محمد عابد
قريبا بداية فوضى احتلال الملك العام والشواطئ بالحسيمة … فهل من أجندة عمل هذه السنة !
بمجرد أن تضع الشمس أولى حقائبها على شواطئ الحسيمة، خلال هذه الفترة ومع اقتراب العطلة تبدأ عطلة الفوضى بلا استئذان احتلال الملك العام والشواطئ، وتُقسم الرمال مثل غنائم حرب لم يُعرف تاريخ بدايتها ولا شروط نهايتها. الكراسي والطاولات تغزو الشواطئ كما لو أن المدينة تستعد لاستقبال مؤتمر دولي لمستغلي الملك العمومي.
في “كلابونيتا”،تنطلق معركة “الرمال المقدسة” كل عام، حيث يسبق البعض إلى الشريط كي يزرعوا كراسيهم في الأرض كأنهم يوقعون عقود ملكية. أما في “تلايوسف”، فالمشهد أكثر تنظيما: تقسيم هندسي دقيق، للشاطئ وتجهيزات على الرمال أكشاك كبيرة كراسي تخنق المصطافين وكأننا في غابة … فقط دون قانون.
شاطئ المد وشاطئ ازضي وسيباديا نفس السيناريو لكن يبدأ متأخرا مع بداية شهر يوليوز، أما النص القانوني الذي يمنع استغلال أكثر من 30% من الشاطئ؟ في الحسيمة، لا يُقرأ، بل يُفسر على طريقة “خذ ما شئت ودع ما تبقى للبحر”. السلطات؟ تمر من هناك، تلوح للمصطافين، وتلتقط صورا تذكارية… دون تعليق.
وإذا تساءلت عن جولة ليلية، فجرب فقط أن تتجول على الكورنيش. بعض الإنارات تتوهج خجلاً ثم تنطفئ بسرعة، وكأنها تخشى أن ترى ما آل إليه المكان. وعلى امتداد الكورنيش: مرحاض؟ غير موجود. الحل: “حائط الظل” ليلاً، و”الغطس الاضطراري” نهارًا. البحر؟ لم يعد فقط مكانًا للسباحة، بل أيضًا “مرحاضًا شعبيا” ولا شاطئ يتوفر على مرحاض عمومي ! معتمدًا من وزارة الغياب الجماعي ،
أما عن حملات تحرير الملك العمومي، فهي تشبه ظهور “الهلال في الضباب”: تلوح مرة في السنة، ثم تختفي، ولا يراها أحد مرتين.
الشوارع شارع الأندلس و حجرة النكور ، الأرصفة تحولت إلى رفوف عرض: سراويل، أحذية، خردة، وبائعون يتحدّون الجاذبية، بينما المواطن يمارس رياضة القفز بين المعروضات.
على طول شارع مبارك البكاي من بدايته حتى الزاوية العلاوية، تحدي من نوع خاص. محلات باعة يحتلون كل زاوية، بينما السلطات تتابع المشهد من خلف زجاج سياراتها المكيفة، ربما ظنا منها أنها تمرّ وسط معرض فني للفوضى العشوائية.
بمجرد أن يتوافذ أول الزوار على المدينة خصوصا الجالية وكأنها دجاجة تبيض ذهبا ومعهم إخواننا مغاربة الداخل”ماكاين غاطحن أو حسن بلا ما” ترقص الأسعار؟ فمرحبًا بكم في بورصة الحسيمة الصيفية! الشقق بأسعار تضاهي شقق البوكينغ وAIRBNB، المطاعم ترفع قائمة الأسعار في مزاد مفتوح، والمصطاف يُحاسب على الكرسي والطاولة ثم الاكل والمشاريب، واذا استمر الحال على هذا النحو سيحاسب على الهواء الذي يتنفسه، تحية لبعض أصحاب المطاعم والمقاهي والمحلات القنوعين الذين يحافظون على تسعيرة واحدة طيلة السنة .
أما مواقف السيارات؟ لا تقلق، فقط احترم “قوانين الملاك الجدد”، فكل رصيف محجوز بصندوق، أو قنينة ماء، أو حبل غسيل وسلاليم . إنها “الملكية الشعبية” في أبهى تجلياتها، وما تبقى يحتله اصحاب الجيلي الأصفر.
ورغم هذا، الحسيمة من أغلى مدن الشمال معيشة ، لكنها تعيش فقرًا إداريًا فاقعًا، وبعض المسؤولين محترفين في فن الغياب، ومجالس جماعية لا تتقن إلا الخطابات، والصراعات، والمواطن الذي أدلى بصوته يؤدي الثمن وتحية لبعض الشرفاء في المجلس.
اتمنى زيارات متتالية لجلالة الملك حفظه الله للحسيمة كي تُحرّك عجلة العمل بسرعة غير عادية حيث المسؤولون يصبحون في سباق مع الزمن لتدارك ما يمكن تداركه، لأنهم يعرفون أن الملك لا يرضى بالإهمال أو التهاون، والغضبة الملكية معروفة بتأثيرها القوي.
وهذا يعكس أيضاً كيف أن وجود رقابة عليا فعلية قادرة على خلق نوع من الانضباط، ولو كان هذا النفس حاضراً دائماً، لرأينا مدننا في أفضل حال.
فهل من مسؤول يجرؤ على خلع ربطة عنقه، وارتداء قبعة الإنقاذ، والنزول إلى الميدان؟
هل زار أحدهم طنجة، أو مرتيل، أو حتى قرية “الصيادين” المضيق ليتعلم كيف تُدار المدن التي تشهد رواجا في الصيف؟
أم أننا سننتظر الصيف القادم… لنكتب نفس المقال؟
لا نطلب المستحيل، فقط… قليل من المسؤولية!
*خربشة بعيدة عن تصفية الحسابات لأني لست سياسيا ولست متحزبا أو جمعويا ولا انتمي لأي هيئة أكتب لغيرتي عن مدينتي التي رأيت فيها النور وفيها كبرت وترعرت واعيش بين أهلها.
قرية الصيادين 13 ماي الساعة 12 زوالا .