الغبزوري السكناوي
في ظل موجة حرّ وجفاف موسمي متصاعد، تواجه غابات شمال المملكة تصاعدًا لافتًا في درجة الهشاشة البيئية، ما يزيد من احتمالات اندلاع الحرائق ويُعقّد جهود السيطرة عليها. ووسط هذه الظروف، يبقى تدخل فرق الإطفاء مرهونًا بإكراهات التضاريس وضعف الإمكانيات، في وقت تتسارع فيه التغيرات المناخية لتجعل من كل صيف فصلًا محفوفًا بالخطر.
وقد سُجّلت خلال الأيام الأخيرة حرائق غابوية متفرقة بكل من إقليمي تطوان وشفشاون، أتت على نحو 16 هكتارًا من الغطاء النباتي، بحسب معطيات أولية صادرة عن مصالح المياه والغابات. وتزامنت هذه الحرائق مع ارتفاع حاد في درجات الحرارة، ما أدى إلى تسريع وتيرة الاشتعال وصعوبة تطويق بؤر اللهب في بدايتها.
في إقليم تطوان، اندلع حريق واسع بمنطقة “واد راس”، المعروفة بكثافة غطائها النباتي، وأتى على قرابة 15 هكتارًا من الأشجار والأعشاب اليابسة. التضاريس الصعبة وقلة المسالك سرّعت في انتشار ألسنة اللهب، مما تطلب تعبئة مكثفة واستنفارًا لفرق الإنقاذ من مختلف المصالح.
الاستجابة للحريق تطلبت تدخلًا ميدانيًا منسقًا، شاركت فيه الوقاية المدنية، والمياه والغابات، والدرك الملكي، مع دعم من القوات المساعدة ومروحيات الإخماد الجوي، هذا التنسيق ساعد في احتواء الحريق ومنع توسعه، رغم أن طبيعة المكان فرضت تحديات ميدانية معقدة أمام المتدخلين.
في إقليم شفشاون، أُخمد حريق محدود النطاق التهم حوالي 1.1 هكتار. وبالرغم من صغر المساحة، أثار الحادث قلق السكان، خاصة في ظل استحضار حرائق السنوات الماضية التي أتت على آلاف الهكتارات، سهولة المسالك وتراجع الرياح سهّلت هذه المرة عمليات التدخل واحتواء النيران.
الحدث خلف حالة استنفار محلي، إذ تزامن مع موسم يعرف تاريخيًا بنشاط حرائق الغابات، وعلى الرغم من نجاح التدخل السريع، فإن تواتر هذه الحرائق يُعيد طرح الأسئلة حول نجاعة الإجراءات الوقائية، ومدى استعداد الجهات المعنية لمواجهة مثل هذه الطوارئ المتكررة.
أسباب اندلاع هذه الحرائق لم تُحدَّد رسميًا بعد، في انتظار نتائج التحقيقات الميدانية، إلا أن مؤشرات ميدانية تشير إلى تداخل العوامل المناخية مع ممارسات بشرية غير مسؤولة، مثل حرق الأعشاب الجافة أو التخلص العشوائي من النفايات القابلة للاشتعال، وهي سلوكيات تتكرر سنويًا وتُسهِم في إشعال شرارات مدمرة.
في ظل هذا الوضع، دعت فعاليات بيئية إلى تفعيل خطط الوقاية الاستباقية، وتكثيف الحملات التحسيسية، وإشراك الساكنة المحلية في جهود الإنذار المبكر، كما شددت على ضرورة تفعيل المساءلة القانونية في حق المتورطين، للحفاظ على الثروة الغابوية باعتبارها أحد ركائز التوازن البيئي والتنمية المستدامة بالمنطقة.