كان عاشقا للأفلام الهندية وحارسا لعدة فرق رياضية بالحسيمة
حجز المرحوم عبد الخالق الشعاتي مساحة احترام كبيرة لدى معارفه بمدينة الحسيمة، والمناطق التي اشتغل فيها دركيا كالعيون بالصحراء المغربية ووجدة وبني درار. فهو الدركي الذي تعرف عليه سكان الحسيمة بعد قدومه رفقة عائلته من منطقة فرخانة إلى الحسيمة نهاية الخمسينات والتحاقه بسلك الدرك الملكي سنة 1975. عامل الناس بالمعروف وكان يقضي حاجاتهم، خاصة حين كان يشتغل بمطار أنكاد بمدينة وجدة، حيث ساعد الكثير من الحجاج المتحدرين من الحسيمة، حين سفرهم إلى الديار المقدسة لأداء فريضة الحج انطلاقا من المطار سالف الذكر. كانت مؤسسة الدرك الملكي بالنسبة إلى المرحوم الشعاتي الذي تربى وسط عائلة محترمة، أحد أفرادها سبقه إلى هذه المؤسسة بعد تكوين تلقاه بمدينة مليلية السليبة، مدرسة في الحياة وترسيخ قيم التفاني في العمل والتضحية.
35 سنة في مؤسسة الدرك الملكي
ولد المرحوم عبد الخالق الشعاتي الملقب لدى جيله بالحسيمة ب” أوكزوي ” بفرخانة المحادية لمدينة مليلية السليبة في 1953. انتقل رفقة عائلته إلى مدينة الحسيمة نهاية الخمسينات بعد تعيين والده المرحوم السيد عبد السلام موظفا بنظارة الأحباس. تلقى تعليمه بمدرسة محمد الخامس والإعدادي بثانوية البادسي بالحسيمة، غير أنه توقف عن الدراسة في السنة الرابعة ثانوي ( البروفي أنذاك). وبإيعاز من شقيقه الكولونيل ماجور المرحوم عبد الله، ولج عبد الخالق مدرسة التكوين والتخصيص للدرك الملكي بمدينة مراكش سنة 1974، وتخرج منه دركيا، ليتم تعيينه بمدينة العيون بالصحراء المغربية. وبعد فترة قضاها بالأخيرة، تم نقله للعمل بمطار أنجاد بمدينة وجدة والمنطقة الحدودية ببني درار ثم تويسنت بالمنطقة الشرقية. وبعد مسار مهني ناجح بهذه المناطق، عاد المرحوم الشعاتي للعمل بمدينة العيون. ولأن الدولة المغربية كانت في حاجة في تلك الفترة إلى دركيين عازبين ومن ذوي الخبرة والتجربة، تم نقله إلى العيون، حيث تزوج من فتاة تتحدر من المنطقة نفسها، علما أن المرحوم كان يتقن جيدا اللغة الحسانية حين عين لأول مرة في هذه المدينة. وفي سنة 2010 وحين كان متوجها على متن حافلة إلى المستشفى العسكري بمراكش، قادما من العيون، توفي الشعاتي بسبب سكتة قلبية بعدما كان جالسا على كرسي داخل محطة بنزين. ودفن المرحوم بمدينة العيون بعدما قضى 35 سنة في مؤسسة الدرك الملكي حيث أنهى مساره مرشحا ” أجودان “.
الشعاتي…العاشق للأفلام الهندية وكرة القدم
كانت سنوات شباب المرحوم عبد الخالق الشعاتي مليئة بالحركة والتحدي، حيث انضم في هذه المرحلة قبل التحاقه بالدرك الملكي الحربي وبعده الجهوي، إلى عدة فرق رياضية بالحسيمة، حارسا للمرمى. وكان فريق ” باريو ” نافذته نحو فرق أخرى بالمدينة نفسها. ووصف المرحوم بالحارس المتألق، إلى جانب آخرين. وشهدت ملاعب ” الصفصاف ” و” القشلة ” و” المعهد الديني ” والملعب البلدي بالحسيمة، تألق عبد الخالق، الذي رغم قصر قامته فإن ذلك لم يحل دون التقاطه وتصديه للكرات العالية ببراعة. ومازال العديد من أصدقاء الراحل، يتذكرون الحارس ” أوكزوي ” الذي كان يرتمي على الكرات في ملاعب متربة مليئة بالأحجار، لأنه كثيرا ماكان يراهن مبلغا ماليا يحصل على ضعفه في حال فاز فريقه، كل ذلك من أجل توفير ثمن تذكرة الدخول إلى سينما الكبير بالحسيمة لمتابعة الأفلام الهندية التي كان يعشقها. وكثيرا ماكان المرحوم الشعاتي يتمنى أن يتزوج فتاة من الهند، لأنه كان معجبا بالممثلات الهندية خاصة ” ممتاز ” و” أشاب اريخ ” و” هيماماليني”. وكان الشعاتي يحفظ مجموعة من الأغاني الهندية التي كانت ترافق هذه الأفلام.
طرائف المهنة
يحتفظ بعض أصدقاء المرحوم ممن مازالوا على قيد الحياة، بطرائف عديدة عاشها خلال مساره المهني. من بينها أنه حين زار الحسيمة لأول مرة قادما إليها من العيون سنة 1976، كان كلما خرج للتفسح في شوارع مدينة الحسيمة، يرتدي زيه الرسمي، مايجعل أصدقاءه يتسابقون لالتقاط صور معه، وكان يملك ساعة يدوية اقتناها من العيون، جعل الأصدقاء يتحلقون حوله وهو يشرح لهم كيفية اشتغالها. ومن بين الطرائف التي يسردها أحد أصدقائه، عندما كان ضمن دركيين بسد قضائي بالمنطقة الشرقية، وحين مرور حافلة متجهة نحو الناظور قادمة من مدينة وجدة، طالب المرحوم سائقها بالتوقف، وحين صعد إليها بدا له أحد جيرانه بالحسيمة الذي كان يشتغل أستاذا بجرادة، غير أن الأخير لم يتعرف عليه. ونزل الشعاتي من الحافلة وطالب أحد زملائه بالصعود إلى الأخيرة وإنزال الأستاذ مدعيا أنه مبحوث عنه، في الوقت الذي اختفى الشعاتي وراء الحافلة ينتظر رد فعل صديقه الأستاذ مكتفيا بالضحك. ويحكى أن الأخير ظل يرتعد حتى أن قلبه كاد أن يتوقف من فرط الخوف قبل أن يدرك الشعاتي الموقف، ليخبره بأنه جاره عبد الخالق الشعاتي المعروف بلقب ” أوكزوي”.
جمال الفكيكي