بقلم : عبدالهادي بريويك
إلى من يتحدثون عن “الدولة الاجتماعية”،
إلى من يتغنون بالبرامج والميزانيات والأوراش الكبرى،
إلى من يقدمون الأرقام على أنها حقائق، والوعود على أنها إنجازات…
نقول لكم بصراحة:
المواطن لا يعيش في الموازنة العامة، بل في ثمن الخبز، وسومة الكراء، وكلفة الدواء.
وما يسمى بـ”المؤشر الاجتماعي” الحقيقي لا يوجد في تقارير مؤسسات الدولة، بل في معِدة المواطن.
أن تقولوا إنكم حكومة “دولة اجتماعية”، ثم نرى كيف تُهدد القدرة الشرائية للمواطن البسيط كل يوم، هو أمر لا يمكن وصفه سوى بـالاستهتار بالشعور الشعبي.
فـ”الدولة الاجتماعية” لا تكون شعارات تُلقى في الخطب، بل سياسات ملموسة تنعكس في حياة الناس:
هل انخفضت أسعار المواد الأساسية؟
هل وُفرت مناصب الشغل اللائق؟
هل حُسِّن مستوى التعليم والصحة العموميين؟
هل شعر المواطن أنه مُصان الكرامة في مواجهة تغوّل السوق؟
إذا كانت الإجابة بـ”لا”، فكل ما تقولونه مجرد تجميل للواقع القاسي.
معِدة المواطن لا تكذب.
هي التي تُظهر بصدق إن كنتم فعلاً حكومة اجتماعية، أم حكومة أرقام وموازنات صُممت لتُرضي المؤسسات المالية لا الناس.
لقد أصبح المواطن البسيط يرى في سياساتكم إعادة إنتاج لنفس المنطق النيوليبرالي، الذي يُسلّع كل شيء: التعليم، الصحة، الحياة الكريمة، وقريبا حتى التنفس ..
وهذا ما نرفضه… وهذا ما سنحاسبكم عليه سياسيًا، أخلاقيًا، وتاريخيًا.
الكرامة لا تُقاس بالحملات الإعلامية، بل بلقمة الخبز التي تُنتزع من فم الفقير، وبصوت الأمهات في طوابير المساعدات، وبألم الآباء حين يعجزون عن دفع أقساط التعليم والعلاج.
كفاكم تجميلًا للكلمات… فالمؤشر الاجتماعي الذي نراقبه نحن لا يوجد في مكاتب التقنوقراط، بل في وجه المواطن حين يفتح محفظة فارغة، وثلاجة خاوية، ومستقبل غامض.