عبد اللطيف مجدوب
كان وما يزال الاتجاه السياسي الذي تبناه الرئيس الأمريكي؛ دونالد ترامب ترامبيزم”Trumpism”ترامبيزم يدعو إلى الحماية التجارية وخفض الضرائب، وهي حركة تضم ايديولوجيا سياسية مرتبطة بالرئيس الأمريكي وقاعدته السياسية والاقتصادية العريضة “التي نادت بخفض الضرائب وفرض رسوم جمركية على واردات العديد من السلع ، وخاصة من الصين .
وقد خلفت مواقفه العاصفة الأخيرة ؛ تجاه العديد من الشركاء والحلفاء ، كالصين وكندا والاتحاد الأوروبي وحلف الناتو.. موجة سخط عارمة ، سيما في أعقاب إقدامه على الانسحاب من مؤتمر المناخ وتقليص دعمه لحلف الناتو إلى %2 ، ومطالبته الأسواق الأوروبية بأداء رسوم جمركية إضافية على كل السلع والمنتجات التي تدخل الأسواق الأمريكية ؛ تتجاوز %10 عما كانت عليه من قبل . هذا عدا مواقفه بشأن مطالبته بضم قناة بنما وكندا إلى حضيرة الخريطة السياسية الأمريكية الجديدة، علما أن أمريكا تحتفظ بقواعد عسكرية لها في معظم انحاء المعمور ، تصل قرابة 700 قاعدة عسكرية تتوزع معظمها في أراضي الاتحاد الأوروبي بما يصل إلى 320 قاعدة ، وهي أصلا موجودة لحماية دول أعضاء حلف الناتو ، وتبتلع ميزانية قرابة 1 تريليون دولار سنوياً ؛ تساهم فيها دول الناتو بنسبة ضعيفة لا تتجاوز %2 إلى %3 من الميزانية المخصصة للدعم العسكري.
وفي ظل التوترات السياسية الناجمة عن القرارات الأمريكية الأخيرة ، تستعد العديد من الدول إعادة مراجعة علاقاتها التجارية مع العم سام ، والبحث عن خطوات مماثلة في الحد من التأثيرات المرتقبة على تصريف سلعها داخل السوق الأمريكية ، بفرض تعريفات جمركية على مبيعات السلع الأمريكية ، وفي آن واحد ؛ البحث لها عن أسواق جديدة أو توسعتها لصرف سلعها ، ومن المتوقع أن الدول متوسطة الدخل ستكون المستفيدة إلى حد ما من هذه الحرب التجارية ؛ في افريقيا وآسيا و أروبا الشرقية وأمريكا الجنوبية، لكن ومن المنتظر؛ في الآن نفسه؛ أن تعمد هذه الدول المتضررة اقتصاديا إلى مهادنة الولايات المتحدة الأمريكية والجنوح إلى أنصاف الحلول ، حفاظا على مصالحها في استيراد قطع الغيار والتكنولوجيا المتقدمة التي تراها العمود الفقري لنهضتها التجارية والاقتصادية وتأمين حجم استثماراتها الأجنبية ، سيما مع أمريكا.
تداعياتها على الدول النامية
الحروب التجارية ؛ في معظمها ؛ لها تداعياتها المباشرة على أسعار صرف العملات ، وارتفاع أسعار السلع، تنجم عنها عادة ظاهرة التضخم الاقتصادي، وحجب بعض المنتجات الاستهلاكية من داخل الأسواق ، وفي آن واحد ، انخفاض كلي أو جزئي لقيمة العملات المحلية ، وهي تفضي حتما إلى ارتفاع الأسعار وغلاء المعيشة.
مثال المغرب
المناخ التجاري ؛ عبر العالم ؛ تتأثر منه -في المقام الأول – الدول محدودية الدخل ، فتلجأ ؛ في العديد من الحالات ؛ إلى دعم خزيناتها المالية بجلب العملة الصعبة ، على حساب السوق الداخلية ، أو بالأحرى على حساب المواطن المستهلك ، كأن يستغل المغرب ؛ على سبيل المثال ؛ ندرة أو نقصان في المنتجات البحرية والخضرواتية لدي سوق الاتحاد الأوروبي أو افريقيا ، لدفع بعض المنتجين المحليين أو الشركات الوطنية المنتجة إلى تصدير سلعهم مباشرة إلى الاتحاد الأوروبي ، بنسبة قد تصل أحياناً إلى %80 من المنتوجات الوطنية ، ويُبقي على نسبة أقل من %20 للسوق الداخلية ، وهي نسبة لا تغطي فقط سوى %30 من الاحتياجات الوطنية ، وهو ما يدفع باتجاه انكماش الاقتصاد الوطني وتراجع في فرص الشغل ورفع الأسعار بشكل غير قياسي ، في ظل ندرة المواد والمنتجات الوطنية ، وفي أحيان لا حصر لها وأمام هذه الوضعيات الاقتصادية الدقيقة ، تتغول ظواهر الاحتكار والمضاربة والغش والتدليس ..