كلمة جمعية ماسينيسا في حق المحتفى به : عبد الحكيم كربوز
عبد الحكيم كربوزمن عائلة مقاومة بمنطقة كّزناية بالريف حيث تلقى كباقي أبناء قبيلته تعليمه الابتدائي بإحدى مدارس القرية ، بعدها بالإعدادية المختلطة بنفس البلدة ،قبل اضطراره الانتقال إلى مدينة الحسيمة تحت ضغط صعوبات وإكراهات مختلفة ، وبهذه المدينة الوديعة ، تابع عبد الحكيم دراسته الثانوية بمؤسسة أبي يعقوب البادسي ، حيث اندمج سريعا في بيئتها ناسجا علاقات صداقة رفيعة المستوى جعلته يكن محبة واعترافا منقطع النظير لكل هؤلاء الزملاء والزميلات ومدينتهم الحسيمة التي ظل مدينا لها إلى يومنا هذا ، بحيث ظلت مستقرة في وجدانه وذاكرته مستحضرا دوما فضلها وجميلها المستعصي على النسيان…
بعد حصوله على الباكالوريا أواسط ثمانينيات القرن الماضي ، التحق عبد الحكيم بجامعة محمد بن عبد الله بفاس ـ شعبة الفلسفة ـ وتخرج منها بشهادة الإجازة تخصص علم الاجتماع.
بعد التخرج ، وفي إطار الخدمة المدنية ، عمل عبد الحكيم ، بالإذاعة الوطنية ـ قسم الأخبار أو ما كان يعرف بقسم اللهجات ، حيث تم إدماجه مباشرة ، بعد 5 سنوات متواصلة من الجهد والعطاء ..وهكذا تابع صاحبنا مهامه مشرفا على النشرات الإخبارية ، دون ان يحشر نفسه ضمن إطاره المهني الضيق ، بقدر ما امتد اهتمامه بالشأن الأمازيغي إلى خارج أسوار الإذاعة، مناضلا ملتزما ومنفتحا على مختلف الأنشطة المحلية والجهوية والوطنية التي عرفتها الأمازيغية إبان هذه الفترة الهامة من تاريخ العمل الأمازيغي المكافح..مواكبا ، من موقعه الإعلامي ، تلك الدينامية المشهودة عبر إذاعته لأخبار وأنشطة الجمعيات الأمازيغية بمختلف مواقع تواجدها محليا جهويا ووطنيا ، ومنها منطقة الريف التي حضيت جمعياتها باهتمام خاص من لدنه، ومنها جمعيتنا ماسينيسا الثقافية بطنجة ـ التي لازالت إلى يومنا هذا شعلة وقادة تنير دروب نضال أجيالنا المتعاقبة من أجل الأمازيغيةـ بنفس العناية والاهتمام اللذين تابع بهما أنشطة جمعية نوميديا بالحسيمة وجمعية انكور للثقافة والفنون بإمزورن وكل جمعيات الريف التي أسدى لها عبد الحكيم خدمات إعلامية هامة وجليلة، سواء عبر إذاعته لأنشطتها أو عبر تنسيق إنجازاتها مع باقي المنابر الإعلامية ـ السمعية ـ البصرية التي أبلت بدورها ، البلاء الحسن في التعريف بهذا الزخم والإشعاع الأمازيغي الرائع وقتها …، كما تتبع عبد الحكيم بدقة أنشطة المجلس الوطني للتنسيق بين الجمعيات الأمازيغية بالمغرب ، الذي رافقه في أهم نشاطاته …منها ندوته الوطنية التاريخية التي احتضنها فندق حسان سنة 1996والتي على هامشها استجوب عبد الحكيم أبرز أقطاب الحركة الساهرين على تنظيم هذا الحدث ، ومنهم الفقيد احمد الدغرني الذي خص صاحبنا بتصريح هام حول خلاصات الندوة وما تمخض عنها من ملتمسات ومطالب هي نفسها التي ستتضمنها المذكرة المرفوعة للملك الراحل حول التعديلات الدستورية لنفس السنة 1996..وظل عبد الحكيم محافظا على علاقاته المتشعبة بمختلف الفعاليات ورموز الحركة الأمازيغية والبحث العلمي ببلادنا : كقاضي قدور وإبراهيم أخياط و احمد الدغرني، الراحلين تباعا إلى دار البقاء، وقيس مارزوق الورياشي ، وحسن إذ بلقاسم ، وابن بلدته محمد اشتاتو… وغيرهم من المشتغلين في مختلف المجالات الحقوقية والنقابية والإعلامية الذين حظي عبد الحكيم من لدنهم بتقدير واحترام خاصين انطلاقا من دماثة أخلاقة ونبل معاملته والتزامه المهني والنضالي وتواضعه المبالغ فيه حد نكران الذات .. لقد امتطى ، وقتها ، ع الحكيم صهوة التحدي، بجانب صحفيين وصحفيات منهم : الأخت سلوى المقدم واحمد التعمانتي بتطوان وآخرين ، ممن اختاروا جبهة الممانعة في اختراقهم للطابوهات والعراقيل التي عانت منها الأمازيغية بالإذاعة الوطنية سنوات الرصاص ، عبر تمديدهم لقنوات التواصل الهادف بأقطاب الحركة الأمازيغية ومعهم باقي الفعاليات الديمقراطية ذات الحضور الوازن في تنظيمات المجتمع المدني .. تواصل تجاوز به الأخ عبد الحكيم المستوى الإعلامي المهني من موقع المتتبع ، إلى مستوى الانخراط الفعلي والتواجد الميداني إلى جانب كل الحركات الاجتماعية شاهدا على تظاهراتها الحقوقية ( وكيف لا ، وهو أحد المتشبعين بالثقافة الحقوقية كمنخرط دائم بالجمعية المغربية لحقوق الإنسان) وكذا الاحتجاجات النقابية وحراكات : 20 فبراير ، وحراك الريف و محطات التضامن مع الشعبين الفلسطيني والعراقي ، متنقلا صحبة قوافل المنتدى المغربي للحقيقة والإنصاف (تازممارت و قافلة أجدير الحسيمة سنة 2004 تحت شعار ” من أجل تطهير الريف من أثر زلزال إقبارن ” ) كما ظل شاهدا على مختلف التظاهرات المطالبة بالحرية والديمقراطية والعدالة الاجتماعية ضمن مغرب يسع لجميع أبنائه وبناته ، وظل مدافعا شرسا على أحقية الأمازيغية في الإعلام والتعليم والقضاء وفي الحياة العامة ..في وقت عانت فيه الأمازيغية بدار البريهي مختلف أشكال الغبن والحصاروالميز مقارنة بباقي المكونات اللغوية الأخرى ، وهو الوضع الذي ظل عبد الحكيم يقاومه من موقع مسؤوليته في النقابة الوطنية للصحافة المغربية كأول صحفي امازيغي بهذه الصفة.
واعتبارالمكانته في المشهد الإعلامي الأمازيغي. بصوته وأسلوبه المتميزين بسلاسة مدروسة في تقديم الأخبار والبرامج الإذاعية، جعله ذلك محط اهتمام المستمعينبالداخل والخارج وأهله للاشتغال ، لفترة ، مراسلا للإذاعة الهلنديةهنبرسم عبر برنامج خاص موجه لإخواننا المهاجرين بالريفية ،ناقلا لهم هموم وقضايا الوطن بحنكته وتجربته الإعلامية المسترشدة بخطاب جديد ومغايرودقته في تناول القضايا التي تشغل بال الشعب المغربيبالداخل والخارج بأسلوب إعلامي ساهم في استقطاب العديد من المتتبعين لهذا البرنامج الذي نال إعجاب الكثيرين ليس بهلندا فحسب، وإنما بباقي بلدان أوروروبا..وهو ما عكسه الاستقبال الحار الذي حضي به صاحبنا يوم زيارته لهذه البلاد التي استقبل فيها استقبالا يليق بالشخصيات المرموقة في مجاله الإعلامي.
والمحتفى به : الإعلامي الأمازيغي عبد الحكيم كربوز، مقبل اليوم على تقاعده ، فإننا بجمعية ماسينيسا الثقافية بطنجة باسم مكتبها المسير ومجلسها الإداري وعموم منخرطيها ومحبيها ، يتمنون له حياة سعيدة مفعمة بالحيوية الدائمة التي جبل عليها ، مع طول العمر ، مستمرا في خدمة الأمازيغية من وضعه الجديد كمتقاعد عملا بشعار” نحن نتقاعد عن العمل ولا نتقاعد عن النضال”.
جمعية ماسينساـ طنجة