احتضن رحاب دار الثقافة الأمير مولاي الحسن، يوم السبت الأخير، ندوة فكرية حول التراث المادي واللامادي لإقليم الحسيمة : رهانات الحماية القانونية وتحديات التثمين السياحي، شارك فيها مجموعة من المهتمين بالشأن الثقافي المحلي وفاعلين جمعويين.
وعرفت الندوة التي تندرج في إطار مهرجان نسائم التراث الذي تنظمه جمعية الريف للسينما والتنشيط الثقافي والعمل الاجتماعي، بدعم من وزارة الشباب والثقافة والتواصل ـ قطاع الثقافة، مداخلة السيد أحمد أشرقي المدير الإقليمي للثقافة بالحسيمة، حيث تطرق إلى الدور الكبير للرعاية الملكية لصاحب الجلالة في الحفاظ على التراث المادي واللامادي للمملكة عبر إشرافه على مساهمة الحكومة المغربية في صياغة ميثاق صيانة التراث العالمي الذي أنجزته منظمة اليونسكو سنة 2003.
في السياق ذاته، سلّط الضوء أيضا على الإجراءات التي اتخذتها الحكومة المغربية منذ ثمانينيات القرن الماضي المتمثلة في إقرار القانون 22.80 الذي يهدف للمحافظة على المباني التاريخية والمناظر والكتابات المنقوشة والتحف الفنية والعاديات، إلى جانب ذلك، تطرق المدير الإقليمي أيضا لدور الاستثمار في التراث في تدعيم الصناعات الثقافية المرتبطة بالسياحة الثقافية ووقعها على الرفع من الوضعية الاقتصادية والاجتماعية للشخص والجماعة.
من جانبه، أبرز الفاعل الجمعوي رفعت بلوط ، دور الإعلام في حفظ وتثمين الموروث الثقافي، باعتبار الإعلام يلعب دورا محوريا في توثيق ونشر الموروث الثقافي في المغرب، كما لفت كذلك إلى التحديات التي تواجه الإعلام في حفظ وتثمين الموروث الثقافي، من بينها تأثير العولمة والضغط التجاري الذي يدفع العديد من وسائل الإعلام للتركيز على المحتوى الربحي بدلا من الثقافي، إضافة إلى ذلك بين أنه يوجد خطر “الانقراض الرقمي “، حيث يمكن أن تضيع البيانات والمحتويات الرقمية التي توثق التراث إذا لم تحفظ بشكل صحيح .
وعلاقة بذلك، تطرق المتدخل رفعت بلوط، أيضا، إلى أهمية الحفاظ على الموروث الثقافي باعتباره يمثل جزءا أساسيا من هويتنا الوطنية، مبرزا التنوع الغني الذي يجمع بين التأثيرات الأمازيغية والعربية والأفريقية، كما ذكر أثناء المداخلة، ووفقا لبيانات وزارة الثقافة أن قطاع التراث الثقافي يساهم في دعم السياحة الثقافية حيث يزور المغرب أكثر من 12 مليون سائح سنويا، ويقدر أن 30 بالمائة منهم يأتون لأغراض سياحية ثقافية.
وجرى خلال الندوة، تقديم مداخلة لخالد استوتي، وهو مهتم بالشأن السياحي بالحسيمة، حيث ركز على ما يشهده إقليم الحسيمة من تنوع ومزيج ثقافي ولساني واجتماعي بين الجماعات المكونة للإقليم، مما يعطي غنى من شأنه أن يساهم في تنويع المنتوج السياحي، كما استحضر التراث المادي الذي تكتنزه المنطقة بما في ذلك قلعة طوريس ببني بوفراح، وقصبة سنادة، والقلعة الحمراء بأربعاء تاوريرت، والمزمة، والموقع الأثري ببادس، فضلا عن بنايات ومواقع أثرية عريقة بمدينة الحسيمة، معتبرا أنها مواقع كفيلة بأن تساهم في الترويج السياحي.
وتناول الستوتي أيضا تفاصيل عن التراث اللامادي الغني لمنطقة الريف من تقاليد الألبسة والأطعمة، والأغاني والممارسات الثقافية، وصناعة الحرف، ولم تخل مداخلته من التطرق إلى التحديات التي يعرفها التراث المادي خاصة البنايات القديمة والأحياء التي توثق للفترة الاستعمارية للحسيمة، وعدم الحفاظ عليها، خاصة في ظل طغيان الجانب المادي والتنافس حول الثراء في ظل الارتفاع الصاروخي للعقار.
كما شدد على دور الجامعات في التنمية الثقافية والفكرية والبشرية، والإشادة بما تقدمه المدرسة الوطنية للعلوم التطبيقية ببوكيدان، وكلية العلوم التقنية في ذلك، فضلا عن دور المراكز الثقافية، والمهرجانات في الترويج للسياحة، خاصة مهرجانات تنظم بالحسيمة تتجاوز الطابع المحلي والوطني، كمهرجان السينما، ومهرجان المسرح، والأمسيات الرمضانية والصيفية وغيرها من الفعاليات، بالإضافة إلى تناول فقرة خاصة في المداخلة عن مساهمة الثقافة والسياحة في التنمية.
وتجدر الإشارة إلى أن فعاليات مهرجان نسائم التراث ستتواصل إلى غاية 26 غشت الجاري، بتنظيم أنشطة متنوعة هادفة، لا سيما زيارات إلى المواقع الأثرية بإقليم الحسيمة كقلعة طوريس، وقصبة سنادة، وقرية الصناع التقليديين بالرواضي، بالإضافة لسهرة ختامية تتضمن فقرات متنوعة بما فيها فقرات موسيقية مع فنانين محليين من بينهم الفنانة صابرينا، وفقرات تكريمية أيضا.
متابعة