نظّم الموسم الثقافي الدولي لمؤسسة منتدى أصيلة في دورته السادسة والأربعين، بشراكة مع جمعية Zeli’Arts للفنون والثقافة، ورشات تكوينية في مجال العلاج بالمسرح والتنمية الذاتية. واحتضنت مكتبة الأمير بندر بن سلطان بمدينة أصيلة هذه الأنشطة يومي السبت والأحد 4 و5 أكتوبر 2025، بمشاركة نساء وشباب وأطفال من مختلف الفئات العمرية والإجتماعية في أجواء مفعمة بالحماس والتفاعل.
وجاء تنظيم هذه الورشات في إطار الرؤية الثقافية التي تسعى إلى ربط الفن بالتنمية الإنسانية، من خلال مقاربة تجمع بين التربية على القيم والتعبير الإبداعي. وقد هدفت الأنشطة إلى تمكين المشاركين من أدوات جديدة للتواصل مع ذواتهم، وتحرير طاقتهم الكامنة عبر تمارين درامية تساعد على بناء الثقة بالنفس، واكتشاف القدرات الشخصية، وتوسيع دائرة الوعي بالفن كمساحة للنمو والتوازن الداخلي.
وأشرفت على تأطير الورشات مجموعة من الفنانات المتمرسات في مجالات المسرح والتنشيط الثقافي، وهن.فاطمة بوجو، خلود البتيوي، رفيقة بنمعمون، وبدرية الحسني. وقد عملت المؤطرات على توظيف التجارب المسرحية في سياقها العلاجي، من خلال تمارين في التعبير الجسدي والصوتي والخيال الإبداعي، بما يجعل من المسرح أداة لاكتشاف الذات وتحرير المشاعر والتفاعل الإيجابي مع المحيط الإنساني.
وشهدت الورشات تفاعلاً قويًا من المشاركين الذين عبروا عن امتنانهم لهذه التجربة النوعية التي أتاحت لهم فرصة التعبير الحر وتجاوز الخجل والتردد. وتنوّعت ردود الأفعال بين الدهشة والفرح، في لحظات امتزج فيها التعلم بالمتعة. وبرزت خلال الجلسات أصوات شابة واعدة وأمهات أعادت لهن التجربة الثقة في قدراتهن، ما جعل الورش تتحول إلى مساحة للتواصل الإنساني والابتكار الجماعي.
وتندرج هذه المبادرة ضمن توجه مؤسسة منتدى أصيلة الرامي إلى توسيع دور الثقافة في التنمية المحلية، وتعزيز حضور الفنون في الحياة اليومية للناس. كما تعكس رؤية جمعية Zeli’Arts التي تعتبر الفن مسارًا تربويًا واجتماعيًا، قادراً على المساهمة في الارتقاء بالسلوك والعلاقات الإنسانية. ومن خلال هذا التعاون، تتجلى الرغبة المشتركة في جعل المسرح وسيلة لتقوية الذات وبناء المجتمع وتطوره.
وبهذا النشاط، يواصل موسم أصيلة الثقافي الدولي ترسيخ مكانته كمنصة للإبداع والفكر والتجريب الفني، مفتوحة على كل الفئات. لقد نجحت الورشات في تحويل المسرح إلى جسر بين الجمال والعلاج، وبين الفن والحياة، حيث التقت البسمة بالمعرفة، وامتزجت التجربة بالتأمل. وهكذا أثبتت أصيلة، مرة أخرى، أن الثقافة حين تُمارس بصدق، تصبح فعل حياة لا مجرّد احتفال موسمي.