الغبزوري السكناوي
طالعتنا، أواخر شهر غشت الماضي، بعض المواقع الإخبارية المحلية وصفحات مواقع التواصل الإجتماعي عن مشروع من شأنه أن يعزز الفضاءات العمومية بالمدينة، وذلك بعد الإنتهاء من أشغال تهيئة وإعداد ساحة جديدة بالقرب من الإقامة الملكية ومعهد البعثة الثقافية الإسبانية، لتنضاف كفضاء سيقوم بعدة وظائف على مستوى الترفيه والألعاب وكذا احتضان مختلف الأنشطة.
الساكنة استحسنت المشروع كثيرا حتى وإن لم تعلم عنه شيئا، ربما حصل ذلك من قوة اشتياق الساكنة لمشاربع تنموية تهم البنية التحتية والتجهيزات الأساسية، أو أن هذه القناعة حصلت لأن المواقع الإلكترونية اعتبرته “إضافة نوعية” وتحدثت عن موقعه الإستراتيجي وعناصره الجمالية التي جمعت بين الماء، الإنارة، الأشجار، الورود، الرخام والزليج التقليدي.
نعم، عدد من المواقع الإخبارية المحلية اعتبرته كذلك، بل أتت على ذكر محاسن المشروع و”التغزل” به بألفاظ بديعة لم يقلها حتى قَيْسُ بْنُ اَلْمُلَوَّحِ وهو يهيم حبا في ليلى، كل هذا حدث وإن أتت هذه “المقالات” خالية من عناصر الخبر، فهي لم تتحدث عن التكلفة المالية ولا عن حامل المشروع، ولم تذكر مدة الأشغال ولا المكلف بالدراسات والتنفيذ ومتابعة الأشغال.
وحتى لا نتهم بالعدمية وتسفيه مجهودات الدولة فلن نتحدث عن جودة أشغال تهيئة هذه الساحة ولا عن المواد المستعملة، وطبعا لن نناقش جدوى إضافة ساحة إسمنتية بالقرب من ساحة مشابهة عوض تهيئة فضاء طبيعي سيكون بمثابة متنفس حقيقي للأطفال الصغار وأسرهم، عن كل هذه الملاحظات نحن ساكتون، فلا أحد يعرف مصلحتنا أكثر من المسؤولين!!!
وحتى أنفي عني، وبشكل قاطع، تهمة تسفيه مجهودات الدولة والمسؤولين أصرح أمامكم أن المشروع جميل، بل وجميل جدا، ولكن دعوني أيضا أن أعترف لكم بحجم الصدمة التي أصابتني وأنا أتجول في هدم الساحة، نعم كانت الصدمة قوية، ولكن لا تنتظروا مني أن أردد أمامكم بأن العطار لا يصلح ما أفسده الدهر لأن العطار، هنا، اختار عن “سبق الإصرار والترصد” الإفساد.
نعم هناك ما أفسد جمال هذا المشروع، وربما الصحيح هو القول ب “من أفسد” عوض “ما”، شيء ما أبعد هذه الساحة عن التعابير التي جعلتها “انعكسا لروح المزج بين التجديد والأصالة،”، شيء غريب “تسلل” في غفلة من الجميع إلى تجهيزاتها، ولم ينتبه إليه العمال ولا المقاول، ولم يلاحظه المكلف بتتبع ومراقبة الأشغال، ولم يثر انتباه حتى من تسلم المشروع.
دعوني أقول لكم أن هذا الشيء، هو في الحقيقة، غريب في طبيعته وحتى في طريقة “تسلله”، طريقة لا تختلف كثيرا عن أساليب “الأربعين حرامي” حين يتسللون إلى المغارة ليلا، هذا الشيء الذي “اندس” في تجهيزات هذه الساحة يفترض فيه صورتين، إما أن المقاول/العمال قاموا ب” شراء مسروق” أو أن هذه الشركة كانت تنفذ أشغال مؤسسة أخرى وقامت ب”سرقة” بعض تجهيزات هذه المؤسسة.
وحتى إذا افترضنا حسن النية، وهو الأصل، واعتبرنا أن هذا “الشيء الغريب” عرف طريقه، في ظروف غامضة أو في لحظات سهو، إلى مستودع الشركة المكلفة بالأشغال أو شركة المناولة، فثمة مسؤولية أخلاقية وقانونية قائمة، لأن ما حدث دليل على وجود “طيش” في سلوكات البعض والتي يمكن أن ترتقي، لا قدر الله، إلى شبهة “التورط في حيازة واستعمال أشياء متحصل عليها من أفعال إجرامية تتعلق بتخريب منشٱت عمومية”
هكذا حضر منطق “علي بابا” و”الأربعون حرامي” في تهيئة وتحهيز هذه الساحة العمومية، على الأقل بسبب “الغفلة” المبالغ فيها وانعدام المراقبة في جميع مراحل الأشغال، وإلا كيف يفسر المسؤولين “تسلل” الأغطية الحديدية الخاصة ب “بالوعات” قنوات تصريف المياه تحمل شعار شركة Amendis، وهي الشركة التي لا علاقة لها بتاتا بالمشروع/ الساحة ولا تربطها يجماعات الحسيمة أية اتفاقية.
فكل من يقوم بجولة بسيطة على جنبات هذه الساحة ستظهر له وفي مشهد نشاز “بالوعة” صرف مياه الأمطار بغطاء حديدي يحمل على واجهته رمز وشعار شركة Amendis، فرع “فيوليا البيئة” التي تعتبر فاعل في مجال الخدمات العمومية، وبالضبط في قطاع توزيع الماء الصالح للشرب والكهرباء وبجمع ومعالجة المياه المستعملة في بعض مدن الشمال، والتي لا توجد ضمنها الحسيمة طبعا.