أرسل تجريدتين عسكريتين إلى زايير وكان رجل حوار وتواصل وذا قيم إنسانية رفيعة
الكولونيل الحاج عمار أومغاري، القائد السابق للفوج الأول للمشاة البحرية بالحسيمة، تشهد المدينة وشوارعها على حنكته ومهنيته، وكذا مكتبه بشارع الحسن الثاني بمدينة الحسيمة، الذي فتحه في وجه الجميع، فاتحا باب تواصل يشهد له به. وفاؤه لواجبه المهني وحرصه على خدمة جنوده وتكوينهم عسكريا، جعلاه محبوبا لدى الحسيميين الذين يشهدون على فترة مميزة دامت 28 سنة تولى فيها المسؤولية قائدا للبحرية الملكية بمدينة الحسيمة.
يتحدر الكولونيل عمار أومغاري من منطقة نواحي الناظور تابعة لمدينة زغنغن. نشأ وترعرع بمدينة إفني جنوب المغرب، حيث انخرط والده في الجيش الإسباني، وشارك معه في الحرب الأهلية الإسبانية في ثلاثينات من القرن الماضي. ولم يتمكن الكولونيل الحاج عمار من متابعة دراسته في الصيدلة وشقيقه في الطب بجزر الكناري بعدما كان أرسلهما والدهما رحمه الله هناك، حيث استجابا لنداء كان أطلقه الجنرال مزيان بأمر من الملك الراحل محمد الخامس عبر الإذاعة الوطنية، للالتحاق بصفوف الجيش لمن يرغب في ذلك. وتلقى الشقيقان تكوينا عسكريا بإحدى الأكاديميات بإسبانيا، حيث اختار الكولونيل الحاج عمار مدرسة الطيران فيما شقيقه المدفعية. وساهم الكولونيل في تأطير بعض الجنود المغاربة العائدين من إسبانيا للالتحاق بالجيش المغربي. التحق الكولونيل عمار سنة 1967 بالبحرية الملكية قائدا للفوج الأول للمشاة البحرية بالحسيمة، بعد انسحاب الجيش البري من المنطقة. أرسل الكولونيل تجريدتين عسكريتين إلى جمهورية زايير، الأولى تحمل اسم ” شابا 1″ سنة 1973، والثانية اسم ” شابا 2 ” سنة 1976 بطلب من الرئيس موبوتو في إطار تحالف دولي لدعمه ضد المتمردين الكاتنغيين. وقبل إحالته على التقاعد سنة 1997 التحق بالقيادة العليا رئيسا لقسم المشاة البحرية وهي المهام التي عمل مسؤولا فيه لمدة سنتين، قبل عودته إلى مسقط رأسه ليستقر بمدينة سلوان بإقليم الناظور.
كفاءة وقيم
يشهد العديد من المواطنين الذي عايشوا الفترة التي كان فيها الحاج عمار قائدا للمشاة البحرية بالحسيمة، بقدرته العالية وكفاءته التواصلية، حيث وجد فيه السكان وكذا جنود البحرية الملكية مسؤولا ذا خصال مهنية عالية وقيم إنسانية رفيعة. فهو إلى جانب إنسانيته الراقية، كان يمتاز بالكفاءة والمسؤولية والإخلاص والانضباط والحزم وبالعمل الدؤوب. وشكل الحاج عمار صلة وصل بين المدنيين والعسكريين ورجال السلطة، وكان يأمر جنوده الذين كانوا يتحدرون من مناطق مختلفة خاصة مدينة الدارالبيضاء، باحترام المواطنين، بل في عهده تزوج البعض منهم بنساء ريفيات. كما ساهم في حل العديد من المشاكل، سواء بالنسبة إلى المدنيين أوالعسكريين. قدم خلال السنوات التي عمل فيها بالحسيمة خدمات جليلة ومجهودات جبارة، إذ كان ملتزما بجوهر عمله، أخلص فيه وأحبه فكان ناجحا متفوقا فيه.
عمار…الرياضي
كان للحاج عمار ولع بالرياضة بصفة عامة، وكرة القدم بشكل خاص. وفي عهده تألق فريق البحرية الملكية للحسيمة، على الصعيد الوطني وكانت مشاركته إيجابية في بطولة الجيش الملكي. وتألق في صفوف الفريق مجموعة من اللاعبين كالمرحوم البشير والحارس المرحوم زعيبيلة، والبيار والكيناوي، بل منهم من التحق بصفوف فريق شباب الريف الحسيمي حين كان يلعب في القسم الوطني الثاني. وكان الحاج يحضر مباريات فريقه بالملعب البلدي بالحسيمة خاصة في بعض المناسبات كعيد العرش وعيد الاستقلال والمسيرة الخضراء. كما كان عاشقا للرياضات البحرية بشاطئ كيمادو، خاصة التزحلق على الماء. ويتذكر بعض السكان الأقدمين لحي ” السوق الراشي ” بالحسيمة، خاصة من هواة كرة القدم، أن الحاج كان يسمح لشباب الحي باستغلال ملعب ” القشلة ” الموجود قبالة ثكنة المشاة، لخوض مباريات في كرة القدم ضد فرق أخرى. ويتذكر البعض حادثا شهده الملعب البلدي بالحسيمة، أواسط السبعينات بعد نهاية مباراة جمعت بين البحرية الملكية وفريق الصحة العمومية، حيث عمد أحد المواطنين وكان معروفا، إلى توجيه لكمة إلى عنصر تابع للبحرية الملكية من الجمهور ولاذ بالفرار. لكن الحاج عمار لم يول للحادث أي اهتمام وطالب الجندي بنسيانه.
جمال الفكيكي