دفع شباب الريف الحسيمي لكرة القدم غاليا، ثمن بدايته المتعثرة الموسم المنتهي، بعدما تشبث عبد الإله الحتاش برئاسة الفريق، وتعاقده مع لاعبين من هولندا، ماأغرق الأخير في الديون، ورمى به إلى القسم الثاني بعد 9 سنوات في القسم الأول. وعانى الفريق بداية الموسم الرياضي المنتهي إكراهات عدة، أثرت على مردوده، وأدخلته في دوامة من المشاكل، انتهت باستقالة الرئيس السابق عبد الإله الحتاش والانفصال عن المدرب ميمون وعلي. وانطلقت أولى بوادر أزمة الحسيمة بعد الجمع العام المنعقد بأحد فنادق الحسيمة دون منخرطين، ما فرض تدخل جامعة كرة القدم على الخط، مطالبة بإعادة الجمع العام وفتح الباب أمام منخرطي الفريق لتجديد انخراطاتهم. واختار الجمع العام العادي قبل الأخير عرض التقرير المالي للفريق على خبير محاسباتي لافتحاصه والوقوف على مدى صحته لم تظهر إلى حدود الساعة نتائجه. وظل الفريق يقبع في المراكز الأخيرة منذ بداية البطولة، وكان يحتاج إلى معجزة من أجل البقاء بين أندية القسم الأول، وكان مصيره بين أيدي فرق أخرى، لتحسم الجولة 29 من البطولة الاحترافية في أمر نزوله، خاصة بعد فوز المغرب التطواني على الرجاء الرياضي بملعبه. وظل شباب الحسيمة يحتل المراكز الأخيرة وخرج خاوي الوفاض من منافسات كأس العرش. ولجأ الرئيس السابق للفريق عبد الإله الحتاش إلى جلب لاعبين من هولندا بعقود مرتفعة وصلت في مجموعها 10 ملايين و400 ألف درهم، ما ساهم في إغراق الفريق في الديون. وبات شباب الحسمية عاجزا عن أداء مستحقات لاعبيه ، ومن المرجح أن لا يستفيد الموسم الرياضي المقبل من منحة جامعة كرة القدم كاملة، على خلفية نزاعاته مع اللاعبين، فيما ينتظر حصول آخرين كخافيير بالبوا ويونس البايلال على أحكام من الاتحاد الدولي “فيفا “.
انطلاقة صعبة
رغم الانتدابات التي كان أقدم عليها المكتب المسير السابق بوساطة من منير الحمداوي، فإن النتائج لم ترق إلى مستوى التطلعات، ماأجبر الرئيس الثاني سمير بومسعود على فسخ عقود مجموعة من اللاعبين من جانب واحد، ممن كان جلبهم الرئيس السابق من بطولة هولندا للهواة، والتعاقد مع المدرب خوان بيذرو بنعلي الذي كان حقق نتائج جيدة رفقة الفريق ذاته في بداية مهامه. وقبل المباراة التي كان انهزم فيها الفريق أمام مضيفه أولمبيك خريبكة بملعب الأخير، لحساب الدورة الثالثة من البطولة الوطنية، عاش الفريق الحسيمي فراغا، جعله يقصى من منافسات كأس العرش أمام النادي القنيطري بأربعة أهداف لصفر، وعجز عن تحقيق أي فوز بالبطولة الوطنية للقسم الأول، بعد خسارته أمام الرجاء الرياضي بستة أهداف لصفر والجيش الملكي بأربعة أهداف لواحد، إلى أن تقلد مهام التدريب بيذرو بنعلي الذي أعاد التوازن للفريق الذي عرف نوعا من الاستقرار، غير أن نتائج الفريق بدأت تتراجع مباشرة بعد تعادله أمام سريع وادي زم وانهزامه أمام المغرب التطواني بملعب إمزورن، ماأعاده إلى نقطة الصفر. وشهدت فترة تولي مصطفى ديرا رئاسة الفريق، عملية شد الحبل بين المكتب المسير والمدرب بيذرو بنعلي بسبب شهادة طبية أدلى بها الأخير وأبعدته عن التدريب. ولم يقو بنعلي على مجاراة منافسات البطولة الاحترافية، بسبب النتائج السلبية وخلافاته مع مساعديه الإسبانيين، ما جعل المكتب المسير ينفصل عنه ويستنجد بسعيد شيبا ومساعده رفيق عبد الصمد اللذين لم ينجحا في مهامهما وذلك باعتراف سعيد شيبا مباشرة بعد نهاية مباراة الحسيمة وبرشيد.
انتدابات فاشلة
يجمع المتتبعون لمسار شباب الريف الحسيمي على أن من الأخطاء التي ساهمت في نزول الفريق للقسم الثاني، عدم تجديد تعاقده مع بعض اللاعبين الذين كانوا تألقوا رفقة الفريق الموسم المنصرم نظير أيوب الملوكي ويوسف بنعلي ومحمد السعيدي وسفيان شرف ويونس فنيش وسفيان أكويلي، وتسريح اللاعبين عادل الحسناوي ومجمد الوكيلي اللذين اعتبرا من أبرز العناصر التي انتدبها الحسيمي الموسم المنتهي. وقدرت نفقات الفريق على الانتدابات هذا الموسم بحوالي مليار و500 مليون سنتيم، بالنظر إلى تركيز المكتب السابق على استقطاب 6 لاعبين من هولندا، اثنان احتفظ بهما الفريق فيما فسخ عقود أربعة من جانب واحد. وتعاقد الفريق مع 26 لاعبا في فترتي الانتقالات، قبل أن يفسخ عقد ثمانية منهم. وكشفت نتائج الفريق ضعف العديد من الانتدابات التي أجراها قبل بداية البطولة وكذا بعد مرور ثلاث دورات منها، بل هناك من اللاعبين من لم يستفد منهم الفريق على غرار ياسين لكحل ومحمد أمين السعيدي وإسماعيل جاهور وحسام أمعنان رغم إمكانياتهم، الشيء الذي طرح العديد من علامات الاستفهام. وأجبر الوضع أنذاك الرئيس السابق سمير بومسعود على فسخ عقود أربعة لاعبين من جانب واحد، فيما الخامس مقابل 385 ألف درهم ويتعلق الأمر باللاعب خالد كركيش.
ثلاثة مدربين
إضافة إلى غياب الاستقرار الإداري، غاب الاستقرار على المستوى التقني، فبعد مرور دورتين على انطلاق الموسم الكروي، انفصل المكتب المسير للفريق عن المدرب ميمون وعلي الذي لم يتمكن من فرض الانضباط داخل الفريق، ماكان سببا في تلقي الأخير هزيمتين أمام كل من الرجاء الرياضي والجيش الملكي، وبحصص عريضة، إضافة إلى إقصائه من منافسات كأس العرش على يد النادي القنيطري. وبعد مجيء المدرب الإسباني خوان بيذرو بنعلي قاد تغييرات واسعة في شباب الحسيمة، وجلب عدة لاعبين، بعضهم خانته التنافسية، كما تأخر تحقيق الانسجام بين اللاعبين. وانعكس هذا الوضع على أداء الفريق الذي تحسنت نتائجه في بداية الأمر، خاصة بعد تعادله أمام اتحاد طنجة بملعب الأخير وفوزه على الوداد والكوكب المراكشي بإمزورن، قبل أن تتراجع. واستمر بنعلي وشباب الريف الحسيمي في حصد الهزائم والتعادلات داخل وخارج الملعب وإهدار النقاط، في الوقت الذي كانت تتسع فيه دائرة الخلافات بين المكتب المسير الجديد برئاسة مصطفى ديرا والمدرب بنعلي، وبين الأخير ومساعده مانويل، وكان من نتائجها، إقالة خوان بنعلي من مهامه، واستنجاد الفريق بسعيد شيبا ورفيق عبد الصمد. ورغم الحضور الجماهيري الذي تابع مباريات الفريق بملعب ميمون العرصي بالحسيمة منذ تعيين شيبا مدربا للفريق، وتسوية بعض المستحقات المالية للاعبين، إلا أن شيبا لم ينجح في إنقاذ الفريق الذي تلقى العديد من الهزائم، أمام الرجاء وسريع وادي زم والمغرب التطواني، وتعادل بملعبه أمام أولمبيك أسفي ومولودية وجدة والفتح الرياضي والدفاع الحسني الجديدي، كما أهدر لاعبوه ثلاث ضربات جزاء أمام الفتح والمغرب التطواني ذهابا وإيابا واتحاد طنجة. وبدأت حظوظ الفريق الحسيمي تتلاشى في البقاء بالقسم الأول، منذ الدورة 28 بعد تعادله بملعبه أمام الدفاع الحسني الجديدي، وفوز الكوكب المراكشي على سريع وادي زم في مباراة أثارت العديد من الكلام.
إكراهات مادية
يتخوف المتتبعون للشأن الرياضي بالحسيمة من تبعات الأزمة المادية، التي تسبب فيها الاعتماد وانتداب لاعبين كلفوا خزينة الفريق الشيء الكثير دون الاستفادة منهم. ويعتبر شباب الريف الحسيمي إلى جانب الرجاء الرياضي والمغرب التطواني وأولمبيك آسفي والكوكب المراكشي أكثر الأندية الوطنية المثقلة بالديون، بسبب إبرام الرئيس السابق صفقات كبيرة تفوق مداخيله، ماأدى إلى تضخم كبير. وأصبح شباب الحسيمة مطالبا الموسم المقبل كما حدث خلال الموسم المنصرم، بأداء مستحقات العديد من اللاعبين العالقة ممن انتهت عقودهم مع الفريق. وستلجأ جامعة كرة القدم إلى اقتطاع مستحقات اللاعبين من منحة الفريق الموسم المقبل، ماسيؤثر على مسيرته في القسم الثاني.
الفريق دون لاعبين
بات شباب الحسيمة مهددا بفقدان جميع لاعبيه بعد نهاية عقودهم في 30 يونيو الجاري. وأصبحت إدارة الفريق الحسيمي مطالبة بإيجاد بدائل، إذ أصبح من الصعب إقناع اللاعبين بتجديد عقودهم بعد النزول إلى القسم الثاني. ومازالت عقود ثلاثة لاعبين سارية المفعول، ويتعلق الأمر بحكيم أقليدو وسفيان نمر وإسماعيل جاهور. وأصبح لزاما على مسيري الفريق البحث عن لاعبين جدد لتعويض المغادرين، بل الأكثر من ذلك سيلجأ من جديد لانتداب لاعبين من خارج الإقليم ما يحتم عليه تدبير ميزانية أخرى لاستقطاب لاعبين أوتجديد عقود آخرين. ويطالب جمهور الفريق بإعادة هيكلة الأخير والاعتماد على لاعبين من مناطق مختلفة كالناظور ودريوش، إضافة إلى لاعبي فريق الأمل وأندية الهواة.
الجمهور غاضب
هاجمت جماهير شباب الريف الحسيمي الغاضبة لاعبي الفريق ومسيريه في أكثر من مباراة، ورددوا شعارات تطالب بإعادة النظر في العديد من الأمور التي تخص الفريق. واعتبر العديد من محبي وعشاق الفريق الذين تذوقوا مرارة النزول إلى القسم الثاني، أن الأخير ظهر الموسم المنتهي مهزوزا وغير مستقر، محملين مسؤولية ماجرى للفريق لبعض اللاعبين والمسيرين والطاقم الفني، فيما تحدث آخرون عن صراعات بين الأشخاص، خلال الفترة التي ترأس فيها الفريق سمير بومسعود.
إضرابات اللاعبين
عرف الموسم الرياضي المنتهي إضرابات لاعبي شباب الحسيمة الذين رفضوا في أكثر من مناسبة خوض حصص تدريبية، وكانت آخر مرة يقاطعون فيها التداريب، قبل مباراتهم أمام يوسفية برشيد لحساب الجولة 29 من بطولة اتصالات المغرب. وتأتي هذه الإضرابات احتجاجا على تأخر المكتب المسير في صرف مستحقاتهم المالية المتمثلة في رواتب ثلاثة أشهر إضافة إلى ماتبقى من منح التوقيع. والأكثر من ذلك أن اللاعبين كانوا يعتزمون مقاطعة المباراة سالفة الذكر لولا تدخل أحد أعضاء المكتب المسير الذي أقنعهم، بل وعدهم بصرف جزء من المستحقات. وعاش بعض اللاعبين خلال شهر رمضان وحسب تصريحاتهم ظروفا كارثية، إذ منهم من لم يجد ما يقتني به بعض الضروريات، أويقترض من زملائه لتلبية حاجيات أسرته. العديد من اللاعبين
شيبا : لم أنجح في مهمتي
اعترف مدرب شباب الريف الحسيمي لكرة القدم سعيد شيبا بفشله في المهمة التي جاء من أجلها إلى مدينة الحسيمة. وقال المدرب ذاته في تصريح ل” الصباح ” إنه جاء إلى الحسيمة لمساعدة الفريق، غير أنه لم ينجح في المهمة التي جاء من أجلها وهي ضمان البقاء بالقسم الأول الاحترافي. وأضاف شيبا أن هذه المهمة لم تكن سهلة، بسبب وجود الفريق في المراكز الأخيرة، مؤكدا أنه رغم الوضعية الحرجة التي كان يوجد فيها الفريق، فإن الأخير كان لديه أمل كبير وحظوظ وافرة للبقاء ضمن البطولة الاحترافية، خاصة وأن ثمة مؤشرات فنية كانت تؤكد أن شباب الريف الحسيمي لايستحق المركز الأخير الذي كان يوجد فيه. واعتبر شيبا بداية الفريق المتعثرة وعامل الحظ الذي عاكسه في العديد من المباريات، كمباراة الجديدة ووادي زم ومولودية وجدة، إضافة إلى ضياع اللاعبين ثلاث ضربات الجزاء، كانت كلها أسباب في إنهاء البطولة في المركز الأخير المؤدي إلى القسم الثاني. وحول مستقبله رفقة شباب الريف الحسيمي، أكد شيبا أن استمراره مع الأخير يتوقف على الجلسة التي سيعقدها مع المكتب المسير حول هذه النقطة، وكذا حول مشروع الفريق مستقبلا، مضيفا أن له عقدا مبدئيا يمتد حتى نهاية الموسم المقبل، غير أن هذا العقد يبقى حبرا على ورق، وفي حال كانت الأفكار والنظرة المستقبلية متقاربة فيمكن الحديث عن استمراري مدربا للفريق. وأكد شيبا أن الطاقم الفني وكذا لاعبي الفريق يعيشون خيبة أمل كبيرة وحتى جمهور الحسيمة، هذه المدينة التي تستحق فريقا في القسم الأول باعتبار الجمهور الذي يعشق فريقه. واعتبر شيبا أن هناك حلقة مفقودة تتمثل في التعاون وتضافر جهود مكونات الفريق من أطر فنية وجمهور ومسيرين.
إنجاز : جمال الفكيكي ( الحسيمة )