الغبزوري السكناوي
13 نونبر 2024 سيكون يوما مشهودا في تاريخ الحسيمة، وسيشكل بكل تأكيد صفحة جديدة تنضاف إلى سجل فضائح السياحة بهذه المنطقة، سيأتي زمن ويذكرنا بأن هذا اليوم شهد لحظات جميلة لالتحام الحلم بالوهم والتقاء الأمل بالخيال.
مصيبة هذه المنطقة، أحيانا، هي الإفراط في الٱمال المعبر عنها من طرف بعض المنتخبين الذين ابتلانا الله بهم، فعوض أن يكون هؤلاء قوة اقتراحية وترافعية تراهم يتحولون إلى التم الأخرس، وفي أحسن الحالات إلى ببغوات تجتر كلام غيرها.
مناسبة هذا الحديث هي قيام غرفة التجارة والصناعة والخدمات بجهة طنجة، تطوان، الحسيمة بتنظيم الدورة الثالثة من ملتقى المقاولة تحت شعار”الإنتقال الرقمي من أجل تنمية سياحية مستدامة بالجهة” لمناقشة السياحة في العصر الرقمي.
نعم، لا أحد ينكر أننا نعيش زمن التكنولوجيا، بل أصبحنا نعيش تحت رحمة “الحتمية الرقمية” ولا خيار لنا، كدولة ومجتمع، إلا الانخراط في هذا السباق المحموم نحو “الانتقال الرقمي”، ولكن على أساس أن يتم ذلك بقدر من الذكاء الطبيعي.
فالرغبة في استثمار التطور الحاصل في عالم التكنولوجيا والرقمنة تفرض نوعا من الصيرورة في الفهم والإدراك أولا، وتستوجب الإستعداد، ولو في الحدود الدنيا، للانتقال، ولن يتم ذلك إلا بإنجاز “العادي والأساسي” في نموذج العمل كيفما كانت طبيعته.
جميل جدا أن تسعى غرفة التجارة والصناعة والخدمات بطنجة إلى تنظيم بعض الفعاليات لتسليط الضوء على دور الرقمنة والإبتكار في تعزيز السياحة المستدامة بالجهة كمنطقة غنية بالموارد الطبيعية والمواقع التراثية التي تؤهلها لتكون وجهة سياحية واعدة.
ولكن الطموح في تحقيق الإنتقال الرقمي أو استثماره في قطاع أو مجال معين لا يعني أن نغفل عن “الضروري” وأن نتجاوز الواقع إلى الوهم والخيال لدرجة صياغة الشعار بلغة ركيكة لا تفي فيها الجملة بالمعنى المقصود أو المطلوب..
من نافلة القول أن السياحة في حاجة إلى الرقمنة وأكيد أن الإنتقال الرقمي سيساهم في تحقيق عدد من الإيجابيات، ولكن بالمقابل القطاع في حاجة أيضا، ومن باب الأولوية، إلى مقومات بسيطة جدا وخدمات أساسية هي من صلب احترام كرامة الشخص، كإنسان، قبل أن.يكون زبونا.
شخصيا أعتقد أنه من المخجل أن نحشد كل هذه الإمكانيات المادية وكل هذا العدد الهائل من المؤسسات الخاصة والعمومية والوزارات والأشخاص والهيئات والوكالات للحديث عن الانتقال الرقمي في مجال السياحة مدينة وجهة بدون مراحيض عمومية.
كان على مسؤولي غرفة التجارة والصناعة والخدمات أن يفكروا، بالدرجة الأولى، في المساهمة في الترافع عن المقاولة السياحية والمنتسبين إليها من هذه الفئة، وتأهيل العنصر البشري داخل هذه المقاولة، وتوفير التكوين والتكوين المستمر والمواكبة.
وقبل أن يفكروا في هذا وذاك، كان علي مسؤولي الغرفة التجارية، على الأقل ومن باب الواجب الأخلاقي، أن يسهروا على التنظيم الجيد وهم يعقدون هذا الملتقى في دورته الثالثة في منتجع سياحي يوصف ب “العالمي”، وأن يحسنوا وفادة باقي المسؤولين.
قد يكون من مكر الصدف أن يجد المتدخلون في هذا الملتقى صعوبة في إيصال مضمون حديثهم، عن التحول الرقمي، بسبب الخلل الحاصل في الأجهزة الصوتية بقاعات المؤتمرات ينفس المنتجع الذي وصفته قصاصات أخبار عالمية ب “القذارة” و”أسبوع الموت أو الإستشهاد”.
نعم، حدث هذا عندما قرر وفد سياحي برتغالي الإستفادة من عرض سياحي وسارع حوالي 50 سائحا إلى “الحجز الإلكتروني” إيمانا ب “العصر الرقمي” ليكتشفوا بعد الوصول في الثانية صباحا أن الغرف التي سبق وأن حجزوها بها سياح آخرين.
أظن أن “القرارات الذكية” لا يمكن أن تتخذ إلا بناء على تحليل شامل ودقيق للمعلومة، التي تنتج بدورها عن توليد وجمع ومعالجة للبيانات كقاطرة للإنتقال الرقمي، ولكن يبدو أن الذين نظموا هذا الملتقى يفتقدون إلى كل هذا، وأبانت الظروف والشكل الذي مرت به الأشغال أن الملتقى لا يعدو أن يكون سوى “جسارة” على الإنتقال الرقمي.