الكبير الداديسي
- قبيل حفل الافتتاح الرسمي لمهرجان سينما المدارس في نسخته الثالثة صباح يوم الجمعة 17 أبريل 2025 انطلقت الأنشطة الثقافية والأكاديمية للمهرجان بقافلة “السينما جات” التي جابت عددا من المؤسسات التعليمية بالأسلاك الثلاثة في الوسطين القروي والحضري، وماستر كلاس احتضنته الكلية المتعددة التخصصات بأسفي، أطرته الفنانة سعاد خيي صباح يوم الخميس 16 أبريل، ومساء ذات اليوم احتضن المركز الجهوي لمهن التربية والتكوينبجهة مراكش اسفي فرع أسفي ندوة فكرية في موضوع “السينما وتربية الذوق الجمالي والنقدي بالوسط المدرسي”
انطلقت الندوة بأرضية قدم فيها المسير الأستاذ الكبير الداديسي اعتذار الأستاذة حفيظة خيي التي تعذر عليه الالتحاق بالندوة في آخر اللحظات لظروف طارئة، وذكر بمسار المهرجان في نسختيه السابقتين، وتفاصيل برنامج الطبعة الثالثة قبل أن يقف عند شعار هذه الدورة (لمدرسة فضاء لترسيخ الثقافة الجمالية) وموضوع الندوة (السينما وتربية الذوق الجمالي والنقدي بالوسط المدرسي) ويضيء أهم المفاهيم المذكورة في الشعار وما يثيره الموضوع من أسئلة حول مفاهيم المصطلحات الواردة في عنوان الندوة ويقارن بين ندوة الطبعة الثانية وندوة الطبعة الثالثة…
ولأن اللياقة تفرض أن يتحدث أهل الدار قبل الضيوف أعطيت الكلمة لكل من:
- السيد مدير المركز الجهوي لمهن التربية والتكوين الأستاذ محمد بن حدوش الذي رحب بالحضور وشكر كل من ساهم في إنجاح هذا الحدث الثقافي وأبرز أهمية السينما والدور الذي يمكن أن تلعبه في الوسط المدرسي، ومدى مساهمة المراكز الجهوي لمهن التربية والتكوين في ترسيخ الثقافة الجمالية وتكوين الأطر التي يمكنها تنشيط المؤسسات التعليمية…
- والأستاذ أحمد بوسامي منسق هذه الندوة وأستاذ مكون بالمركز ركز على أهمية الفنون في تربية الذوق الجمالي، ومساهمة الفن في تقليل العنف في الوسط المدرسي، محذرا من خطورة غياب التربية الفنية والتربية الجمالية بالمؤسسات التعليمية وداعيا إلى جعل المدارس فضاء للفن ما دام الفن مرتبط بالفطرة البشرية والجمال محبب للنفوس ولما للفنون من قدرة على إخراج المدرسة ونمط التدريس التقليدي نحو التعليم النشط.
- كلمة باسم الطلبة الأساتذة قدمتها أستاذة متدربةرحبت فيها بتنظيم أنشطة خارج صفية، ونوهت بالندوة التي وموضوعا وحاجة الإنسان للفن ومساهمة الفن في تنمية ذوق المتعلم وتكوين شخصية والرسالة المنوطة بمدرسي الغد. وحاجة الطلبة الأساتذة لمثل هذه الأنشطة في تكوينه المهني
حتى إذا عادت الكلمة لمسير الندوة وقف عند مفهوم ” ترسيخ الثقافة الجمالية في الوسط المدرسي” وبين كيف أن مفهوم الترسيخ اعتراف صريح بوجود السينما في الوسط المدرسي وتتبع بذلك حضور السينما في المناهج الدراسية (ابتدائي ، ثانوي أعدادي وثانوي تأهيلي) مقدما نماذج من ذلك الحضور في الوثائق الرسمية وفي الممارسة الفعلية داخل الفصول الدراسية واستحالة تصور مدرسة اليوم بدون سينما، إذا كانت السينما في أبسط تعاريفها المدرسية تحيل صناعة التصوير المتحرك وعرضه للجمهور عبر شاشات كبيرة في دور العرض، أو على شاشات أصغركالتلفاز والحواسيب والهواتف الذكية، وحاجة المدرسة للسينما سواء أفلام الحركة والدراما أو الأفلام الوثائقيةأو في الجانب التقني المرتبط بدمج وسائل التكنولوجية الحديثة في التعليم (TICE)…ليبين كيف يتجه المهرجان إلى تخصيص تيماته فبعدما تمحورت ندوة الدورة الثانية للمهرجان حول دور السينما في ترسيخ القيم في الوسط المدرسي، والقيم كثيرة ومتنوعة إنسانية، دينية، اجتماعية، وطنية جمالية … تم في هذه الدورة تخصيص القيم الجمالية، وهي قيم تحيل على الانفتاح على جميع الفنون لكن تم الاقتصار على الفن السابع باعتباره جماع الفنون الستة سواء التشكيلية منها (عمارة نحث ورسم ) أو الإيقاعية (موسيقى، رقص وشعر) مما يجعل منها منفذا لتفعيل مداخل المنهاج الدراسي ومنبعا للتعرف على ثقافات الآخر، وسبيلا لفهم الذات والتحفيز على التفكير والتأمل وتنمية مخيال الناشئة واكتساب شفرات اللغة البصرية وتطوير حس المتعلمين في ثقافة الصورة … وهو ما يفرض طرح أسئلة من قبيل أي سينما لأي فضاء مدرسي؟ وما ذا نريد أن نرسخ أمام استحالة وجود كتابة سينمائية بيضاء وبريئة؟ لتتناسل الأسئلة المرتبطة بأسئلة الرقابة في زمن يحمل فيه المتعلم هاتفا يفتحه على اللامنتهى؟؟ واسئلة حدود حرية المؤطر في اختيار المحتوى السينمائي ؟واسئلة الملكية الفكرية؟ مما يحتم إنشاء قاعدة بيانات ومكتبة سينمائية رقمية مدرسية مرجعية تحين باستمرار يمكن اختيار الأفلام القابلة للعرض منها؟وتجنب المدرسين عبيثية وفوضى اختيار ما يقدم للناشئة احترام لقدسية المدرسية والخصوصية البيداغوجية والديدكتيكية التي يفرضها أي نظام تربوي…
بعد ذلك أعطيت الكلمة للأستاذ والناقد السينمائي حسن وهبي رئيس مركز ابن يوسف للسينما والتربية والبحث العلمي الذي وسم مداخلته ب ” الفيلم من التدريس إلى تنشيط الحياة المدرسية” وحاول فيها تقديم تجربةَ شيخٍ تجاوز السبعين سنة في مجال الأندية السينمائية وفي العطاء الميداني بمختلف أسلاك التعليم (ابتدائي، إعدادي ، ثانوي وجامعي) منذ كانت السينما مقتصرة على الشاشات الكبرى على أن صارت تعرض في شاشات صغيرة ، متتبعا التعامل مع الصورة ووظائفها في الحياة الإنسانية ليقف على الصورة في الفترة المعاصرة ورمزيتها من خلال تقديم نماذج لأفلام وسمت الذاكرة الإنسانية ومدى مساهمة السينما في خلق الدافعية وتحفيز المتعلم أما كثرة المشوشات ويختتم مداخلة بالتركيز على بعض الجوانب التقنية في التصوير السينمائي وكيف يمكن استغلالها لتنمية الذوق الجمالي لدى المتعلمين….
أما مداخلة الكاتب والمخرج المسرحي والسينمائي عبد المجيد أدهابي رئيس جمعية أصدقاء المسرح والسينما، ومدير مهرجان مراكش الدولي للفيلم القصير جدا الموسومة ب”حاجة المدرسة إلى ثقافة سينمائية وتجارب ناجحة” فركز فيها علىدور السينما في التنشئة الاجتماعية ومساهمتها في ترسيخ القيم وتنمية الوعي والتكامل بين المدرسة والسينما والدعوة إلى تخصيص حيز زمني ضمن الزمن المدرسي لتعليم وتدريس السينما، وعدم اقتصار السينما على تنشيط الحياة المدرسية والحضور في هامس التدريس، ليقدم تجارب الناجحة في عدد من دول العالم وظفت فيها المدارسُ السينما مبرزا تجليات ذلك النجاح على المتعلمين
وفي نهاية المداخلات الرسمية فتح باب النقاش الذي كان غنيا ومتنوعا يعكس ثقافة مدرسي الغد السينمائية والفنية، مما خلف انطباعا جيدا لدى الحضور الذي غصت به قاعة الندوات بالمركز الجهوي لمهن التربية والتكوين فرع اسفي هذا وقد صدرت عن الندوة عدة توصيات منها:
- الاسراع بعقد شراكة بين المركز الجهوي لمهن التربية والتكوين ومؤسسة التفتح للتربية والتكوين عبد السلام المستاري شريك جمعية سين ساف في تنظيم هذه الندوة
- ضرورة تأهيل الموارد البشرية وخلق شعب تعني بالثقافة السينمائية بمراكز مهن التربية والتكوين
- عدم اقتصار لسينما والفنون على الحياة المدرسية علىالتطوع والتفكير في أليات لترسيخ التربية الجمالية بالموسط المدرسي
- الدعوة إلى خلق قاعدة بيانات وخزانة سينمائية تربوية معتمدة موحدة ومفتوحة أمام جميع المدرسين والتلاميذ تراعي قيمنا وخصوصيتنا وتتماشى ومداخل وأسس المنهاج الدراسي.