على إثر الفضيحة المدوية التي فجرها التسجيل الصوتي البالغة مدته زهاء خمس دقائق، والمنسوب إلى القيادي البارز في حزب “علال الفاسي” نور الدين مضيان، عضو اللجنة التنفيذية ورئيس الفريق الاستقلالي للوحدة والتعادلية في مجلس النواب، الذي يهاجم فيه بكلام قاس ومذل زميلته في ذات الحزب، نائبة رئيس مجلس جهة طنجة-تطوان-الحسيمة والبرلمانية السابقة المسماة رفيعة المنصوري.
وتبعا لما أحدثه ذلك التسجيل الصوتي من زوبعة سياسية في أوساط حزب “الميزان” وجدل واسع على مواقع التواصل الاجتماعي، وتفاعل عديد القيادات الحزبية والجهات الحقوقية مع هذه الفضيحة، كمنظمة المرأة الاستقلالية التي سارعت إلى إصدار بيان تطالب فيه الأمين العام للحزب نزار بركة بالتدخل العاجل واتخاذ ما يلزم من إجراءات كفيلة بتفادي كل التأويلات وتناسل المشاكل، معربة عن استيائها الشديد من تلك التسريبات الصوتية الخطيرة، التي تعد “مساسا بسمعة وأخلاق رفيعة المنصوري، مما تحمل في طياتها من إيحاءات خادشة لصورة المرأة المغربية عامة والمرأة الاستقلالية خاصة”، بينما اعتبرته فيدرالية رابطة حقوق النساء محتوياته “أفعالا إجرامية تدخل في خانة العنف السياسي على المرأة، واصفة الحدث بالمأساة الأخلاقية والسياسية التي تعرضت فيها الضحية لهدر كرامتها وانتهاك حقوقها وأسرتها…
فإن بطل هذه الفضيحة الجديدة التي جاءت على بعد أسابيع من المؤتمر الوطني الثامن عشر للحزب المزمع انعقاده في أواخر شهر أبريل القادم، وفي خضم الضجة الإعلامية التي أثارتها قبل ذلك فضيحة “الصفعة” التي تلقاها أحد برلمانيي الحزب من قبل أحد زملائه أثناء عملية انتخاب رئيس اللجنة التنفيذية، أعلن في رسالة وجهها مساء يوم الأحد 24 مارس 2024 إلى الأمين العام للحزب نزار بركة، عن تجميد مسؤوليته من رئاسة الفريق النيابي للحزب في مجلس النواب، مدعيا أن قراره هذا يأتي “احتراما للقضاء، ورغبة في لم الشمل الحزبي، وتقديرا لجهود بعض القيادات الحزبية، وحتى لا تتحول مسؤوليته مطية لخصوم الحزب للتهجم والمزايدة عليه”
ويشار في هذا الصدد إلى أن رفيعة المنصوري كانت قد تفاجأت بما نقله إليها زملاؤها في الحزب وبعض أصدقائها من خارجه من تسريبات صوتية صادرة عن نور الدين مضيان تمس عرضها وكرامتها، مما اضطرها ليس فقط إلى الكشف لهم عما ظل يمارسه عليها من تهديدات بالتشهير بها في حالة امتناعها عن الاستجابة لنزواته، واستغلاله مركزه السياسي في الحزب لطردها من جميع تنظيمات الحزب وتقزيم وضعيتها الاعتبارية داخل الإقليم، بل إنها تقدمت أيضا بشكاية أمام النيابة العامة بالمحكمة الابتدائية بطنجة، تتهمه من خلالها ب “السب والقذف والابتزاز والمس بالحياة الخاصة للأشخاص واستغلال النفوذ والتشهير والتهديد بإفشاء أمور مشينة”. حيث أن تفاصيل هذه الفضيحة تعود إلى تسريب التسجيل الصوتي غير محسوب العواقب، يتحدث فيه صاحبه نور الدين مضيان بكل فخر عن غزواته الجنسية مع “عشيقته” السابقة، وهو يؤكد امتلاكه لأشرطة فيديو توثق لوضعيات مخلة بالحياء تتعلق بالمشتكية وهي عارية، متهما إياها بالخضوع لعمليات إجهاض متكررة نتيجة علاقاتهماالجنسية.
وفي الوقت الذي يرى فيه عدد من المحللين والمتتبعين للشأن السياسي ببلادنا أنه لولا ما تعرض له مضيان من ضغوطات سياسية لإنقاذ ماء وجه الحزب وقيادته، ما كان ليتخذ هكذا قرار بتجميد مسؤوليته من رئاسة الفريق الاستقلالي للوحدة والتعادلية بمجلس النواب، لما عرف عنه من أنانية وعناد وحب للسلطة، فإذا به يخرج عن صمته ويؤكد لبعض الصحف الرقمية بأن ما يتم الترويج له من اتهامات لا يمت بأي صلة لأخلاقه. وأنه لا يستبعد أن يكون التسجيل الصوتي المنسوب له مجرد مؤامرة ضده حيكت خيوطها في الظلام بعد أن تم الاعتماد في صناعتها على الذكاء الاصطناعي، لأن الموضوع في رأيه له علاقة مباشرة بالتجاذبات والصراعات التي تسبق المؤتمر المرتقب عقده في نهاية شهر أبريل القادم.
ولم يقف “مضيان” عند هذا الحد، بل أضاف قائلا بأن ذلك “التسجيل” جاء كرد فعل على إصدار الفريق الاستقلالي الذي يرأسه بمجلس النواب بيانا يعبر من خلاله عن تضامنه المطلق مع عضو الفريق النيابي “منصف الطود” جراء تعرضه للإهانة عن طريق تلقيه صفعة قوية من لدن عضو اللجنة التنفيذية للحزب “يوسف أبطوي” إبان أشغال اللجنة التحضيرية للمؤتمر العام 18 التي انعقدت في 2 مارس 2024 بمدينة بوزنيقة، مبديا احترامه للقضاء واستعداده للمحاكمة، مادام ليس له أي علاقة بالتهم الموجهة إليه من لدن زميلته المنصوري، دون أن يشير مرة أخرى للتسجيل الصوتي المسرب.
إننا نستنكر بدورنا مثل هذه الممارسات اللاأخلاقية التي تصدر من حين لآخر عن بعض الفاعلين السياسيين الذين يفترض فيهم الارتقاء بالخطاب السياسي والإسهام بفعالية في تخليق الحياة العامة، وأن يكونوا قدوة للأجيال الصاعدة من حيث التحلي بالاستقامة والقيم الأخلاقية الرفيعة، بدل ممارسة العنف السياسي وخاصة تجاه المرأة. ونطالب ليس فقط بقبول تنحي نور الدين مضيان من رئاسة الفريق الاستقلالي في مجلس النواب، بل بإحالة ملف الفضيحة على لجنة التحكيم والتأديب، ثم طرده نهائيا من الحزب إذا ما ثبتت إدانته من لدن المحكمة، حتى يكون عبرة لمن تسول له نفسه الإساءة إلى العمل السياسي.
اسماعيل الحلوتي