة ” أسبوع الفرس ” على الشاشة الصغيرة، حين كان يشارك في المسابقات الوطنية في رياضة القفز على الحواجز. وكان من حين لآخر يزور المنطقة ويعامل الناس بالمعروف، واحترامهم له يستمد عمقه من شخصيته ومكانته. لجأ إليه العديد من المواطنين قصد مساعدتهم وحل بعض مشاكلهم، ولم يكن يبخل عليهم بلقائهم والإنصات إليهم. يحكى عنه أنه توسط لأحدهم لدى قنصلية بلجيكا بالرباط، بعدما رفضت منحه تأشيرة ” تشينغن “، الشيء الذي تمكن منه الأخير، وظل يعترف بفضله عليه إلى يومنا هذا. ورغم حصوله على التقاعد ظل بلياقة بدنية عالية، وكان يعشق في هذه المرحلة رياضة الغولف. وقد كان رحمه الله من الرعيل الأول المتحدر من الحسيمة، الذي اختار الالتحاق بالأكاديمية العسكرية بمكناس إلى جانب المرحوم عبد الرزاق الخطابي والكولونيل عبد الحفيظ بلوقي. وكثيرا ماكان المرحوم يفكر في اختيار العيش بعد تقاعده بمنطقة أجدير الجميلة، على ضفاف البحر الأبيض المتوسط، غير أن ارتباطه بعائلته وأصدقائه جعله يستقر بالعاصمة الرباط، إلى حين وافاه الأجل بالأخيرة سنة 2020، ودفن بمسقط رأسه بأجدير.
جمال الفكيكي