الغبزوري السكناوي.
أسدل الستار، اليوم الأحد 15 يونيو 2025، عن فعاليات المعرض الدولي للكتاب بالعاصمة الإسبانية مدريد، الذي احتضنته حديقة “ريتيرو” الشهيرة على مدى أكثر من أسبوعين، وشهدت هذه التظاهرة الثقافية إقبالًا جماهيريًا واسعًا، خاصة من فئة الشباب، الذين شكلوا النسبة الأكبر من زوار المعرض، في دلالة على تجدد العلاقة بين الأجيال الصاعدة والقراءة.
وعرفت دورة هذا العام مشاركة أكثر من 350 دار نشر من إسبانيا، إلى جانب 50 دولة من مختلف القارات، مما أضفى على المعرض طابعًا عالميًا بارزًا، وقد تم عرض ما يزيد عن 400 ألف عنوان بلغات متعددة، شملت الرواية والفكر والفلسفة وكتب الأطفال واليافعين، إلى جانب مؤلفات رقمية وأعمال مترجمة، مما عزز من تنوع المضامين والرهانات الثقافية.
وبحسب الأرقام الصادرة عن إدارة المعرض، فقد تجاوز عدد زواره هذه السنة 1.2 مليون شخص، وهو رقم قياسي مقارنة بالسنوات الماضية، وتوزعت الفعاليات على أكثر من 300 ندوة فكرية وجلسة حوارية، فضلًا عن لقاءات توقيع الكتب، وقراءات شعرية، وعروض موسيقية، وأنشطة موازية استهدفت فئات الأطفال والشباب، مما جعل المعرض أقرب إلى مهرجان ثقافي شامل.
وقد نُظّمت داخل أروقة المعرض عشرات اللقاءات المفتوحة مع مؤلفين عالميين، ومفكرين بارزين وفنانين مؤثرين في المشهد الثقافي، وشهدت الساحة المفتوحة لحديقة “الريتيرو” عروضًا موسيقية في الهواء الطلق، كان من أبرزها عرض مشترك بين شابة كورية تعزف الكمان وشاب إسباني على الغيتار، في لحظة استثنائية من التلاقي الثقافي والتعبير الفني المشترك.
وأبرز المنظمون أن حوالي 60% من الزوار تقل أعمارهم عن 35 سنة، مما يعكس اتساع دائرة القراءة الرقمية والورقية لدى الجيل الجديد، كما سُجلت مشاركة نشطة من الجاليات الأجنبية المقيمة بإسبانيا، وخاصة من بلدان أمريكا اللاتينية، ما ساهم في جعل هذه التظاهرة مساحة حقيقية لتقاطع اللغات والثقافات والانتماءات الفكرية.
ويُعتبر معرض الكتاب بمدريد من أعرق التظاهرات الثقافية في أوروبا، إذ يُنظّم منذ سنة 1933 بشكل سنوي، ويشكل فرصة لترويج الإصدارات الجديدة، وتكريم الأصوات الأدبية الصاعدة والراسخة، كما يساهم في ترسيخ مكانة مدريد كعاصمة ثقافية حية، تحتفي بالكلمة المكتوبة في زمن التحوّلات الرقمية والوسائط المتعددة.