عبد اللطيف مجدوب
البيئة الاجتماعية أولا
غير خاف على أحد أهمية النسيج الاجتماعي كبيئة خصبة أمام احتضان تظاهرة رياضية من حجم “الكاف والمونديال” ، وهناك خبراء السوسيولوجيا الرياضية Sporting Sociology)) من يضعها على رأس الأولويات الحيوية التي يجب أن تدخل في اعتبارات وحسابات الهيئات واللجان التنظيمية ؛ هذا النسيج الاجتماعي تتعدد أنماطه وأشكاله ، بدءا بالأسرة كخلية أولى في تشكيل هذه البيئة الاجتماعية الحاضنة ، ثم المؤسسات التعليمية بوصفها مجالا لتمرير السلوكيات الاجتماعية الحضارية ، وعادات وقيم المغاربة في الاحتفاء بالضيف والسعي في أمنه وراحته.. ثم نصل أخيراً وليس آخرا إلى الميديا الشعبية ( Social Media) كرافعة فاعلة في تعزيز أمن هذه البيئة .
نجاح التظاهرة
إن نجاح التظاهرة الرياضية ، أو بالأحرى استضافتها على مدى أكثر من شهر ليس مرهونافقط بالجانب الاقتصادي ، بل يتجاوزه إلى جوانب أمنية واجتماعية ؛ بالدرجة الأولى ؛ وقد نعثر على حالات فارقة ، كأن نجد بيئة اجتماعية تتسم بالعنف والصّدامية ما يدعو إلى التشدد في المراقبة وتعزيز وسائل الأمن ، وهذا ملحوظ ، وبوجه خاص في مجالي استعمال الطرق والسياقة ، وفي الميادين الرياضية التي يعتبرها خبراء السوسيولوجيا الرياضية مرتعا للسلوكيات المنحرفة والمزعجة لدى فئة من الجماهير الرياضية التي تحج إلى هذه الميادين ، بغرض إثارة أعمال الشغب والعنف .
وبالنظر إلى أهمية هذا الجانب الأمن الاجتماعي (SecuritySocial) ؛ سيما داخل الميادين الرياضية ؛ حرصت جل الأندية الرياضية العالمية ، وبإيعاز من منظمة الفيفا FIFA ؛ على تسييج هذه الميادين بقوات متمركزة في المدرجات و بمحاذاة السياج ، مكلفة بمراقبة السلوكيات الجماهيرية ، وضبط كل أشكال العنف التي قد تصدر عنها ، سواء برجم اللاعبين أو التلفظ بعبارات عنصرية .
مقاربات للعلاج
هناك مقاربات عديدة ؛ في إطار خلق بيئة رياضية أكثر أمنا وسلاسة ، بعضها يعتمد الجانب الأمني الصرف ، والقائم على ضبط “الجاني” وتحرير محضر شرطة في حقه.. ومتابعته ، وهي مقاربة جد عنيفة ؛ لا تتوافق مطلقا مع أجواء الضيافة ، ونبذ الإساءة إلى الآخر ، وهناك مقاربة سلمية تربوية بالأساس ، تتوجه إلى الأسرة كخلية اجتماعية أولى.. بغرض تصحيح سلوك أبنائها وحملهم على قيم التعايش السلمي و “الروح الرياضية” ، بيد أن هذه المقاربة تستدعي برامج مكثفة وتضافر جهود عديد من الأطراف الفاعلة ، كالمدرسة ومكونات المجتمع المدني ، والإعلام . وإلى هذا هناك مقاربة شمولية تجمع بين المقاربتين الأمنية والتربوية ، وهي المعتمدة في كل التظاهرات الرياضية ذات الصبغة الدولية.
رأي السيد وزير العدل
لمعرفة وجهة نظره بخصوص ظاهرة الأعمال “الجنحية” التي من الممكن أن تنجم عن فعاليات كأس إفريقيا وكأس العالم في بلادنا 2025 ؛ 2030 ، أجاب بأن “القانون الجنحي” سيكون سيد الموقف ” ، وذهب إلى ضرورة تحرير محاضر في حق كل مشاغب أو سكير.. يروم إفساد الجو العام” كما قال.
هذه مقاربة “أمنية قضائية ” جد متشددة ، فكم من قضاة ومحاضر ولوجيستيك ومعتقلات يلزمنا ؟! وكيف ستسمح لنا تقاليدنا في الضيافة اعتقال شخص “جاني” حج إلى المغرب بغرض متابعة أطوار مباريات رياضية ؟!