كشف المرصد المغربي للحماية الاجتماعية، عن عدد من التحديات التي تواجه منظومة الحماية الاجتماعية والتي تؤثر على تعميمها لكل أفراد المجتمع، مشيرا إلى ستة تحديات رئيسية من بينها ارتفاع معدلات البطالة وتزايد نسبة الشيخوخة، وكذا التمكن من استقطاب جميع الأفراد المستهدفين.
وقال المرصد في تقريره، الذي يحمل عنوان “حماية اجتماعية أم تقويم هيكلي مقنع؟”، إن مشروع تعميم الحماية الاجتماعية يصطدم مع ارتفاع نسبة البطالة خلال سنة 2024 لتصل إلى 13.6 في المائة، ليبلغ عدد العاطلين عن العمل مليونان و683 ألف شخص، وهو ما يجعل البطالة في الحالة المغربية تحديا واختبارا لمنظومة الحماية الاجتماعية بالنظر إلى أن العاطلين لا يحصلون على دخل قار يمكنهم من الوصول إلى الخدمات الصحية بالجودة الكافية، التي تضمن لهم حقهم في الحد الأدنى من العلاجات الطبية، والحصول على حد أدنى من المدخول والانخراط في نظام للمعاشات لمواجهة مخاطر الشيخوخة لاحقا، وبالمقابل لا يساهمون في الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي.
وأوضح التقرير ذاته، أنه من أبرز التحديات تحدي الاقتصاد غير المهيكل الذي يشكل نسبة كبيرة من الناتج الداخلي الخام، معتبرا أن وصول الفئات التي تشتغل في هذا القطاع إلى نظام الضمان الاجتماعي الشامل أمراً “معقداً وغير سهل”، وذلك “نتيجة محدودية التوظيف الحكومي وبطء نمو التوظيف في القطاع الخاص النظامي”.
ولفت إلى أن الفئات العاملة في الاقتصاد غير المهيكل تواجه مخاطر “الاستهداف غير الدقيق”، من قبيل بناء قواعد بيانات غير قادرة على الإحاطة بالوضعية الاقتصادية والاجتماعية لفئات عريضة تشتغل في الاقتصاد غير الرسمي، والتي تناهز، بحسب تقديرات منظمة العمل الدولية، 60% من مجموع القوى العاملة.
وعليه يؤكد المرصد ذاته، فإن عمليات التنقيط ستكون “شبه مستحيلة “بالنسبة لقطاعات الاقتصاد غير المهيكل في غياب شواهد العمل والأداء التي تثبت وضعية رب الأسرة، كما أن استمرار الأنشطة غير المُهيكلة لا يسمح بمعرفة حقيقة الوضع الاقتصادي والاجتماعي للبلاد.
وعلى مستوى آخر، نبه التقرير ذاته، إلى ارتفاع نسبة الشيخوخة القادمة، حيث من المتوقع أن تتزايد نسبة الشيخوخة في الهرم السكاني المغربي في أفق عام 2050، إذ تشير التوقعات الإحصائية للمندوبية السامية للتخطيط إلى أن عدد الأشخاص المسنين سيرتفع من 4.5 ملايين حالياً إلى 10 ملايين نسمة في أفق عام 2050.
وفي ظل هذا الارتفاع، من المنتظر أن يزيد الطلب على الرعاية الصحية والمزيد من نفقات التأمين الإجباري عن المرض، مع ما يصاحب ذلك من تأثير سلبي على استدامة أنظمة الحماية الاجتماعية، خصوصاً صناديق التقاعد والتغطية الصحية، ما سيؤدي بالضرورة إلى “تحمل الأجيال المقبلة ارتفاع العبء المالي لأنظمة التقاعد”,
ووقف المصدر ذاته عند ضعف نسبة استخلاص الاشتراكات المستحقة التي لا تتعدى 27 في المائة موازاة مع ضعف نسبة المستفيدين مفتوحي الحقوق التي لا تتجاوز 13 في المائة، وهو ما “يطرح على المنظومة الوطنية للحماية الاجتماعية تحدي جاذبية وتوسيع نطاق التأمين الاجتماعي ليشمل العاملين لحسابهم الخاص، مما يترك الكثير منهم خارج مظلة الحماية الاجتماعية”.
بالإضافة إلى كل هذا، تواجه المنظومة الوطنية للحماية الاجتماعية “تحدي إعمال مقاربة حقوق الإنسان، وذلك عبر ملاءمة البنية التشريعية والمؤسساتية مع الاتفاقيات الدولية والإطار المعياري الدولي لأرضية الحماية الاجتماعية، بما يمكن من توسيع مظلة الحماية الاجتماعية لتستوعب الجميع وتحمي الفئات الضعيفة والهشة الناشئة عن التحولات المناخية”.
في هذا السياق، أبرز المرصد أنه “يتعين تصنيف الحماية الاجتماعية بشكل منصف بين الجنسين وشامل اجتماعياً، وضمان حماية اجتماعية شاملة ومراعية لمنظور النوع الاجتماعي من الصدمات المتعلقة بالتغيرات الاقتصادية والاجتماعية التي تعاني منها النساء. منظومة تقوم على جمع البيانات من خلال اعتماد منهج الفقر متعدد الأبعاد للأسر والأفراد”.
وبحسب التقرير ذاته، تشكل الظروف الاقتصادية التي تفرضها الجوائح والكوارث الطبيعية تحديات تمويلية على الموازنة وعلى الحكومة والمجتمع، ولا ينبغي أن تعتمد على التدبير الطارئ للموارد، ملفتا إلى أنه على الرغم من التقدم في مواجهة الفقر عبر السياسات والبرامج إلا أن الفقر وعدم المساواة ومستويات البطالة المرتفعة تظل أكبر التحديات التي تواجه البلاد.
متابعات