انعقد يوم الأحد 27 يوليوز 2025، بمقر حزب العدالة والتنمية بمدينة الحسيمة، المؤتمر الإقليمي الخامس للحزب تحت شعار “النضال من أجل مصداقية الاختيار الديمقراطي وكرامة المواطن”. وقد عرف اللقاء حضور عدد من مناضلي الحزب ومنتخبيه، إلى جانب قيادات جهوية، في مقدمتهم عضو الكتابة الجهوية بجهة طنجة تطوان الحسيمة محمد المرابط، والكاتب الإقليمي المهدي صالحي، وخلص المؤتمر إلى إصدار بيان ختامي تضمن مواقف الحزب بشأن عدد من القضايا المحلية والوطنية والدولية.
وتوقفت الكلمة الافتتاحية التي ألقاها محمد المرابط عند التحولات الجيوسياسية الجارية على المستوى الدولي، مشددًا على أن القضية الفلسطينية ما تزال تشكّل بعدًا مركزيًا في هذه التفاعلات، ومعتبرًا أن ملامح نظام عالمي جديد بصدد التشكل مع صعود قوى بديلة كالصين وعودة روسيا كفاعل مؤثر. ولفت المرابط إلى أن هذه التحولات تؤكد تراجع الأحادية القطبية وبداية تشكل نظام دولي متعدد الأقطاب، بما يحمله ذلك من تحديات وفرص أمام الدول النامية.
وعبّر عضو الكتابة الجهوية للحزب عن قلق الحزب من الأوضاع الداخلية التي تعرفها البلاد، خاصة في ظل ما وصفه بغلاء المعيشة وتدهور القدرة الشرائية، وتنامي مؤشرات الاحتقان الاجتماعي. كما أشار إلى ما اعتبره ركودًا سياسيًا وتراجعًا لحرية التعبير، مبرزًا أن هذه الوضعية تعكس انسداد أفق الإصلاح، في وقت تحتاج فيه البلاد إلى ضخ نفس ديمقراطي جديد يعيد الثقة للمواطنين ويعيد التوازن للمشهد السياسي الوطني.
وعلى المستوى المحلي، أشار الكاتب الإقليمي للحزب المهدي صالحي، إلى التراجع الديموغرافي المقلق الذي يشهده إقليم الحسيمة، نتيجة ارتفاع وتيرة الهجرة، خاصة في صفوف الشباب. وسجّل صالحي، حسب ما أورده البيان الختامي، أن هذه الفئة تعاني من نسب بطالة مرتفعة وغياب فرص إدماج حقيقية، داعيًا إلى إطلاق مشاريع تنموية مندمجة تفتح الآفاق أمام الطاقات الشابة وتعيد الأمل لساكنة الإقليم.
وأشار البيان الختامي للمؤتمر إلى أن الرأي العام المحلي يتابع بقلق شديد غياب توضيحات رسمية بخصوص عدد من القضايا ذات الصلة بتدبير الشأن العام، وفي مقدمتها مآلات تقارير التفتيش التي أنجزتها المفتشية العامة لوزارة الداخلية والمجلس الجهوي للحسابات. كما طرح البيان علامات استفهام حول الطريقة التي تم بها تفويت بعض العقارات التابعة لأملاك الدولة إلى الخواص، مطالبًا بكشف تفاصيل هذه العمليات ومدى احترامها للمقتضيات القانونية.
وعبّر المؤتمرون، حسب البيان، عن اعتزازهم بانتمائهم السياسي وبالتجربة التي راكمها الحزب في تدبير الشأن العام محليًا ووطنيا، مؤكدين استمرار دعمهم لنضالات الشعب الفلسطيني باعتبار قضيته مركزية في وجدان الحزب. كما شددوا على أن الوفاء للقضية الفلسطينية يظل ثابتًا من ثوابت الحزب، بغض النظر عن التقلبات السياسية والدولية، وأنه لا يمكن الحديث عن كرامة الشعوب دون إحقاق العدالة للشعب الفلسطيني.
ودعا البيان الحكومة والسلطات الإقليمية والمحلية إلى اتخاذ إجراءات فورية للحد من غلاء الأسعار وضمان استقرار القدرة الشرائية، محذرًا من تداعيات هذا الوضع على السلم الاجتماعي. كما طالب بإعادة الاعتبار للمسار الإصلاحي ومباشرة إصلاحات اقتصادية حقيقية تعزز الثقة في المؤسسات وتستجيب لمطالب الفئات الهشة والمتوسطة، التي تضررت بشكل كبير من الأوضاع الحالية.
كما اعتبر البيان أن ما تعانيه العديد من الجماعات الترابية بالإقليم من اختلالات على مستوى التسيير يعكس فشل “الهندسة الانتخابية المفروضة” خلال اقتراع 8 شتنبر 2021، وهي الوضعية التي سبق للحزب أن نبّه إلى خطورتها على الاستقرار السياسي والاجتماعي بالمنطقة. وأكد البيان أن نتائج هذا الاقتراع أفرزت مشهدًا مشتتًا، غابت فيه الفعالية والنجاعة في تدبير الشأن المحلي، وهو ما انعكس سلبًا على مصالح الساكنة وجودة الخدمات العمومية.
ونوّه البيان بالمجهودات التي يبذلها مستشارو حزب العدالة والتنمية بكل من جماعتي الحسيمة والنكور، مؤكدًا حرصهم على تمثيل الساكنة والدفاع عن قضاياها بكل مسؤولية داخل المجالس المنتخبة. كما جدّد المؤتمرون المطالبة بإطلاق سراح ما تبقى من معتقلي حراك الريف، والعمل على تسوية هذا الملف بشكل نهائي، بما قد يفتح الباب لانفراج سياسي محلي ووطني، ويسهم في تهدئة الأوضاع وتحقيق مصالحة مجتمعية شاملة.