كتب: عبد العزيز حيون
تستعد أوروبا لانجاز مشروع هندسي غير مسبوق وهو من أضخم مشاريع البنية التحتية في تاريخ القارة الحديث: نفق فيمارنبلت، الممتد تحت مياه بحر البلطيق بطول 18 كيلومترًا.
هذا النفق الذي تصل تكلفته إلى نحو 7.4 مليار يورو، سيربط بين مدينة فيرودبيهافن في جزيرة لولاند الدنماركية ومدينة بوتغاردين في جزيرة فيمارن الألمانية.
وعلى عكس نفق المانش الشهير، الذي يربط بريطانيا بفرنسا، لن يُحفر نفق فيمارنبلت داخل الأرض، بل سيُبنى باستخدام قطع خرسانية ضخمة مسبقة الصنع، تُنقل إلى البحر ثم توضع في خندق عميق على قاعه، قبل أن تُغطى بالرمال والحجارة لتستقر في مكانها.
وكل قطعة من النفق أشبه بعملاق هندسي قائم بذاته: الطول: 217 مترًا والعرض: 42 مترا، والارتفاع: 9 أمتار تقريبا والوزن: 73 ألف طن
وبمجرد اكتماله، سيتضمن النفق مسارين مخصصين للسيارات، إضافة إلى خطين للسكك الحديدية الكهربائية، مما يجعله شريانا حيويا يربط شمال أوروبا بوسطها.
فوائد استراتيجية لأوروبا …
المشروع لا يقتصر على كونه إنجازا هندسيا، بل يمثل تحولا جذريا في حركة النقل الأوروبية:
تقليص زمن الرحلة البحرية بين ألمانيا والدنمارك من 45 دقيقة بالعبّارة إلى نحو 10 دقائق بالسيارة و7 دقائق فقط بالقطار.
اختصار زمن السفر بالقطار بين هامبورغ وكوبنهاغن من حوالي خمس ساعات إلى أقل من النصف.
تعزيز الحركة السياحية والاقتصادية بين البلدين، وخلق فرص استثمار وتنمية في مناطق لطالما عانت من التهميش مقارنة بالعواصم الكبرى.
تحديات التنفيذ…
عملية إنزال أولى القطع الخرسانية للنفق تمثل تحديا تقنيا ولوجستيًا كبيرا، فهي عملية تستغرق حوالي 40 ساعة متواصلة، ويشارك فيها فريق مكون من 22 مهندسا وخبيرا خضعوا لتدريب مكثف. ومع ذلك، لا توجد أي تجارب تجريبية بديلة، ما يعني أن التنفيذ يجب أن يكون صحيحا من المحاولة الأولى، مع اعتماد كبير على الظروف الجوية المناسبة.
ومن المتوقع أن يُنجز المشروع بحلول عام 2030، ليصبح عندها علامة فارقة في تاريخ النقل الأوروبي، ونموذجا عالميا لكيفية استغلال التكنولوجيا والهندسة لتقريب المسافات وتوحيد القارة أكثر فأكثر.