يرزح سكان بمناطق جبلية متفرقة بإقليم الحسيمة، التابعة للجماعات الترابية كتامة وإساكن وعبد الغاية السواحل وشقران، تحت رحمة برد قارس لايرحم أجساد الصغار والكبار، ولاالعجزة والمرضى منهم، ممن لايتحملون ظروفه وضيق ذات اليد العاجزة عن توفير تكاليف حطب التدفئة، حيث لم تعد لهم قدرة على شرائه، أمام محدودية مبادرات الدعم الجمعوي. وتحدثت مصادر عن الوضع الذي بات أكثر قساوة بفعل انخفاض درجة الحرارة وسط الجبال، وغياب الوسائل اللازمة لمقاومة البرد القارس. وتعيش العديد من المناطق على إيقاع انخفاض درجة الحرارة، وتأثير البرد على عيش السكان ونشاطهم الفلاحي. وينتظر العديد من المواطنين المبادرات التي يقوم بها بعض الأفراد من داخل المغرب ومن أبناء المهجر وبعض الجمعيات، المتمثلة في المساعدات والتبرعات التي هي عبارة عن ألبسة وأغطية ومواد غذائية، لمقاومة موجة البرد القارس الذي يؤثر على صحة السكان سيما الأطفال والشيوخ، خاصة في المناطق الفقيرة كشقران وبني حذيفة وغيرها من المناطق الجبلية الممتدة من إقليم تاونات وشفشاون إلى حدود إقليم دريوش.
التدفئة أنواع
تختلف طرق تعامل سكان الجبال بإقليم الحسيمة، مع الظروف المناخية السيئة التي تعيشها كلما تساقطت الثلوج وانخفضت درجة الحرارة، سيما بدواوير وتجمعات متناثرة. وإذا كانت الأسر الميسورة بمناطق كتامة وإساكن وعبد الغاية السواحل، محظوظة بتوفرها على إمكانيات شراء وسائل التدفئة بالكهرباء والغاز، فإن جل الأسر متوسطة الدخل أوالفقيرة، تعتمد على وسائل تقليدية في التدفئة باقتناء الحطب بأسعار مرتفعة. وتحتاج الأسرة الواحدة بالمناطق التي تشهد انخفاضا في درجة الحرارة مابين خمسة قناطير وثلاثة أطنان على الأقل من حطب التدفئة لسد حاجياتها، وذلك حسب وتيرة الاستعمال وعدد أفراد الأسرة الواحدة، بل تظل بعض المناطق محرومة من الحطب بالمناطق نفسها، مايدفع المواطنين إلى الترامي على الغابات بمنطقتي كتامة وإساكن بجبال الريف، في الوقت الذي ينحني ظهر النساء الجبليات لنوائب الدهر عندما يجلبن حطب التدفئة إلى البيوت. وتعاني العديد من القرى والمداشر بجماعات أربعاء تاوريرت وشقران وتبرانت وكتامة، قلة حطب التدفئة أوعدم توفر المواطنين على إمكانيات للحصول عليه، مايزيد من عمليات تخريب المجال الغابوي. ويحتاج التعامل مع مثل هذه الظروف المناخية الصعبة، وضع إستراتيجية تنموية تتوافق مع احتياجات السكان الذين لايلمسون تطورا في علاقة الجهات المسؤولة معهم، اللهم مما يطلق من حين لأخر من مبادرات شحيحة ومحدودة لاتسمن ولاتغني من جوع.
معاناة بجماعة شقران
أصبح العديد من سكان المناطق الجبلية يعيشون شبه عزلة تامة، بسبب البرد الذي يلفح أجسادهم، ويشل حركتهم اليومية، مايدفع مواطنين للاختباء في مساكنهم، ويحول الوضع دون تنقل البعض منهم إلى الأسواق للتبضع وقضاء مآربهم، سيما الجماعات الترابية المتاخمة للجبال، التي تتعطل فيها سبل الحياة بسبب انخفاض درجات الحرارة إلى أدنى مستوياتها. وتسببت التساقطات الثلجية الكثيفة التي تساقطت على جماعة شقران بإقليم الحسيمة في عزل مجموعة من الدواوير، ماصعب عملية التنقل إلى الأسواق والمراكز الصحية. ووجد السكان أنفسهم عاجزين عن تلبية حاجياتهم الأساسية مثل التدفئة والمواد الغذائية، بسبب انقطاع بعض المسالك الطرقية، ماأصبحت معه الحياة تشكل تحديا حقيقيا لهم. وفي ظل هذا الوضع، لجأ السكان إلى الحلول التقليدية للتكيف مع البرد القارس، مثل جمع الحطب للتدفئة، وهو عمل شاق يفرضه الواقع القروي. كما تعاني الأسر من نقص في الخدمات الأساسية، ما يزيد من شعورهم بالعزلة والتهميش. كما يتوقف الأطفال بدورهم عن الذهاب إلى المدارس بسبب وعورة المسالك المغطاة بالثلوج. يقول أحد الفاعلين الجمعويين بالمنطقة ” رغم هذه المعاناة، فإن الفلاح البسيط ينظر إلى هذه التساقطات كنعمة من السماء، حيث أن الثلوج التي تكسو الأرض تتحول مع ذوبانها إلى مياه تغذي العيون والآبار، ما يحيي الأمل في موسم فلاحي جيد”. كما تسهم هذه المياه يضيف المتحدث ” في تجديد التربة وزيادة خصوبتها، الشيء الذي ينعكس إيجاباعلى المحاصيل الزراعية التي تشكل مصدر رزق أغلب السكان.” “بالإضافة إلى ذلك، تسهم الثلوج في تنمية المراعي، مما يدعم قطاع تربية الماشية الذي يعتبر ركيزة أساسية للاقتصاد المحلي.” وبين جمال الطبيعة وسخائها وقسوة الظروف المناخية، يبقى سكان جماعة شقران في مواجهة شتاء يحمل في طياته معاناة وفرحا، ومع كل تساقط جديد للثلوج، تتجدد التحديات لكن تتجدد معها أيضا الآمال بموسم زراعي وفير، لتبقى هذه الدورة الطبيعية جزءا من واقع الحياة في هذه المنطقة الجبلية.
التبريس.