الغبزوري السكناوي
يشهد المركز الفلاحي المعروف باسم “كرانخا”، والواقع بجماعة “تفرسيت” بإقليم الدريوش، حالة من التهميش والإهمال رغم قيمته التاريخية، فقد أنشئ هذا المركز خلال فترة الاستعمار الإسباني، وكان يُستخدم كمحطة فلاحية يشرف عليها أحد الإسبان، ما جعله جزءًا من الذاكرة الزراعية والاقتصادية للمنطقة.
ويتميّز المبنى بطابع معماري فريد يمزج بين الأسلوب الريفي المحلي والتأثيرات الإستعمارية، وتظهر هذه الخصائص في تصميمه الخارجي، من الأبواب والنوافذ إلى مواد البناء، إلا أن هذه البناية لم تحظ بأية عملية ترميم أو صيانة، ما أدى إلى تدهور حالتها بشكل مستمر.
ورغم القيمة الرمزية التي يمثلها المركز الفلاحي “كرانخا”، لم تُدرجه الجهات المختصة ضمن أولويات التأهيل أو التثمين، كما لم تُعتمد أي مبادرة لإعادة توظيفه في إطار تنموي أو ثقافي يخدم ساكنة المنطقة، هذا الوضع يطرح علامات استفهام حول غياب الرؤية المتعلقة بالموروث المحلي.
ويأمل عدد من المهتمين بالشأن المحلي أن تتحرك الجهات المعنية، من سلطات إقليمية وجماعية ووزارة الثقافة، من أجل إنقاذ هذه المعلمة من الاندثار، فإعادة تأهيل “كرانخا” قد تفتح آفاقًا جديدة في مجالات السياحة القروية والتعريف بتاريخ المنطقة، مع تعزيز الإحساس بالانتماء لدى الأجيال الصاعدة.
ويرى بعض المهتمين بمجال التراث والسياحة أن مثل هذه المواقع التاريخية، رغم بساطتها، يمكن أن تشكّل أساسًا لبناء نموذج سياحي محلي مبتكر وفريد، فإعادة إدماج معالم كـ”كرانخا” ضمن مسارات زيارات موجهة، أو تحويلها إلى فضاءات ثقافية وسياحية مفتوحة، من شأنه أن يساهم في تنشيط الإقتصاد القروي وتعزيز الإحساس بالانتماء لدى ساكنة المنطقة
ويرى هؤلاء المهتمون أن الاستثمار في الذاكرة المحلية لا يحتاج سوى إرادة حقيقية واعتراف بقيمة المكان وتحويل المواقع المنسية إلى محطات للتجربة والاستكشاف من شأنها أن تستقطب الزائرين الباحثين عن الأصالة، وهي الطريقة التي يمكن من خلالهل تحويل التراث إلى رافعة للتنمية المستدامة حيث يتكامل السياح والساكنة في حوار مستمر مع الماضي الحي