حسن حمورو
عاد وزير العدل عبد اللطيف وهبي، الذي أُطيح به من الأمانة العامة لحزب الأصالة والمعاصرة في مؤتمره الأخير، إلى مهاجمة حزب العدالة والتنمية وأمينه العام، من منبر وفرته له القناة العمومية الأولى من جديد.
فخلال استضافته في برنامج “نقطة إلى السطر” يوم الثلاثاء 03 دجنبر 2024 على القناة الأولى، لم يجد وهبي حرجا سياسيا، وهو أمين عام أطيح به من طرف حزبه في لحظة كان -بمنطق الأشياء- من المفروض أن يتم التجديد له بالإجماع، أن يتحدث عن قائد حزب العدالة والتنمية الذي انتُخب بأزيد من 80 في المائة من الأصوات، في عملية ديمقراطية تابع الجميع تفاصيلها، بالرغم من الوضعية التي كان عليها الحزب في تلك اللحظة التي أعقبت انتخابات 8 شتنبر المعلومة.
وبدا وهبي بصفة تمساح يذرف الدموع على حزب العدالة والتنمية، وهو يصفه بصاحب المشروع التاريخي، وبالحزب الذي لعب دوار تاريخيا يجب الاعتراف له به، وقال إنه يحز في نفسه أن حزب العدالة والتنمية يتم تدميره، في وقت يجب تطويره، ومتسائلا عما إذا كانت هناك رغبة في تدمير هذا الحزب.
ولم يكتفي وهبي بلمز الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، الأستاذ عبد الإله ابن كيران، بل انتقل إلى محاولة تحريض أعضاء الأمانة العامة ضده، عندما تساءل عبر القناة الأولى العمومية، ألا يمكن أن يوقف المحيطون بالأمين العام هذا الأمر، أم أن هناك برنامج لإبادة هذا الحزب، على حد تعبيره.
وتابع وهبي ذرف دموع التماسيح، مبينا أنه كان ينتظر من حزب العدالة والتنمية أن يكون حزبا يمينيا يلعب دورا سياسيا في البلاد.
طبعا أنا لست ناطقا باسم الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، الأستاذ عبد الإله ابن كيران، ولست من “المحيطين به”، لكن عضويتي في هذا الحزب تحتم عليّ المساهمة في الدفاع عنه، خاصة إزاء محاولات تشويهه وتفجير التناقضات في وجهه وبين قياداته، وبين القيادات وبين عموم المناضلين.
لذلك أولا لابد من التنويه مجددا بأن الدور الذي تقوم به القناة العمومية الأولى في إدارة النقاش السياسي العمومي، بين الفاعلين الحزبيين، وجب أن يخضع للقانون، وبالتالي فهي ملزمة بدعوة الأمين العام لحزب العدالة والتنمية، لنفس البرنامج الذي تعرض من خلال للتشهير والتشويه والقذف من طرف عدد من الضيوف، وخاصة من طرف وزير العدل عبد اللطيف وهبي في أكثر من مناسبة، لأن صفته الوزارية لا تكسبه حصانة قول ما شاء عبر الإعلام العمومي، وتمضي الأمور كما لو أن كلامه مقدس يحتاج إلى التأشير لينشر في الجريدة الرسمية، بعد بثه في القنوات العمومية.
أما عن حديث الوزير وهبي، عن حزب العدالة والتنمية، فوجب التذكير أن هذا الحزب لا يؤمن بما يسميه وهبي لعب الأدوار، لأن نشاطه وتواجده في الحياة السياسية قائم على أداء الواجب، وليس على لعب دور أو أدوار كما يتقن ذلك وهبي، وطبعا الذي يؤدي دورا ينتظر مقابلا، وهو ما لا يدخل في قناعات العدالة والتنمية وأدبياته.
وهذا الواجب الذي يحاول حزب العدالة والتنمية أن يؤديه، صحيح أنه مؤطر بالدستور وخاضع له، لكنه كذلك مؤطر بالسعي في الحياة الدنيا على هدي من الله، بمعنى أنه واجب ديني ثم وطني، تمليه عليه التزامات شرعية، تجاه الوطن والملك وعموم المواطنين، وقد لا يكون مرتبطا بالموقع في تصنيفات السياسة اللاحقة المتعلقة بالأغلبية والحكومة أو المعارضة، لذلك لمز وهبي الأمين العام لحزب العدالة والتنمية بكونه كان يمارس العمل الحكومي أيام الأسبوع، ثم يمارس المعارضة يومي السبت والأحد، تعبير عن فهم قاصر للسياسة، لا يتفق مع فهم حزب العدالة والتنمية، المبني على اعتبار تصنيف أغلبية/معارضة لا يلغي كونه يدعم ما فيه مصلحة للوطن ولو كان متموقعا في المعارضة، وكونه يعارض ما يراه ليس في مصلحة الوطن ولو كامن متموقعا في الأغلبية، وهذه معادلة صعبة على من اختار الاغتناء بالسياسة، وبالابتزاز بالسياسية، لتحصيل مناصب ومواقع أموال، تبقى مجرد سقط متاع في ثقافة حزب العدالة والتنمية.
أما عن حاضر ومستقبل حزب العدالة والتنمية، فليطمئن الوزير وهبي، وليحاول أن يرصد مؤشرات ومظاهر التدمير داخل الحزب الذي أطاح به من الأمانة العامة وقد قاده للدخول إلى الحكومة لأول مرة في تاريخه المشوب بخطيئة النشأة، لأن أهل العدالة والتنمية أدرى بحزبهم، ويفهمون جيدا ماذا يريد وهبي وأمثاله لحزبهم، ولن يكون وهبي وأمثاله أكثر حرصا على العدالة والتنمية من مناضليه، خاصة الذين صمدوا في وجه “التدمير المبرمج” الذي حاولت جهة ما إخضاع الحزب له منذ “البلوكاج” الشهير، وكانت 8 شتنبر 2021 مجرد لحظة الضغط على الزر!!
إنه من الحمق أن يصدق أي كان بأن الوزير وهبي تهمه مصلحة حزب العدالة والتنمية، لكي يعبر عن خشيته عليه من التدمير والإبادة على حد تعبيره، إلّا أذا كان قصد بـ”التدمير والإبادة” التلويح بتهديد قادم أو بحملة مسعورة جديدة ضد الحزب، سعيا وراء التأثير على مؤتمره الوطني المقبل.