مهام رقابية كشفت سلوكات احتيالية وملفات تمت إحالتها على النيابة العامة
توعد المجلس الأعلى للحسابات مانحي الأموال العمومية، والمستفيدين منها، بأوخم العواقب، في حال واصلوا تقديم الدعم العمومي، رغم علمهم بأن تلك الأموال تصرف في غير الأهداف المحددة لها، أو تم تحويلها إلى مشاريع خاصة.
وكشف عبد الوهاب قادري، رئيس الغرفة الأولى بالمجلس الأعلى للحسابات، في ندوة رعاها المجلس الأعلى للحسابات، بمشاركة فيروز جمال، رئيسة فرع بالغرفة الأولى بالمجلس الأعلى للحسابات، مساء أول أمس (الخميس)، بالمعرض الدولي للكتاب بالرباط، عن بعض السلوكات الاحتيالية، إذ سجلت بعض المهام الرقابية حالات تمت إحالتها على النيابة العامة، تتعلق باستعمال غير سليم للدعم العمومي، سواء من قبل بعض المدبرين العموميين، أو رؤساء جماعات ترابية، أو من قبل جمعيات مستفيدة من الدعم.
وقدم المتحدث نفسه أمثلة على ذلك باستعمال جمعيات موازية آلية غير مباشرة لإنجاز مشاريع جماعية، إذ تم رصد حالات قام بها بعض رؤساء الجماعات بإحداث أو دعم جمعيات موازية، غالبا ما تكون تحت نفوذهم المباشر، أو تدار من قبل مقربين منهم، بهدف إنجاز مشاريع تنموية ممولة من الميزانية الجماعية، أو من الدعم العمومي، مثل تهيئة المسالك القروية، والمشاريع المدرة للدخل، وتبين أن بعض هذه الجمعيات تتعامل مع شركات خاصة يمتلكها الرئيس نفسه، أو له مصالح مباشرة فيها، ما يشكل حالة واضحة من حالات تضارب المصالح، وتتعارض مع مبادئ النزاهة والحياد في تدبير الشأن العام.
وتم تسجيل حالات أخرى لجمعيات تنشط في مجالات اجتماعية وتربوية، حصلت على تمويل عمومي موجه لإنجاز برامج أو أنشطة محددة، غير أنها لم تلتزم بتخصيص الدعم العمومي للغايات التي منحت لأجلها، بسبب غياب التتبع المالي والمحاسبي الدقيق من قبل الجهاز المانح للدعم، ما أدى، حسب قادري، إلى استعمال تلك الأموال في أغراض شخصية، أو غير منصوص عليها في الاتفاقيات أو غير مثبتة بوثائق داعمة، ما يعد إخلالا صريحا بشروط الاستفادة، ويعرضها للمساءلة القانونية.
وقدم رئيس الغرفة الأولى بالمجلس الأعلى للحسابات، بعض المؤشرات المتعلقة بتوزيع الدعم العمومي للدولة، حسب المستفيدين، خلال الفترة الممتدة بين 2020 و2022، إذ بلغ 17 مليار درهم، نالت جمعيات المجتمع المدني منه 10.24 ملايير درهم، أي ما يعادل 61 في المائة، وحصلت مؤسسات وجمعيات الأعمال الاجتماعية على 3.18 ملايير درهم، أي 20 في المائة، تلتها المقاولات الخاصة بـ1.17 مليار درهم، أي 7 في المائة، ثم الأجهزة أخرى بـ2.02 مليار درهم أي 12 في المائة.
وبخصوص تشديد الرقابة والإحالات على القضاء بالنسبة إلى مؤسسات عمومية كبرى، توصلت بالدعم وظهرت اختلالات، ومدى وجود تنسيق العمل مع مفتشيات الوزارات، قال قادري، في معرض جوابه عن أسئلة «الصباح»، إن الأصل في الرقابة، ليس هو العقاب، بل المساعدة، عبر التوصيات، لتحسين التدبير المالي والنجاعة في الأداء، لوجود من وصفهم بـ «أولاد وبنات الناس»، بناء على مراقبة بمعايير مشروعة وموضوعية في صرف المال العام، وفي حال اكتشف استعمال الأموال لغير الغاية المحددة لها، أو لأغراض شخصية، تتم إحالتها على النيابة العامة التي قد تكيف الأفعال إلى اختلاس أو تبديد أموال عمومية. وحبذ المسؤول نفسه عدم تقديم إحصائيات في مجال عدد الملفات المحالة على القضاء حاليا، بمبرر واجب التحفظ، مضيفا أن مانحين رفضوا منح جمعيات أموالا، تطبيقا للتوصيات، لأنها خرقت القانون، وأن هناك تنسيقا بين المجلس الأعلى للحسابات، ومفتشيات الوزارات، إذ وقف وزراء على أفعال مخالفة للقانون، ورفعوا تقارير المفتشيات إلى مجلس الحسابات الذي اتخذ القرارات المناسبة، بينها الإحالة على القضاء.
أحمد الأرقام