تعيش مدينة طنجة في الآونة الأخيرة على وقع ظاهرة مقلقة تتجسد في تزايد أعداد المشردين والمدمنين والمختلين عقليًا بمناطق متعددة من وسط المدينة، في مشهد بات يثير قلق الساكنة والزوار على حد سواء. فوجود هؤلاء الأشخاص في الشوارع والأزقة الحيوية أصبح يؤثر سلبًا على صورة المدينة ونظافتها، كما يطرح تحديات حقيقية أمام حركة السير والجولان، ويثير تساؤلات حول المقاربات الاجتماعية المعتمدة لمعالجة هذه الحالات.
ويشير عدد من المواطنين إلى أن تزايد هذه الظاهرة لم يعد مجرد مسألة اجتماعية فحسب، بل أصبح يشكل أحيانًا خطرًا على أمن الأشخاص والممتلكات، خاصة مع تكرار بعض الحوادث المرتبطة بالاعتداءات أو تخريب السيارات المركونة على جنبات الطرق. ويرى المراقبون أن استمرار الوضع على حاله قد ينعكس سلبًا على النشاط السياحي والتجاري بالمدينة، التي تسعى إلى تعزيز مكانتها كوجهة حضارية وسياحية كبرى في شمال المملكة.
ورغم الجهود التي تبذلها السلطات المحلية والمصالح الاجتماعية المعنية في هذا المجال، إلا أن حجم الظاهرة وتنوع أسبابها يستدعي مقاربات أكثر شمولًا وابتكارًا، تتداخل فيها الأبعاد الإنسانية والطبية والاجتماعية. فالمطلوب، بحسب فاعلين محليين، هو الانتقال من الحلول الظرفية إلى برامج ميدانية دائمة تُعنى بإعادة إدماج هذه الفئات وتوفير مراكز استقبال وعلاج ومواكبة تراعي كرامة الإنسان وتضمن أمن المدينة في الوقت نفسه.
وفي هذا السياق، يوجه العديد من المهتمين نداءً إلى الأسر التي يوجد ضمن أفرادها أشخاص يعانون من اضطرابات نفسية أو من الإدمان، بضرورة تحمل جزء من المسؤولية الجماعية عبر الانخراط في مبادرات مدنية أو تأسيس جمعيات تُعنى بهذه الفئات الهشة، مع دعوة السلطات المحلية إلى دعم هذه المبادرات الإنسانية. فالقضية، وإن كانت معقدة، تبقى قابلة للمعالجة حين تتضافر جهود الدولة والمجتمع، حفاظًا على صورة طنجة كمدينة كبرى تستحق أن تظل في مستوى تطلعات ساكنتها وزوارها.