أثار القرار العاملي الأخير المتعلق بتحديد تسعيرة سيارات الأجرة الصغيرة داخل المدار الحضري لمدينة الحسيمة جدلاً واسعاً، خصوصاً على مواقع التواصل الاجتماعي، التي تحولت إلى منصات لنقاش محتدم بين مؤيدين ومعارضين. وبينما اعتبره البعض خطوة نحو تنظيم القطاع وتحسين جودة خدمات النقل، رأى فيه آخرون عبئاً إضافياً يُثقل كاهل المواطنين في سياق اقتصادي صعب.
ورغم أن التعديل الجديد لا يتضمن زيادة كبيرة في التعريفة الأساسية السابقة، فإن مصدر الجدل الأبرز يتمثل في فرض أداء إضافي على الحمولة التي تتجاوز 15 كلغ. هذا الإجراء فُسر من طرف العديد من المواطنين باعتباره “ضريبة غير معلنة” وغير عملي، في حين دافع عنه مهنيون معتبرين إياه ضرورة ملحة لمواجهة ارتفاع تكاليف الاستغلال والضغط المالي الذي يتحمله السائقون.
من جهة أخرى، يرى المدافعون عن القرار أن الزيادة الطفيفة التي عرفتها التسعيرة اتخذت بانسجام تام مع الواقع الاقتصادي والاجتماعي المحلي، خاصة مع التقلبات المتواصلة في أسعار المحروقات وتكاليف الصيانة. ويؤكد هؤلاء أن القرار سيساهم في استقرار المهنة، وتحسين ظروف اشتغال السائقين، بما يعود بالنفع على جودة الخدمات المقدمة للساكنة والزوار.
في المقابل، لم تُخف شرائح واسعة من المواطنين امتعاضها من القرار، مشيرة إلى أنه لا يراعي القدرة الشرائية لذوي الدخل المحدود، الذين يعتمدون على سيارات الأجرة كوسيلة تنقل أساسية. كما عبّر عدد من المعلقين عن استيائهم من تجاهل الجوانب الأخرى المؤثرة في جودة النقل، كالهندام المهني للسائقين وتعامل بعضهم، داعين إلى إصلاح شامل لا يقتصر فقط على الجانب المالي.
وتأتي هذه الإجراء، الذي سيدخل حيز التطبيق يوم غد الاثنين 28 يوليوز، في سياق سلسلة من الإجراءات التي تهدف إلى تأهيل قطاع النقل الحضري بالحسيمة، وضمان تنظيمه بشكل أكثر عدالة واستدامة. وقد سبقتها محاولات مماثلة في مدن أخرى، غالباً ما أثارت ردود فعل متباينة، ما يجعل من قرار الحسيمة محط أنظار الرأي العام المحلي والمهنيين على حد سواء.
ويرى متتبعون أن مدى نجاح هذا القرار سيظل رهيناً بتفاعل الأطراف المعنية، وبمدى فعالية آليات المراقبة التي سيتم اعتمادها لضمان الالتزام بالتسعيرة وضبط التجاوزات. فالرهان الحقيقي، كما يؤكد العديد من الأصوات، يكمن في تحقيق توازن عادل بين حماية مصالح السائقين وضمان تنقل لائق وبأسعار مقبولة لفائدة المواطنين.