إنجاز : جمال الفكيكي
أحياء ناقصة التجهيز وغياب متنفس للسكان مقابل انتشار المباني الإسمنتية
تعاني مدينة بني بوعياش تأخيرا يعود إلى عقود من الزمن، سواء في مايتعلق بالخصاص المهول على جميع المستويات، أو المشاريع المهيكلة التي يعول عليها لجعل المدينة من المناطق التي يراد أن تكون قطبا حضريا يشرف قبيلة بني ورياغل التاريخية. ورغم أنه لايختلف اثنان في اعتبارها من أهم المناطق التي يراهن عليها لتكون مدينة قائمة بذاتها، وهي الواقعة على الطريق الرئيسية الرابطة بين الحسيمة والناظور، إلا أن بني بوعياش ماتزال متأخرة عن الركب لاحتفاظها بعدد من مظاهر التهميش، نظرا لتراكم مخلفات عجز المتعاقبين على تسييرها عن تأهيلها. وأصبحت بني بوعياش تدبر من قبل مجلس الجماعة الذي يضم 28 مستشارا. ويتشكل المجلس الحالي من خمسة أحزاب، وهي الأصالة والمعاصرة والتجمع الوطني للأحرار والاستقلال والتقدم والاشتراكية. ويعتمد سكان المدينة على التجارة وسيلة أساسية للعيش، إلى جانب الهجرة إلى الخارج أوالمدن الكبرى. كما تلعب الأنشطة التجارية دورا أساسيا في دعم ميزانية البلدية، مما يعكس أهمية التجارة في التنمية المحلية. وفي الوقت الذي تعتبر فيه بني بوعياش موقعا إستراتيجيا يربط بين الحسيمة وعدة مدن، إلا أن ذلك المؤهل لم يتم استغلاله من قبل القائمين على تسيير شؤونها لجعلها قطبا حضريا واعدا على غرار جارتها جماعة إمزورن، ماأدى إلى جعلها منطقة تترنح بين الترييف والتحضر، نتيجة ضريبة غالية التكلفة تتجلى في الآثار السلبية لتزايد الكثافة السكانية. وينتظر سكان بني بوعياش إخراج مجموعة من المشاريع منها ملاعب القرب والحدائق وفضاءات الترفيه من ثلاجة المجلس الجماعي لبلدية المدينة، حتى يستفيد السكان من مركب ثقافي وملاعب رياضية، تحتضن البراعم والشباب وتصقل المواهب وتحقق الإشعاع الثقافي، الذي يستجيب لتطلعات السكان الذين يعانون غياب مشاريع ثقافية ورياضية وترفيهية تخفف عنهم روتين الحياة اليومية. وتبقى المدينة تحمل في طياتها مزيجا من قصص الماضي وآمال المستقبل، لكن لتحقيق الآمال، لابد من تجاوز العراقيل والإكراهات وتسريع وتيرة المشاريع التنموية لضمان مستقبل أفضل لأبنائها.
تدهور البنية التحتية
من بين المشاكل التي تعانيها جماعة بني بوعياش، تدهور البنية التحتية، إذ رغم بعض الإصلاحات، مازالت هناك بعض النواقص التي تعيشها، منها على وجه الخصوص، الأحياء الهامشية التي تعاني طرقاتها وشوارعها كثرة الحفر وتشققها، خاصة بعد تهاطل الأمطار الأخيرة. وتظل وضعية شبكة الطرق ببعض الأحياء خاصة التي بنيت حديثا في منطقة ” إزاكيران ” في حالة متردية وغير معبدة بالشكل المطلوب، وتحتاج إلى إعادة تزفيتها، حيث تتحول بعضها إلى برك مائية وأوحال. كما أن الحي سالف الذكر يفتقر إلى قنوات الصرف الصحي، ماجعله خارج ركب التطور والتنمية. وتكشف بعض الطرق المهترئة وانعدام الفضاءات الترفيهية والمرافق العمومية الحيوية، واقعا مزريا يحتاج إلى تدخل من قبل المسؤولين لإعادة تأهيل هذه الأحياء. ويراهن المجلس الجماعي لبني بوعياش على استكمال مشاريع إعادة هيكلة الأحياء ناقصة التجهيز بالمدينة ومحيطها، وهي مجموعة من الأحياء التي تم إحداثها بسبب توسيع المدار الحضري. ويؤثر انتشار مجموعة من المنازل والعمارات شيدت بمناطق تؤثثها الأشجار والنباتات سلبا على مشهدها العمراني ومجال توسعها المستقبلي.
تنقيل السوق الأسبوعي بين الرفض والقبول
صادق المجلس الجماعي لبلدية بني بوعياش في إحدى دوراته العادية، على قرار يقضي بتنقيل السوق الأسبوعي بالمدينة، إلى منطقة ” تمرجيت ” الواقعة على حدود الجماعة مع دوار”بوقياضن” بجماعة النكور، ماكان رفضه التجار. وتبنى المجلس مقررا يهدف إلى التخلي عن السوق الحالي، بسبب حالته المتردية وتحويله إلى حي إداري يضم العديد من المؤسسات العمومية. وفي الوقت الذي كانت أثارت هذه النقطة جدلا واسعا في صفوف السكان، حيث تباينت الآراء بشكل واضح على مواقع التواصل الاجتماعي، إذ عبر تجار السوق، عن استيائهم من هذا القرار، مؤكدين أن تنقيل السوق إلى منطقة “تمرجيت ” سيكون له تأثير سلبي على الجماعة، وسيحرمها من مكسب مهم، كما سيؤثر سلبا على الحياة التجارية في المنطقة، أكد رئيس المجلس سعيد أكروح أن هذا القرار يأتي في إطار إستراتيجية الجماعة لتحقيق التنمية المستدامة وتحسين الخدمات العامة المقدمة للتجار والمتبضعين، واستجابة للتوسع العمراني الذي شهدته جماعة بني بوعياش. وتحدث العديد من المواطنين مع ” الصباح ” عن تراجع في عدد المتبضعين من السوق مقارنة مع السنوات المنصرمة، وقالوا إنه رغم قربه من وسط المدينة، فإنه يشكل أحد أهم معيقات التنمية المحلية، ويعاني من مشاكل تحول دون تبضع المواطنين في ظروف ملائمة، منها تردي أرضيته المتربة، وانتشار النفايات والأوساخ وانعدام شبكة تصريف مياه الأمطار، حيث يتحول السوق إلى برك مائية ومستنقعات، مايحول معه التجول داخله خلال تساقط الأمطار.
سبات ثقافي يخيم على المدينة
أجمعت العديد من الأصوات على أن مدينة بني بوعياش باتت في أمس الحاجة إلى بعض المسؤولين بحمولة ثقافية وفنية كبيرة، من أجل إنقاذ المدينة من السبات العميق الذي اجتاحها على المستوى الثقافي والفني، وأضر بمصلحتها على المستوى الاقتصادي. وأكد أحد الفاعلين السياسيين بالمدينة أن الأخيرة كانت إلى عهد قريب منارة ثقافية وفضاء إشعاعيا بفضل الدينامية المدنية التي عرفتها لسنوات خلت، إلا أن الواقع اليوم يؤشر عن فراغ قاتم تشهده المدينة على مستوى المبادرات الجمعوية والمدنية. وتتجلى هده الأمور في غياب أنشطة ثقافية وازنة، وغياب موائد مستديرة أوندوات أولقاءات وأنشطة فنية، ما جعل بعض الجمعيات تجمد أنشطتها، احتجاجا على عدم الاهتمام ببرامجها. على المقاس تنظيم مهرجانات ومستوى المبادرات الجمعوية والمدنية تسيير. ودعت الأصوات نفسها، إلى ضرورة إعادة النظر في المسألة الثقافية بالمنطقة، واصفة ما تعيشه المدينة بالبؤس الثقافي، داعية إلى إحداث مركب ثقافي ومكتبة عمومية وأرشفة التاريخ الثقافي للمنطقة وتنظيم مهرجانات وإحداث فرق محلية للموسيقى والمسرح.
فشل المركب التجاري بالمدينة
يعد المركب التجاري ببني بوعياش من المشاريع التي أثارت جدلا، سواء قبل إنجازه وكذا بعد افتتاحه، وراهن عليه المجلس الجماعي لبلدية بني بوعياش من أجل تحقيق إقلاع اقتصادي بالمدينة، لكن المركب وبعد مرور سنوات على افتتاحه يبدو أن واقعه ووضعيته عاكسا كل الرهانات والتطلعات، ما اعتبره العديد من المواطنين مشروعا فاشلا في تحقيق أهدافه المرجوة. فأغلب المحلات داخل المركب أصبحت مهجورة بعدما غادرها المستفيدون منها مفضلين عرض بضاعتهم خارجها، بل الأكثر من ذلك أصبح هذا الفضاء التجاري ملجأ للمشردين ولمتعاطي المخدات. وعبر العديد من المواطنين والتجار عن تذمرهم من الأوضاع السيئة والكارثية التي آل إليها المركب التجاري، خاصة على مستوى انعدام النظافة و سوء التنظيم. وطالب العديد من المهتمين بالشأن المحلي بضرورة العناية بهذا المركب، باعتباره لبنة اقتصادية وتجارية مهمة داخل المدينة، وإصلاح الاختلالات التي يعرفها. ورغم إقبال بعض المواطنين على التبضع منه في بعض المناسبات، فإن العديد من المهتمين بالشأن المحلي بالحسيمة، يؤكدون فشل هذا المشروع في القيام بدوره التجاري، وهذا ليس أمرا مبالغا فيه، بل واقع تعكسه وضعيته وحالته، حيث معظم محلاته مغلقة، إذ لايؤدي المستفيدون منها السومات الكرائية لها ما أرغم المجلس الجماعي إلى اللجوء للمحكمة، رغم أن الأخير كان اقترح عليهم أداء تلك المستحقات بالتقسيط.
استقرار في الأمن
وصفت مصادر مطلعة الوضع الأمني بالمدينة بالمستقر، حيث تعمل مختلف المصالح الأمنية بالمنطقة، على الحفاظ على الأمن والنظام العامين، وحماية أرواح وممتلكات المواطنين. واعتبرت المصادر نفسها معدل الجريمة بالمدينة من أضعف المعدلات على مستوى إقليم الحسيمة، والتي تصنف جلها في خانة الجنح البسيطة المرتبطة ببعض السرقات البسيطة. وتشتمل جهود مصالح الأمن على التدابير الأمنية اليومية لتوفير المناخ الأمني المناسب، والوقاية والاستباق لتغطية كافة التظاهرات والملتقيات، كيفما كان حجمها، والأنشطة اليومية والوقفات والمسيرات، والمناسبات. ولم يعد الأمن هاجسا بالنسبة إلى المواطنين بمدينة بني بوعياش حسب المصادر نفسها، بل أصبح هاجسهم هو ما يتعلق بالجوانب الاقتصادية، وذلك بسبب تمكين مختلف المصالح الأمنية من استتباب الامن بالمدينة إذ لا تسجل بالمنطقة أي جرائم مرتبطة باعتراض سبيل المواطنين أو الاعتداء عليهم وسلب أغراضهم.
أكروح : بني بوعياش فوق كل اعتبار
قال سعيد أكروح، رئيس المجلس الجماعي لبلدية بني بوعياش، من حزب الأصالة والمعاصرة، إن الجماعة أعدت، برنامجا يشخص حاجيات المدينة لتحقيق إقلاع تنموي في مستوى التطلعات، مضيفا أن جماعته تسير بخطى ثابتة نحو تحقيق التنمية الشاملة، مركزا على تطوير البنية التحتية وتحسين الخدمات الحضرية. وأكد أكروح ل” الصباح ” أن جميع الأحياء، خاصة الهامشية مستهدفة بمشاريع مستقبلية دون إقصاء، ويتم تمكينها من الحد الأدنى للبنية التحتية الضرورية خاصة تزفيت الشوارع وتثبيت قنوات الصرف الصحي، ما يعد بخلق بنية تحتية لتمكين الجماعة من استقطاب سكان مختلف الجماعات المجاورة، للرفع من الرواج الاقتصادي على المستوى المحلي. مشيرا إلى أن الجماعة ستعمل على إنجاز المشاريع وفق الإمكانيات المادية المتوفرة، فيما سيتم الترافع عن باقي المشاريع الأخرى المبرمجة في برنامج عمل الجماعة. وأضاف أكروح أن جماعة بني بوعياش كانت أطلقت الدراسات التقنية لإعادة تأهيل مجموعة من الأحياء بالمدينة، بعد حصول الجماعة على تمويل من وزارة إعداد التراب الوطني والتعمير والإسكان وسياسة المدينة ووزارة الداخلية تبلغ ميزانيته 10 ملايير سنتيم. وكشف رئيس المجلس أنه تقرر تهييء الفضاء الخارجي للمركب التجاري وتحويل المنطقة الخضراء المحادية للأخير إلى موقف للسيارات، وبناء مركز ثقافي بالمدينة لتعزيز المشهد الثقافي بالمدينة، وللاستجابة لتطلعات شباب وأطفال بني بوعياش، والمساهمة في دعم وتأهيل الطاقات والمواهب التي تزخر بها المنطقة. كما سيتم إحداث “كورنيش” بطول يبلغ كيلومترين. وأضاف أكروح أن من بين الإكراهات التي تواجهها الجماعة العجز في ميزايتها التي قدرها بثلاثة ملايير سنتيم، تلتهم منها أجور الموظفين مليونا و200 ألف درهم، و600 ألف درهم لمجموع الجماعات و650 ألف درهم لاستخلاص فواتير الماء والكهرباء.
أشهبار : اختلالات قانونية تسم تدبير الجماعة
قال سليمان أشهبار، أحد مستشاري المعارضة، إن مرور ثلاث سنوات ونصف من الزمن السياسي لهذه الولاية الانتدابية بجماعة بني بوعياش، كافية لمساءلة ما جاد به الزمن وربطه بالمنجز التنموي. وأكد أشهبار من حزب التجمع الوطني للأحرار، أن المعارضة قدمت للمجلس العديد من الاقتراحات والملتمسات والأسئلة، خلال انعقاد دورات المجلس قصد إثارة انتباه الرئيس إلى الحالة المزرية التي تتخبط فيها الشوارع والأزقة، غير أن الرئيس لم يتعاطى معها بالجدية المطلوبة، ما جعل المعارضة تتخوف من وجود مقاربات انتخابوية تحكم المنطق التدبيري للأغلبية، واصفا الدوائر التي يمثلها مستشارو المعارضة بأنها خارج الحسابات التنموية. ورغم مرور حصة الأسد من الزمن الانتدابي للمجلس، يضيف المستشار، فإن المكتب المسير للجماعة بات عاجزا عن إحداث أي مشروع يهم البنية التحتية، بحيث لا تخفى على عين أحد الحالة الكارثية التي ترزح تحتها العديد من الشوارع الرئيسية للجماعة، منها الطريق الوحيدة المؤدية إلى حي بوسلامة، بحيث يجد القاطنون صعوبات كبيرة لولوج حيهم خاصة أثناء وبعد التساقطات المطرية. وأشار أشهبار إلى أن واقع المنطقة يؤشر على فراغ قاتم تشهده المدينة على مستوى المبادرات الجمعوية والمدنية، حيث أن أغلب الجمعيات النشيطة توقفت أنشطتها بسبب غياب الحاضنة المؤسساتية من قبل الجماعة. وأكد العضو المستشار أنه رغم الغلاف المالي الضخم المخصص لبناء وتجهيز المركب التجاري الذي كان من الممكن أن يكون مشروعا مهيكلا للاقتصاد المحلي بالمدينة، إلا أنه لم يستطع الإسهام في تنشيط الحركة التجارية والاقتصادية بسبب سوء التدبير والارتجالية في التسيير، ما جعل أغلب المواطنين بالجماعة يفضلون التبضع من الجماعات المجاورة كإمزورن والحسيمة.
.