عرفت مواقع الضمان الاجتماعي في المغرب خلال الآونة الأخيرة اختراقًا خطيرًا أثار قلق الرأي العام، ودق ناقوس الخطر حول هشاشة الأمن السيبراني في مؤسسات حيوية تمس الحياة اليومية للمواطنين. ورغم شح التفاصيل الرسمية حول طبيعة الهجوم الإلكتروني، إلا أن المصادر تشير إلى استهداف قاعدة بيانات ضخمة تتضمن معلومات حساسة، ما يضع المغرب أمام تحديات متزايدة في مجال الأمن المعلوماتي.
ما الذي حدث؟
تداولت تقارير إعلامية ومصادر شبه رسمية أن مواقع مرتبطة بالصندوق الوطني للضمان الاجتماعي (CNSS) قد تعرضت لهجوم سيبراني، رجّح أنه نُفذ باستخدام تقنيات متطورة، مما أدى إلى توقف مؤقت لبعض الخدمات الإلكترونية وتسبب في ارتباك إداري واسع. هذا النوع من الهجمات يعكس تصاعد المخاطر الرقمية التي تواجه البنية التحتية الحيوية في البلاد.
رد السلطات والمسؤولين: أرقام مقلقة وإجراءات عاجلة
في جلسة أمام لجنة الخارجية بمجلس النواب، كشف عبد اللطيف لوديي، الوزير المنتدب المكلف بإدارة الدفاع الوطني، عن معطيات مثيرة للقلق. فقد شهد المغرب خلال سنة 2024 ما مجموعه 644 هجومًا إلكترونيًا، تطلب 134 منها تدخلات ميدانية مباشرة من قبل مركز اليقظة والرصد والتصدي للهجمات المعلوماتية.
وأشار لوديي إلى أن المديرية العامة لأمن نظم المعلومات قامت بتعزيز الحماية على 64 منصة إلكترونية ومحمولة حيوية، وأصدرت 16 تنبيهًا حول ثغرات حرجة، ووزعت 1050 إشعارًا و575 نشرة أمنية، كما نفذت 25 تدخلًا في مراكز العمليات الأمنية عبر سبع جهات.
هذه الأرقام تكشف عن واقع هش وضرورة الانتقال من منطق رد الفعل إلى منطق الاستباق والتخطيط الاستراتيجي.
ما الذي يجب على الدولة فعله؟
في ضوء هذا الاختراق والتقارير المتزايدة عن الهجمات السيبرانية، يصبح من الضروري اتخاذ مجموعة من الإجراءات العاجلة والاستراتيجية، أبرزها:
- تعزيز البنية القانونية: إصدار قوانين أكثر صرامة لحماية البيانات الشخصية ومعاقبة الاختراقات السيبرانية.
- تسريع التحول الرقمي الآمن: تطوير الأنظمة المعلوماتية في المؤسسات الحيوية كالضمان الاجتماعي والصحة والتعليم، مع اعتماد بروتوكولات أمن متقدمة.
- الاستثمار في الكفاءات السيبرانية: تكوين متخصصين في الأمن الرقمي وتوظيفهم ضمن هيئات عمومية وخاصة.
- التعاون الدولي: توسيع نطاق التعاون مع الجهات الدولية المتقدمة في مجال الأمن السيبراني، لمواكبة التهديدات العابرة للحدود.
- التوعية المجتمعية: إطلاق حملات وطنية لتحسيس المواطنين والمؤسسات بخطورة الهجمات وطرق الوقاية منها.
خلاصة
إن ما جرى لمواقع الضمان الاجتماعي ليس حدثًا معزولًا، بل هو إنذار بوجود ثغرات عميقة في البنية الرقمية الوطنية. ومع استمرار تطور الهجمات الإلكترونية، لا خيار أمام المغرب سوى التسلح برؤية أمنية رقمية شاملة، تحفظ أمن المواطن، واستقرار الدولة، وثقة المستثمر.