يا سيادة الرئيس، صدقني… كل تصريح من تصريحاتك هو نعمة ساقها الله إلينا. نحبك حتى الموت، لكن موت من نوع آخر: من فرط الضحك. وأنت، لا تبخل علينا بشيء. تكرهنا حتى النخاع، تعادينا حتى آخر نَفَس، وتبث سمومك بكل حب… لحفظ وصيانة أمننا القومي!
ليس كل الشعوب تحظى بجارٍ مثلك: جار متقلب، مندفع، يحرق أعصابه ليلاً ونهاراً، بينما نحن نكتفي بالابتسامة والهدوء… ونصعد. نعم، نصعد دبلوماسياً، ونربح النقاط تلو الأخرى، بينما أنت تحفر تحتك بمنتهى الحماسة، كما لو أنك قررت دفن مصداقيتك بنفسك.
تبون، أنت دون أن تدري ــ أو ربما تدري، الله أعلم بنيّاتك ــ أصبحت أنفع شخص لقضيتنا الوطنية. تدعم البوليساريو؟ ممتاز! تهاجم خطة الحكم الذاتي؟ شكراً جزيلاً! تقطع العلاقات وتهاجمنا في كل محفل؟ والله هذا يُسعدنا أكثر مما يُحزنك.
لقد وحدت المغاربة، يميناً ويساراً، علمانيين وإسلاميين، في لحظة نادرة من الوفاق الوطني: كلنا نقول بصوت واحد… شكراً تبون!
يا سيادة الرئيس، وجودك في الساحة السياسية هو مصدر إلهامنا اليومي. خطاباتك المليئة بالمفاجآت، تعابير وجهك المسرحية، تصريحاتك التي تحتاج في كل مرة إلى مترجم من لهجة “تبونية” إلى اللغة العربية المفهومة… كلها عناصر نتابعها بشغف، كما يتابع الناس مسلسلاً رمضانياً لا يُملّ.
هناك من يقترح أن نمنحك وسام الاستحقاق الوطني المغربي ــ عن بُعد طبعاً ــ لأنك خدمت قضيتنا أكثر من أي سفير. وهناك من يدعو لك في السجود الأخير، لا حباً فيك، بل أملاً في أن تبقى في منصبك، لأن ضررك لبلدك خير لنا نحن.
نرجوك، لا تستقل. لا تفكر في التقاعد. أعلن نفسك رئيساً مدى الحياة، بل “قائداً أبدياً للجمهورية الشعبوية الديمقراطية التبونية”. استمر في خطاباتك، راقب الصحافة بنفسك، وواصل التوقيع على البيانات العصبية التي تصبّ الزيت على نار الانقسام المغاربي.
نحبك حتى الموت… من الضحك، أما أنت فكرهك لنا يُحيينا… من القلق.
دمت لنا ضاحكاً… ولبلدك كما كنت دائماً: عبئاً دبلوماسياً بثوب رئيس.