عبد العزيز حيون
قررت الحكومة الإسبانية فرض غرامات قد تصل الى نحو 150 ألف يورو لمن يسحب أو يودع أموالا نقدية دون تقديم إثبات لإدارة الضرائب ،وذلك في إطار تشديد وتكثيف الرقابة على العمليات المالية . ورغم أن الأمر قد يبدو غريباً بالنسبة لبعض الأشخاص، الذين يمارسون التجارة اليومية ، إلا أن العديد من الأشخاص ما زالوا يفضلون الدفع نقدا.
وتزايدت الرغبة لدى الحكومة الإسبانية بشأن إمكانية القضاء التام على التعامل بالنقود ، أي الأوراق النقدية والعملات المعدنية. ورغم أن هذا التغيير قد يؤدي إلى تقليص الثروات غير المعلنة وجعل الأنشطة الإجرامية ،مثل التهرب الضريبي وغسل الأموال والاقتصاد غير الرسمي، أكثر صعوبة، فإنه من شأنه أيضا أن يخلف عواقب وخيمة على المعاملات المالية البسيطة والمعتادة.
ومن بين السلبيات فقدان الخصوصية بشكل كامل في المعاملات التجارية والبيع والشراء اليومي العادي ، حيث سيتم تسجيل جميع الأنشطة التجارية حتى وإن كانت بسيطة . وعلاوة على ذلك، فإن النظام الرقمي الكامل يحمل مخاطر: انقطاع التيار الكهربائي، أو تعطل الكمبيوتر، أو وقوع هجوم سيبراني كبير يمكن أن يشل القدرة على إجراء المدفوعات بشكل كامل، مما يترك العديد من الناس دون إمكانية الوصول الفوري إلى أموالهم أو السلع الأساسية. وفي هذا السياق، أكدت وزارة المالية الإسبانية أنها قامت منذ عدة أشهر بتشديد وتكثيف الرقابة والتحقيقات في حركة الأموال المسحوبة من الحسابات البنكية أو المودعة فيها. وخاصة عندما تكون المبالغ كبيرة ولم يتم تبريرها مسبقاً لهيئة الضرائب.
وهذه إحدى الطرق التي تسعى بها الجهات المالية المعنية في إسبانيا إلى القضاء على ما يعرف ب”الأموال السوداء” والاقتصاد غير الشرعي وغير المهيكل وغير الشفاف.
وللقيام بذلك، تطلب الخزينة العامة الإسبانية إثبات مصدر الأموال، أي تبرير أصلها في حالة إيداع الأموال ، ومن ناحية أخرى، فإنها تطالب أيضاً بتوضيح أسباب سحب النقود، بشرط أن تكون المبالغ كبيرة.
فما هي المبالغ المالية التي يجب تبريرها لهيئة الضرائب؟
فرغم أن المؤسسات المالية الإسبانية لم تحدد المبالغ، إلا أنه جرى التأكيد على أن الأبناك ملزمة بموجب القانون بإخطار الخزينة العامة بأي معاملة نقدية تساوي أو تزيد عن 3000 يورو، وإذا تم إيداع أو سحب مبالغ متوسطة مثل 1000 يورو في أيام مختلفة، فسوف يعتبر هذا أيضًا “أمرًا مشبوهًا”، وقد يتخذون إجراءات للتحقيق في المسألة.
وكيف يمكن تبرير هذه السحوبات والإيداعات النقدية الكبيرة؟
وتوضح هيئة الضرائب الإسبانية أن إحدى أفضل الطرق لإثبات وتبرير المبالغ المودعة والمسحوبة من البنك بشكل صحيح هي من خلال، على سبيل المثال، الوثائق مثل فواتير الدفع أو العقود أو الميراث المستلم. إذا لم يتم إثبات ذلك بشكل كافٍ، تحتفظ مؤسسات الدولة المالية بالحق في فرض عقوبات تصل إلى 150٪ من الأموال المعنية، والتي قد تترجم إلى غرامات تصل إلى 150.000 يورو .