عبد اللطيف مجدوب
مجزرة برعب المحرقة
شهد العالم ؛ في الآونة الأخيرة وبكثير من الهول ؛ على امتداد سنة ونيف ، أبشع جرائم حرب غير مسبوقة في حق فلسطينيين عزل ، من سكان قطاع غزة والضفة الغربية ، ذهب ضحيتها ؛ حتى الآن ؛ ما يناهز 100 ألف فلسطيني ، بين قتيل وجريح وأشلاء ومجهول ، وغدا القطاع ؛ في ضوء هذه الحرب الإسرائيلية الغاشمة ؛ يبابا خرابا ، ويكاد لا يمضي عليه يوم حتى ينال حصته من القتل والتدمير والتخريب ، تكاد تختصرها كل مجزرة في 40 قتيل وجريح ، وكأن آلة القتل الظالمة تستعر كلما تصاعدت وتيرة أصوات العالم المنددة والمستنكرة لفظائع حرب إسرائيل على غزة ، رغم صدور أحكام ومذكرات متابعات قضائية من لدن محكمة الجنايات الدولية في حق عناصر حكومة بنيامين نتنياهو ، واللافت ؛ في هذا السياق المحموم ؛ أن إسرائيل باتت تتحجج ؛ أمام كل هذه الضغوطات الدولية والشعبية ، تتقدمها الأمم المتحدة ؛ بأنها تمارس “حقها” في الدفاع عن النفس ، وأن هذه الأصوات النشاز باتت تدرجها ضمن تيار “معاداة السامية” ، فكل رافض لسياسة “المجازر الجماعية والتطهير العرقي” صار في وعيها وقناعتها معاد للسامية ، أو بالأحرى معاد لليهود!
سيناريوهات قاتمة
شرع الرئيس الأمريكي المنتخب دونالد ترامب ؛ وقبل موعد دخوله البيت الأبيض بنحو أسابيع ؛ يلقي بظلاله على الساحة السياسية الدولية ، وقد اتجهت عنايته ؛ في الآونة الأخيرة ؛ إلى تعيين موفد رئاسي خاص مكلف بملف الرهائن لدى حماس ، مهددا عقبها بأن “جحيما” ينتظر المنطقة.. ما لم يتم الإفراج عن هؤلاء ، بيد أن لهيب النيران في القطاع كشف عن ارتفاع وتيرة القتلى في صفوف الرهائن ، تحت وطأة الدمار الذي يأتي بالكاد يوميا على العشرات من الأبنية والدور في القطاع والضفة ، وكأن العقيدة العسكرية الإسرائيلية باتت ؛ في شبه المؤكد ؛ أن “المخطوفين” لا يساوي شيئا بمقارنتهم مع الآلاف من إخوانهم القتلى منذ السابع من أكتوبر 2023 ، ما جعل محاولات عقد صفقات الأسرى ؛ الأحياء منهم و القتلى ؛ تبدو عسيرة وأحيانا بعيدة المنال في ظل تشدد الجانب الإسرائيلي وطرحه لشروط ترفضها حماس بالمطلق وتراها إستسلاما وخيانة لعهد “طوفان الأقصى” .
وتجمع بعض الأحزاب اليمينية المتطرفة داخل إسرائيل ؛ وكسلاح رادع آخر ضد الفلسطينيين ؛ على توسيع بناء المستوطنات وقضم مزيد من الأراضي الفلسطينية ، بل وتذهب بعض الأصوات الأشد تطرفا بضم الضفة الغربية وتهويد القدس ، وإجلاء ما تبقى من الفلسطينيين إلى جزيرة سيناء أو الحدود الأردنية ، هذا إذا لم يحن دورهم في الإبادة الجماعية والتطهير العرقي .
وقد يكون هذا السيناريو أشد إيلاما للقضية الفلسطينية ، سيما مع عودة ترامب إلى البيت الأبيض ، عودة تقرأ فيها إسرائيل انتظار مزيد من المكتسبات ، منها على الأقل اتخاذها من القطاع قاعدة أو بالأحرى منطقة عسكرية بإدارة فلسطينية صورية .
تحالف ضد “المقاومة”
كشفت إسرائيل ؛ غيرما مرة وعلى لسان رئيس حكومتها ؛ عن “مشروع” شرق أوسطي جديد ؛ ستعرفه المنطقة ، وكأنها كانت تلمح إلى عزمها ؛ وبتحالف غربي وأمريكي ؛ على استئصال شأفة المقاومة المسلحة على امتداد مناطق عربية ، سواء في لبنان والعراق واليمن أو غزة ، ثم انتهاء بإران التي تنظر إليها “كرأس محور الشر” أو بالأحرى مصدر تسليح جبهات المقاومة في الشرق الأوسط ، وضربت بالهدنة الهشة مع حزب الله مثالا للاحتيال المبطن الذي يجب سريان مفعوله على جميع الجبهات ، بما فيها سوريا التي يتعرض نظامها حالياً لتهديدات عسكرية ، من قبل تنظيمات وجماعات مسلحة وبغطاء أمريكي إسرائيلي .
ترقب شديد وحذر لعودة ترامب
المؤشرات الفاعلة في عالم المال والتجارة والاقتصاد ، حالياً تشي بترقب حذر لما ستكون عليه سياسة أمريكا/ترامب ، وبخاصة في الشرق الأوسط ، وتحديدا إيران وقضية فلسطين ، والكل متفائل ؛ داخل تحالف الليكود الحاكم في إسرائيل ؛ بسخاء وكرم ترامب تجاهها ، ما يشي بضم الأراضي الفلسطينية وتشكيل إدارة عسكرية “مؤقتة” ، لغاية تطهيرها من سلاح المقاومة وتجفيفها من عناصرها بكل الفصائل ، وهي وضعية سياسية مريحة لإسرائيل ،لتسعى ؛ من خلالها ؛ للعب بعامل الزمان إلى حين عودة “أمن وأمان” سكان مستوطناتها والتي ستعرف ؛ في المستقبل المنظور ؛ تغولا منقطع النظير ، كسياسة حمائية أولية ، في أفق وجود إسرائيل الكبرى وبسط هيمنتها على منطقة الشرق الأوسط .