عبد اللطيف مجدوب
يجتاز العالم ؛ في راهنيته ؛ ظروفا عصيبة ، تتسم بحدة غير مسبوقة في العلاقات الدولية ، و المصالح المشتركة ، على أكثر من صعيد ، في بيئة سياسية اقتصادية ، هي أقرب إلى التوجس والتلوث منها إلى الأمن والاستقرار ، رفع من إيقاع اضطرابها ، نشوب حروب عسكرية واقتصادية ودينية وقومية وسيبيرانية ، لا تكاد تخلو منها كل الأقاليم الجغرافية.
وإذا نحن اعتمدنا ؛ في مقاربتنا للموضوع ؛ التسلسل الزمني للأحداث Chronology وجدنا أن هناك ما صار يعرف بصناع الأزمات ( Crisis makers) والاتجار في الحروب والأوبئة وأسعار المنتجات الاستهلاكية ، وهم بالدرجة الأولى أرباب الأبناك المصرفية العالمية ؛ يتحكمون ؛ بواسطة المال ؛ في كل مفاصل الدينامية الاقتصادية العالمية ، وهم الذين حولوا العالم إلى بيئة تسكنها ثقافة الاحتيال والاحتكار واللأمن ، ومن يدري فقد يصبح الإنسان ؛ وسط هذه البيئة الحالكة إن آجلا أو عاجلا؛ رهن نزواتهم وجشعهم ، من المحتمل جدا أن يصبح عامل الأمن سلعة تنضم إلى احتياجات الإنسان الضرورية ، يستهدف بها هذا الأخير لاقتنائها من السوق ، كمادة حيوية لا غنى عنها ، بغظ النظر ما إن كانت بلدته توفرها لمواطنيه أم لا! ومن هذا المنظور أصبحنا نرى مقدار الأهمية القصوى التي توليها الدول والحكومات لهذا القطاع ، بغرض توفير عامل الأمن بوصفه “رافعة” لكل عملية تنموية ، بل هو الدينامو المحرك لها.
التكنولوجيا الاحتيالية
كل الوسائل التكنولوجية المتاحة ، مكنت عديد من المنظمات والأفراد من اختراق مؤسسات الدولة ، والعمل على التأثير فيها وتوجيهها لصالحها ، ولو من وراء ستار ، فكثر السطو وتعددت أشكاله وأحابيله في تزوير المنتجات الاستهلاكية ، تقنية كانت أو غذائية أو طبية ، وفي هذا السياق رصت عدة هيئات بنكية أن مبالغ الاحتيالات الرقمية زادت بنسبة %92 في العشر سنوات الماضية ، واعتبار نظام (ATO) أكبر تهديد الكتروني يواجهه العالم ، فقد قدرت الخسائر جراءه سنة 2024 ب 13م/د ، عن طريق الانتحال أو التدليس.
النظام الدولي إلى التفكك!
في تقديرات علماء المستقبليات Futurologists، أن هناك ترجيحات ؛ في المدى المتوسط ؛ بانهيار ركائز الدولة ، وإمكانية تقسيمها إلى دويلات بفعل عوامل داخلية صرفة ، على رأسها تطاحن بين مكوناتها العرقية وضعف تحكمها في مسارها السياسي الاقتصادي ، وبتنا نعاين اليوم أن معظم البلدان العربية ذات الأنظمة السياسية الهشة تعاني أزمات عرقية و طائفية ، من المحتمل جدا اختراقها والإفضاء بها إلى مجموعة دويلات وطوائف ، بل إن تغول بعض الدول العظمى امتد بها جشعها إلى المطالبة بضم دول ومناطق جغرافية إلى نفوذها، ما يوحي بتفكك بنيات وآثار المنظمات الدولية، وعلى رأسها منظمة الأمم المتحدة (UN)والعودة بها إلى قانون الغاب!