تفاعلا مع بروز ظاهرة العنف بالوسط المدرسي و ما تثيره من ردود أفعال استنكارية في مختلف الأوساط الثقافية و الاجتماعية، نظمت لجنة مناهضة العنف بثانوية ابن رشد التأهيلية، نشاطها الإشعاعي الأول في شكل ورشة تكوينية لفائدة تلميذات و تلاميذ الثانوية، و بحضور هيئة التدريس و الهيئة الإدارية، و بعض قدماء تلاميذ المؤسسة؛ حول موضوع:
مدخل لتشخيص و معالجة حالات العنف داخل الوسط المدرسي
افتتحت الورشة التكوينية، بمداخلة الأستاذ فوزي أكراد (مدير ثانوية ابن رشد التأهيلية و مؤسس لجنة مناهضة العنف)، حيث تقدم بالشكر الجزيل لمؤطري الورشة و لكافة الأعضاء الستة من الأستاذات و الأساتذة الذين تتشكل منهم لجنة مناهضة العنف على أعمالهم التحضيرية التي أسست لولادة أولى أنشطة هذه اللجنة؛ كما حدد السياق العام لتأسيس هذه اللجنة و المتسم بانتشار ظاهرة العنف في الأوساط المدرسية التي تعد حسب الأستاذ فوزي ظاهرة قديمة و ليست وليدة اليوم، موضحا أن بروز وسائط التواصل الاجتماعي عبر الأنترنيت لعبت الدور المحوري في إيصال هذه الظاهرة إلى الرأي العام و جعلها محتوى دسم للنقاش العمومي، و معتبرا إياها _أي ظاهرة العنف_ انعكاسا موضوعيا لممارسات عنفية في أوساط أخرى خارج الوسط المدرسي؛ و قد شدد في مداخلته الغنية التي قارب فيها موضوع العنف من خلال تجربته كممارس للتربية و التعليم و كمسؤول إداري ضمن الفضاء المدرسي على ضرورة اعتماد مقاربات بيداغوجية تتجدد وفقا لسيرورة التطور الذي بات يعرفه المجتمع؛ مما يستدعي وجوبا _كما يذهب إلى ذلك ذ.فوزي_ تظافر مجهودات الأخصائيين في علم النفس التربوي، و مسؤولي قطاع التربية الوطنية، و هيئات التدريس و الهيئات الإدارية المباشرة، و جمعيات آباء و أمهاء و أولياء التلميذات و التلاميذ، و فعاليات المجتمع المدني ذات الصلة … لبلورة برنامج تدخلي متكامل لتحقيق غاية مركزية أسماها: (مدارس تربوية بلا عنف)… و اعتبر أن اللجنة التي تشكلت خلال هذا الموسم
_2018 بثانوية ابن رشد، هي من ضمن أهم الآليات التدخلية بشكل استباقي و مواكب و بعدي لجعل ثانويتنا أنموذجا لفضاء تربوي بلاعنف.
و في مداخلة أخرى؛ تحت عنوان: (سؤال العنف: دراسة في المفهوم و اقتراحات للتجاوز)، عرض ذ. إبراهيم بوحولينكلمته التي استهلها بالإشارة إلى أن العنف سلوك قديم قدم الحضارات و الوجود البشري، قدم ابن آدم (قابيل) الذي أقدم على ارتكاب أول جريمة في الأرض؛ و أن التاريخ البشري كله كان طافحا بالحروب و شتى أشكال العنف و مستوياته، و في المقابل أبرز المتدخل أن هذا الموقف لا يعفينا من التأكيد على سمو الإنسان إلى درجة جعله يقدم على تحمل أمانة الاستخلاف في الكون، بما يمتلك من مؤهلات ذاتية تمتد إلى روح الله المودعة فيه بما هو خليفة له في أرضه، و بذلك يكون الإنسان كائنا يمتلك من الأخلاق و القيم ما بها ينآى بنفسه عن الإقدام على أي فعل يضاهي الفطرة الأولى.
و بين هذين الموقفين، قدم المتدخل ثلاث أطروحات من شأنها أن تسهم (و الكلام للمتدخل) في ترويض العنف و إخماده:
· أطروحة الفيلسوف الألماني امانويلكانط ؛
· الفيلسوف المغربي طه عبد الرحمن ؛
· المفكر اللبناني _الفرنسي أمين معلوف.
و بدوره قدم ذ. نضال المحتوشي _باحث في علم النفس_ كلمة شكر لمدير المؤسسة و لجنة مناهضة العنف على دعوته له؛ و على حسن اختيار موضوع الورشة الذي كان و لا زال يحضى بأهمية بالغة و راهنية في الوسط التربوي. بعدئذ؛ تفضل المؤطر بتقديم المحاور الرئيسية للورشات التكوينية، و التي سيعمل من خلال نتائج اشتغال مجموعاتها على رصد نقاط الضعف و قوة المشاركين في الدورة؛ لإعادة بناء تصور سليم و دقيق حولها؛ وهي المحددة وفق الترتيب الآتي:
v أشكال العنف المدرسي ؛
v تداخل أشكال العنف و دورها في الدفع بالمتعلم المراهق إلى ارتكاب عنف ما ؛
v سلوك العنف المدرسي بين السواء و اللاسواء ؛
v المقاربات العلاجات.
بعد الانتهاء من الورشات، قدم الباحث نضال المحتوشي عرضا مفصلا عن أهم أشكال العنف التي تحدث داخل المحيط التربوي (العنف الجسدي، النفسي، التواصلي، الجنسي…) و كذلك أهم الأسباب النفسية والاجتماعية التي تؤدي إلى بروز مثل هذه السلوكات داخل الفضاء المدرسي، و أهم الآثار و التبعات التي يفرزها العنف المدرسي على المستوى النفسي و السلوكي، و كذلك التعليمي و التربوي. بعد ذلك انتقل إلى الحديث عن طريقة تشخيص و تحديد سلوك العنف المدرسي، و أهم المقاربات العلاجية و تقنياتها (المعرفية و السلوكية و النسقية) التي من خلالها يمكن الكشف عن خلفيات سلوك العنف المدرسي و تشريح أعراضها، قصد تقديم حلول علاجية لهذا السلوك.
و في الأخير انتقل إلى ذكر بعض التوصيات، و هي الآتية:
Ø إنشاء مراصد لمناهضة العنف المدرسي ؛
Ø خلق برامج و آليات للوقاية تعنى بسلوك العنف المدرسي ؛
Ø إيلاء الأهمية الضرورية لمسألة الصحة النفسية عند التلاميذ ؛
Ø إعادة النظر في دور أطر التوجيه المدرسي ؛
Ø خلق لجان الإصغاء بالمؤسسات التعليمية ؛
Ø تنظيم أنشطة تهدف إلى تهذيب النفس (التربية الفنية_الموسيقى_الرياضة_المسرح…).
و في الأخير؛ و بعد أن استفاض معظم الحاضرين من التلاميذ و الأساتذة في نقاش أفقي يتسم بالوضوح و الرصانة، و بعد تقديم شواهد تقديرية للمؤطرين، استجاب الجميع لحفل شاي من إعداد لجنة مناهضة العنف.
إعداد: خلية الإعلام تحت إشراف إدارة المؤسسة