عبد السلام المساوي
1- مأساة رحيل رفيقي ، أخي ، صديقي ، عزيزي بنيونس المرزوقي …رحيل ليس كل رحيل …لن أبكيه بل أبكي حالي …إني مت قبله وبعده …
2- مأساة استحالة توديعه وتشييع جنازته …وكأن القدر منعني من وداعه في المقبرة …
لن أودعك حبيبي …
لا أطيق حضورا في غيابك …
كنا معا دائما …
كنا معا عن قرب وعن بعد …
صداقتنا صدقت منذ السبعينيات في ظهر المهراز بفاس ، حيث كنا طالبين في جامعة سيدي محمد بن عبد الله ، أنت في الحقوق وأنا في الفلسفة…
جمعنا النضال في صفوف اليسار …
صداقتنا تجذرت في وجدة مذ 1980…
كنا معا دائما …
كنا معا في كل الأزمنة والأمكنة …
الأماكن كلها …كلها …تذكرني بك ..
منذ الصباح أهاتفك أو تهاتفني ، أسألك أو تسألني ” أينك ؟ ” …وإذا لم نلتقي يوما ، أسألك أو تسألني ” أين اختفيت اليوم ؟ ” …
يبكي العالم …يبكي بحرقة …يبكي بنيونس المرزوقي …
يبكي الطلبة ، كل الطلبة …يبكون أستاذهم … يبكون بنيونس …
يبكي الوطن مناضلا وطنيا …مناضلا وفيا للشعار والنشيد …
يبكي الوطن مفكر سخر ذكاء وفكره وذكاءه وإبداعه خدمة للوطن ودفاعا عن القضية الوطنية الأولى – الصحراء المغربية …
يبكي اليسار ، كل اليسار مناضلا يساريا حكيما ومنظرا لليسار
يبكي الاتحاديات ، كل الاتحاديات …يبكي الاتحاد الاشتراكي عقله وقلمه وأدبياته …
بنيونس أخي …رفيقي …حبيبي …أنت الحياة ونحن موتى بعدك … …لا جدوى من بقاء يفنى فيه بنيونس…
وفجأة ترحل …ترحل في غفلة منا …ونحن لا نطيق لك رحيلا …وجداننا بعدك عدم …ترحل وتترك لنا الفراغ العاطفي والخواء الانساني والكسل الفكري …
سافرت إلى فرنسا طلبا للعلم والمعرفة وأنت الطالبة المجدة والذكية والنابغة…واذا بك تصعدين إلى أعلى عليين….تسافرين الى الفردوس …فأنت أنت حمامة الجنة…
كنت مفكرا كبيرا …
كنت فقيها دستوريا…
وكنت كبيرا …وكنت بسيطا ومتواضعا…
الكتب خرست وكانت بوجودك تنطق…
الحزن يخيم على الوجود بكآبة قاتلة…
نشهد الدنيا ألا أستاذا إلا أنت…
عزاؤنا واحد …بنيونس غاب …وتغيب شمسنا …ويختفي المعلم …
الصدمة كبيرة والفاجعة أكبر…
هل نبكيك ؟! وهل البكاء قادر على إطفاء النار التي اشتعل لهيبها في كيان الوجود ….لا …لن نبكي لأنك لم تموت …كنت …ستستمر…ستخلد…ستستمر جاثما في قلب كل طالب وطالبة …في قلب الأحبة والأصدقاء …..في قلب كل من عرف أنك كنت تزرع الفكر …
بنيونس …اسمح لي فأنا آلمني عدم حضور جنازتك وانت صديق عزيز…استحال علي أن أمشي في جنازة قلب الحياة …وهل استطيع أن أمشي في جنازتك ونعشي فوق كتفي….
اليوم يتعطل البكاء …لن نودعك ونبكيك ، بل نقدر ونعتبر الخسارة التي لحقت الفكر والابداع …
نعم لم ولن تموت…فأنت رمز الحياة …انت اغنية حلوة وجميلة …
لن نبكيك … بل نبكي الفكر والتفكير…
بألم الانسان وجرح الوجود ، نطلب من الله عز وجل أن يرزقنا الصبر والسلوان …ونطلب لك الرحمة يا أستاذ الحياة ..