كتب:عبد العزيز حيون
في حادثة غريبة وقعت في كرواتيا، وبعد عشر سنوات من العمل المتواصل من قِبل فريقين لبناء جسر في منطقة جبلية صخرية، كانت النتيجة صادمة: نصفا الجسر لم يتطابقا عند الاتصال.
الجسر لم يكن متناسقا لا رأسيا، ولا أفقيا، ولا حتى على مستوى المحور الرئيسي.
خطأ ثلاثي الأبعاد سبّب صدمة للمهندسين وأدى إلى سلسلة من الكوارث التقنية، حتى وصفه البعض بأنه ” أغلى نصب تذكاري لفشل الهندسة الأوروبية ” بحسب موقع Mariolina Ravioli.
كيف وقع هذا الخطأ؟
أولا، التأخيرات: امتدت الأشغال لأكثر من 10 سنوات، ما جعل المواد (خصوصا الفولاذ) تتعرض لتشوهات بسبب تغير درجات الحرارة.
ثانيا، اهتراء الأدوات: فالدقة في القياسات تراجعت بسبب تقادم التجهيزات.
ثالثا، أخطاء الحسابات الصغيرة: تحولت مع الوقت إلى انحرافات هندسية ضخمة.
رابعا، توقف المشروع: نقص التمويل أوقف الأعمال لفترات طويلة، ما ترك البنية عرضة للعوامل الجوية. وعند استئنافها، تغيّر كل شيء.
و رغم هذا الفشل الثلاثي، لم يرمِ الكرواتيون المنشأ في سلة المهملات، بل لجؤوا إلى حل دقيق: استخدام رافعات هيدروليكية ذات تحكم دقيق لتحريك الأجزاء العملاقة.
و تم تركيب رافعات هيدروليكية متزامنة، كل واحدة تضغط على جزء معين من الجسر بقوة محسوبة. ومن خلال حركات تدريجية ومراقبة دقيقة، تم “تدليك” نصفي الجسر حتى تطابقا بدقة مليمترية.
هذا الحادث يُعد من أندر الأخطاء الهندسية، حيث تشير التقديرات إلى أن مثل هذه الكوارث تحدث في أقل من 2٪ من المشاريع الكبرى.
الصورة من الأرشيف