لم تتبق أمام الحكومة إلا أيام معدودة لتجنب سيناريو تجميد مسطرة المصادقة على القانون التنظيمي الخاص بتحديد شروط وكيفيات ممارسة حق الإضراب، إذ ستكون أمام خيار وحيد بعد ذلك وهو تأجيل البت فيه إلى الدورة البرلمانية الربيعية ذات الأجندة المكثفة، بالنظر إلى احتوائها على قانون لا يقل صعوبة والمتمثل في مشروع النص التنظيمي للتقاعد.
ولتسريع المسطرة طرحت الحكومة ورقة تستجيب لجل المطالب النقابية في محاولة للإسراع في استكمال بناء الصرح الدستوري، الذي نص في أول دستور للمملكة في 1962، وفي كافة الدساتير اللاحقة بما فيها دستور 2011، على ضمان ممارسة حق الإضراب، وتسريع المسار التشريعي لتقنين هذا الحق الدستوري للمساهمة في تعزيز التجربة الديمقراطية المغربية وبناء دولة الحق والقانون.
وتعتبر الورقة التي حصلت “الصباح” على نسخة منها أن المشروع سيساهم في تكريس الدولة الاجتماعية أفقا سياسيا واجتماعيا، دعا إليه جلالة الملك والتزمت به الحكومة في برنامجها. كما أنه سيسمح بتحسين مناخ الاستثمار عبر ترسيخ مناخ اجتماعي يتسم بالثقة والتكامل بين الشركاء، مما سيسمح بالمضي قدما في مسار التنمية الاقتصادية والاجتماعية، سيما أن المغرب مقبل على مواعيد واستحقاقات وطنية ودولية هامة ذات طابع استراتيجي تحتاج لمناخ مؤسساتي جيد وسليم. ومشروع القانون التنظيمي بتكريسه لحق الإضراب سيقوم بتحصين العدالة الاجتماعية والحقوق والحريات.
ومن بين المستجدات المؤكدة في مشروع القانون التنظيمي، توسيع الفئات المعنية بممارسة حق الاضراب ليشمل المهنيين، والعمال المستقلين والعمال غير الأجراء والعاملات والعمال المنزليين، والمنجميين والبحارة والبوابين والصحافيين، وباقي الفئات الخاصة من الأجراء، وحذف منع الإضراب لأهداف سياسية والإضراب بالتناوب، وتوسيع الجهات الداعية إلى الإضراب لتشمل النقابات ذات التمثيلية على مستوى المرفق العمومي، وتمتيع مجموعة من أجراء القطاع الخاص بالدعوة إلى الإضراب من خلال لجنة الإضراب، مع تخفيض شروط اتخاذ قرار الإضراب وحذف الإجراءات القبلية لعقد الجمع العام.
وبخصوص تعريف الإضراب تمت إضافة عبارة التوقف الكلي أو الجزئي عن العمل وحذف عبارة “بصفة مدبرة”، إلى جانب مراجعة تعريف القطاع العام ليصبح: “الخدمات العامة التابعة للدولة، والجماعات الترابية، والأشخاص الاعتباريون الخاضعون للقانون العام المرتبطون بها، بالإضافة إلى المؤسسات العامة التي لا تتمتع بطابع صناعي أو تجاري، وأي شخص اعتباري آخر يخضع للقانون العام”، وإضافة تعريف القطاع الخاص ليصبح: “الأشخاص الطبيعيون والاعتباريون، دون المشار إليهم في تعريف القطاع العام، الذين تربطهم علاقة شغل بأجرائهم، وحذف مسطرة التسخير، وإلغاء العقوبات السالبة للحرية والإحالة على العقوبات الجنائية الأشد، وملاءمة بنية النص مع مستوى الهيكلة وانسجام مضامين المواد وتدقيق المصطلحات.
ي. ق .